الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا جَعَلْنَا لَكَ -يَا مُحَمَّدُ -أَعْدَاءً يُخَالِفُونَكَ، وَيُعَادُونَكَ [[في م، أ: "ويعاندونك".]] جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ قَبْلِكَ أَيْضًا أَعْدَاءً فَلَا يَهِيدنَّك ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٨٤] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا [حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا] [[زيادة من م، أ.]] ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٣٤] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ [فُصِّلَتْ: ٤٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ [وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا] [[زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".]] ﴾ [الفرقان: ٤٣] .
وَقَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: [إِنَّهُ] [[زيادة من م، أ.]] لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ [[رواه البخاري في صحيحه برقم (٣) ومسلم في صحيحه برقم (١٦٠) من حديث عائشة، رضي الله عنها.]]
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ﴾ بَدَلٌ مِنْ ﴿عَدُوًّا﴾ أَيْ: لَهُمْ أَعْدَاءٌ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ وَلَعَنَهُمْ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ [تَعَالَى] [[زيادة من أ.]] ﴿شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ﴾ قَالَ: مِنَ الْجِنِّ شَيَاطِينُ، وَمِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينُ، يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ قَتَادَةُ: وَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ يَوْمًا يُصَلِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "تَعَوَّذ [[في م: "تعوذت".]] يَا أَبَا ذَرٍّ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ". فَقَالَ: أَوَ إِنَّ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينَ [[في م، أ: "لشياطين".]] ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [[في م، أ: "قال النبي".]] ﷺ: "نَعَمْ".
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ قَتَادَةَ وَأَبِي ذَرٍّ [[تفسير عبد الرزاق (١/٢٠٩) .]] وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ [[في أ: "وقال".]] ابْنُ جَرِيرٍ:
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَشْيَخَةِ، عَنِ ابْنِ [[في م: "أبي".]] عَائِذٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي مَجْلِسٍ قَدْ أَطَالَ فِيهِ الْجُلُوسَ، قَالَ، فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ صَلَّيْتَ؟ ". قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ". قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ فجلستُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَعَوَّذْتَ بِاللَّهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ لِلْإِنْسِ مِنْ شَيَاطِينَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، هُمْ شَرٌّ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ".
وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ انْقِطَاعٌ [[تفسير الطبري (١٢/٥٣) .]] وَرُوِيَ مُتَّصِلًا كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، أَنْبَأَنِي أَبُو [[في أ: "ابن أبي".]] عُمَرَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْخَشْخَاشِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسْتُ فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ صَلَّيْتَ؟ ". قُلْتُ: لَا. قَالَ: "قُمْ فَصَلِّ". قَالَ: فَقُمْتُ فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ جَلَسْتُ فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، تَعَوَّذْ بِالْلَّهِ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ". قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِلْإِنْسِ شَيَاطِينُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ بِطُولِهِ.
وَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيه فِي تَفْسِيرِهِ، مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، وَيَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، ثَلَاثَتِهِمْ عَنِ المسعودي، به [[المسند (٥/١٧٨) وقال الهيثمي في المجمع (١/١٦٠) : "فيه المسعودي وهو ثقة وقد اختلط".]] طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنَا [[في أ: "بن"]] حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَعَوَّذْتَ بِالْلَّهِ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ؟ ". قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِلْإِنْسِ مِنْ شَيَاطِينَ؟ قَالَ: "نَعَمْ" [[تفسير الطبري (١٢/٥٣) .]]
طَرِيقٌ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْف الحِمْصي، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا مُعَانُ [[في أ: "معاذ".]] بْنُ رِفَاعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] [[زيادة من أ.]] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا أَبَا ذَرٍّ تعوذتَ [[في م: "تعوذت بالله".]] مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ [[في أ: "يانبي".]] اللَّهِ، وَهَلْ لِلْإِنْسِ [مِنْ] [[زيادة من أ.]] شَيَاطِينَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، شياطينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا" [[ورواه أحمد في مسنده (٥/٢٦٥) من طريق أبي المغيرة به مطولا. وقال الهيثمي في المجمع (١/١٥٩) : "مداره على علي بن زيد وهو ضعيف".]]
فَهَذِهِ طُرُقٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَمَجْمُوعُهَا يُفِيدُ قُوَّتَهُ وَصِحَّتَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيم، عَنْ شَرِيك، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمة: ﴿شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ﴾ قَالَ: لَيْسَ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينُ، وَلَكِنْ شَيَاطِينُ الْجِنِّ يُوحُونَ إِلَى شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، وَشَيَاطِينُ الْإِنْسِ يُوحُونَ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْحَارِثُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّي، عَنْ عِكْرِمة فِي قوله: ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ قَالَ: لِلْإِنْسِيِّ [[في م، أ: "للإنس".]] شَيْطَانٌ، وَلِلْجِنِّيِّ [[في م، أ: "وللجن".]] شَيْطَانٌ [[في أ: "شياطين".]] فَيَلْقَى شَيْطَانُ الْإِنْسِ شَيْطَانَ الْجِنِّ، فَيُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا.
وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّي، عَنْ عِكْرِمة فِي قَوْلِهِ: ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: أَمَّا شَيَاطِينُ الْإِنْسِ، فَالشَّيَاطِينُ الَّتِي تُضِلُّ الْإِنْسَ [[في أ: "الناس".]] وَشَيَاطِينُ الْجِنِّ الَّذِينَ يُضِلُّونَ الْجِنَّ، يَلْتَقِيَانِ، فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِنِّي أَضْلَلْتُ صَاحِبِي بِكَذَا وَكَذَا، فأضْلِل أَنْتَ صَاحِبَكَ بِكَذَا وَكَذَا، فَيُعَلِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
فَفَهِمَ [[في م: "فهم".]] ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ هَذَا؛ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَيَاطِينِ الْإِنْسِ عِنْدَ عِكْرِمة والسُّدِّي: الشَّيَاطِينُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ يُضِلُّونَ النَّاسَ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ [[في م: "من".]] شَيَاطِينُ الْإِنْسِ مِنْهُمْ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ عِكْرِمة، وَأَمَّا كَلَامُ السُّدِّي فَلَيْسَ مِثْلَهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ نَحْوَ هَذَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ، عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ لِلْجِنِّ شَيَاطِينَ يضلونهم مثل شياطين الإنس يُضِلُّونَهُمْ، قَالَ: فَيَلْتَقِي شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَشَيَاطِينُ الْجِنِّ، فَيَقُولُ هَذَا لِهَذَا: أَضْلِلْهُ بِكَذَا، أَضْلِلْهُ [[في م: "وأضلله".]] بِكَذَا. فَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ [[في أ: "في".]] حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: إِنَّ لِلْإِنْسِ شياطين منهم، وشيطان كل شيء ما رده، وَلِهَذَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ" [[صحيح مسلم برقم (٥١٠) .]] وَمَعْنَاهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: شَيْطَانٌ فِي الْكِلَابِ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: كُفَّارُ الْجِنِّ شَيَاطِينُ، يُوحُونَ إِلَى شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، كُفَّارِ الْإِنْسِ، زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمة قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ فَأَكْرَمَنِي وَأَنْزَلَنِي حَتَّى كَادَ [[في أ: "كان".]] يَتَعَاهَدُ مَبِيتِي بِاللَّيْلِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَحَدِّثِ النَّاسَ. قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْوَحْيِ؟ فَقُلْتُ: الْوَحْيُ وَحْيَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿بِمَا [[في أ: "إنا" وهو خطأ.]] أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ﴾ [يُوسُفَ: ٣] ، وَقَالَ [اللَّهُ] [[زيادة من م، أ.]] تَعَالَى: ﴿شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ قَالَ: فَهَمُّوا بِي أَنْ يَأْخُذُونِي، فَقُلْتُ: مَا لَكُمْ ذَاكَ، إِنِّي مُفْتِيكُمْ وَضَيْفُكُمْ. فَتَرَكُونِي.
وَإِنَّمَا عَرَضَ عِكْرِمة بِالْمُخْتَارِ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي عُبَيْدٍ -قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ، وَقَدْ كَانَتْ أُخْتُهُ صَفِيَّةُ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَكَانَتْ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَلَمَّا أُخْبِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ: صَدَقَ، [قَالَ] [[زيادة من م.]] اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٢١] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ أَيْ: يُلْقِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ الْمُزَيَّنَ الْمُزَخْرَفَ، وَهُوَ الْمُزَوَّقُ الَّذِي يَغْتَرُّ سَامِعُهُ مِنَ الْجَهَلَةِ بِأَمْرِهِ.
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ أَيْ: وَذَلِكَ كُلُّهُ بِقَدَرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ نَبيّ عَدُوٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ.
﴿فَذَرْهُمْ﴾ أَيْ: فَدَعْهُمْ، ﴿وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ أَيْ: يَكْذِبُونَ، أَيْ: دَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فِي عَدَاوَتِهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيكَ وَنَاصِرُكَ عَلَيْهِمْ.
* * *
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ﴾ أَيْ: وَلِتَمِيلَ إِلَيْهِ -قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - ﴿أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾ أَيْ: قُلُوبُهُمْ وَعُقُولُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ.
وَقَالَ السُّدِّي: قُلُوبُ الْكَافِرِينَ، ﴿وَلِيَرْضَوْهُ﴾ أَيْ: يُحِبُّوهُ وَيُرِيدُوهُ. وَإِنَّمَا يَسْتَجِيبُ لِذَلِكَ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ. مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ. إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصَّافَّاتِ: ١٦١ -١٦٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ. يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٨، ٩] .
وَقَالَ السُّدِّي، وَابْنُ زَيْدٍ: وَلِيَعْمَلُوا مَا هُمْ عَامِلُونَ.
{"ayahs_start":112,"ayahs":["وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوࣰّا شَیَـٰطِینَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ یُوحِی بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضࣲ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورࣰاۚ وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا یَفۡتَرُونَ","وَلِتَصۡغَىٰۤ إِلَیۡهِ أَفۡـِٔدَةُ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ وَلِیَرۡضَوۡهُ وَلِیَقۡتَرِفُوا۟ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ"],"ayah":"وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوࣰّا شَیَـٰطِینَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ یُوحِی بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضࣲ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورࣰاۚ وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا یَفۡتَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق