الباحث القرآني

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ مُنْذُ بَعَثَ نُوحًا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمْ يُرْسِلْ بَعْدَهُ رَسُولًا وَلَا نَبِيًّا إِلَّا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، لَمْ يُنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ كِتَابًا وَلَا أَرْسَلَ رَسُولًا وَلَا أَوْحَى إِلَى بَشَرٍ مِنْ بَعْدِهِ، إِلَّا وَهُوَ مِنْ سُلَالَتِهِ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [يَعْنِي] [[زيادة من أ.]] حَتَّى كَانَ آخِرُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الَّذِي بَشَّرَ مِنْ بَعْدِهِ بِمُحَمَّدٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإنْجِيلَ﴾ وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾ وَهُمُ الْحَوَارِيُّونَ ﴿رَأْفَةً وَرَحْمَةً﴾ أَيْ: رَأْفَةً وَهِيَ الْخَشْيَةُ ﴿وَرَحْمَةً﴾ بِالْخَلْقِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾ أَيِ: ابْتَدَعَتْهَا أُمَّةُ النَّصَارَى ﴿مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ أَيْ: مَا شَرَعْنَاهَا لَهُمْ، وَإِنَّمَا هُمُ الْتَزَمُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾ فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ قَصَدُوا بِذَلِكَ رِضْوَانَ اللَّهِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةُ. وَالْآخَرُ: مَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ذَلِكَ إِنَّمَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ أَيْ: فَمَا قَامُوا بِمَا الْتَزَمُوهُ حَقَّ الْقِيَامِ. وَهَذَا ذَمٌّ لَهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: فِي الِابْتِدَاعِ فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ اللَّهُ. وَالثَّانِي: فِي عَدَمِ قِيَامِهِمْ بِمَا الْتَزَمُوهُ مِمَّا زَعَمُوا أَنَّهُ قُرْبَةٌ يُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ أَبُو يَعْقُوبَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا السِّنْدِيُّ بْنُ عَبْدَوَيْهِ [[في م: "السندي بن عبد ربه"، وفي أ: "السري بن عبد ربه".]] حَدَّثَنَا بُكَيْر بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقاتِل بْنِ حَيَّان، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا ابْنَ مَسْعُودٍ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؟ لَمْ يَنْجُ مِنْهَا إِلَّا ثَلَاثُ فِرَقٍ، قَامَتْ بَيْنَ الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ بَعْدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَعَتْ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَدِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَقَاتَلَتِ الْجَبَابِرَةَ فقُتلت فَصَبَرَتْ وَنَجَتْ، ثُمَّ قَامَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهَا قُوَّةٌ بِالْقِتَالِ، فَقَامَتْ بَيْنَ الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ فَدَعَوْا إِلَى دِينِ اللَّهِ وَدِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَقُتِّلَتْ وَقُطِّعَتْ بِالْمَنَاشِيرِ وَحُرِّقَتْ بِالنِّيرَانِ، فَصَبَرَتْ وَنَجَتْ. ثُمَّ قَامَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهَا قُوَّةٌ بِالْقِتَالِ وَلَمْ تُطِقِ الْقِيَامَ بِالْقِسْطِ، فَلَحِقَتْ بِالْجِبَالِ فَتَعَبَّدَتْ وَتَرَهَّبَتْ، وَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [[ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١٠/٢١١) من طريق هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، عن بكير بن معروف به نحوه، وبكير بن معروف متكلم فيه.]] وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ بِلَفْظٍ آخَرَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فَقَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، حَدَّثَنَا الصَّعِق بْنُ حَزْن، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ الْجَعْدِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اخْتَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلنَا عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، نَجَا مِنْهُمْ ثَلَاثٌ وَهَلَكَ سَائِرُهُمْ ... " وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: " ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَصَدَّقُونِي ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ وَهُمُ الَّذِينَ كَذَّبُونِي وَخَالَفُونِي" [[تفسير الطبري (٢٧/١٣٨) .]] وَلَا يَقْدَحُ فِي هَذِهِ الْمُتَابَعَةِ لِحَالِ دَاوُدَ بْنِ الْمُحَبَّرِ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْوَضَّاعِينَ لِلْحَدِيثِ، وَلَكِنْ [[في م: "ولكن".]] قد أسنده أَبُو يَعْلَى، وَسَنَدُهُ [[في أ: "في مسنده".]] عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخ، عَنِ الصَّعِق بْنِ حَزْن، بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ [[ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١٠/٢٧٢) من طريق محمد الحضرمي، عن شيبان به، ورواه الحاكم في المستدرك (٢/٤٨٠) من طريق عبد الرحمن بن المبارك، عن الصعق بن حزن به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي. قلت: "ليس بصحيح، فإن فيه الصعق بن حزن، عن عقيل بن يحيى، والصعق وإن كان موثقًا، فإن شيخه قال فيه البخاري: منكر الحديث".]] فَقَوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ-وَاللَّفْظُ لَهُ-: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْث، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [[في م، أ: "عنه".]] قَالَ: كَانَ مُلُوكٌ بَعْدَ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَدَّلَتِ التَّوْرَاةَ والإنجيل، فكان منهم مؤمنون يقرؤون التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، فَقِيلَ لِمُلُوكِهِمْ: مَا نَجِدُ شَيْئًا أشد من شتم يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٤٤] ، هَذِهِ [[في م، أ: "هؤلاء".]] الْآيَاتُ، مَعَ مَا يَعِيبُونَنَا بِهِ مِنْ أَعْمَالِنَا فِي قِرَاءَتِهِمْ، فَادْعُهُمْ فليقرؤوا كَمَا نَقْرَأُ، وَلِيُؤْمِنُوا كَمَا آمَنَّا. فَدَعَاهُمْ فَجَمَعَهُمْ وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ أَوْ يَتْرُكُوا قِرَاءَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، إِلَّا مَا بَدَّلُوا مِنْهَا، فَقَالُوا: مَا تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِكَ؟ دَعُونَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ: ابْنُوا لَنَا أُسْطُوَانَةً، ثُمَّ ارْفَعُونَا إِلَيْهَا، ثُمَّ أَعْطُونَا شَيْئًا نَرْفَعُ بِهِ طَعَامَنَا وَشَرَابَنَا فَلَا نَرُدُّ عَلَيْكُمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: دَعُونَا نَسِيحُ فِي الْأَرْضِ وَنَهِيمُ وَنَشْرَبُ كَمَا يَشْرَبُ الْوَحْشُ، فَإِنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْنَا فِي أَرْضِكُمْ فَاقْتُلُونَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ابْنُوا لَنَا دُورًا فِي الْفَيَافِي، وَنَحْتَفِرُ الْآبَارَ وَنَحْتَرِثُ [[في م: "ونحرث".]] الْبُقُولَ فَلَا نَرُدُّ عَلَيْكُمْ وَلَا نَمُرُّ بِكُمْ. وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْقَبَائِلِ إِلَّا لَهُ حَمِيمٌ فِيهِمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ وَالْآخَرُونَ قَالُوا: نَتَعَبَّدُ كَمَا تَعَبَّدَ فُلَانٌ، وَنَسِيحُ كَمَا سَاحَ فُلَانٌ، وَنَتَّخِذُ دُورًا كَمَا اتَّخَذَ فُلَانٌ، وَهُمْ عَلَى شِرْكِهِمْ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِإِيمَانِ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِمْ [[في م: "به".]] فَلَمَّا بُعث النَّبِيُّ ﷺ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، انْحَطَّ مِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ، وَجَاءَ سَائِحٌ مِنْ سِيَاحَتِهِ، وَصَاحِبُ الدَّيْرِ مِنْ دَيْرِهِ، فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ، فَقَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ أَجْرَيْنِ بِإِيمَانِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَبِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَتَصْدِيقِهِمْ قَالَ [[في م: "كما قال".]] ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ [الْحَدِيدِ: ٢٨] : الْقُرْآنَ، وَاتِّبَاعَهُمُ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ﴿لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بِكُمْ ﴿أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [[تفسير الطبري (٢٧/١٣٨) وسنن النسائي (٨/٢٣١) .]] هَذَا السِّيَاقُ فِيهِ غَرَابَةٌ، وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ عَلَى غَيْرِ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ: أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وأبوه على أنس بن مَالِكٍ بِالْمَدِينَةِ زَمَانَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَمِيرٌ، وَهُوَ يُصَلِّي صَلَاةً خَفِيفَةً [[في أ، م "خفيفة وقعة".]] كَأَنَّهَا صَلَاةُ مُسَافِرٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَرَأَيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، أَمْ شَيْءٌ تَنَفَّلْتَهُ؟ قَالَ: إِنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ، وَإِنَّهَا صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا أَخْطَأْتُ إِلَّا شَيْئًا سَهَوْتُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يَقُولُ: "لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشُدِّدَ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ، رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ". ثُمَّ غَدَوْا مِنَ الْغَدِ فَقَالُوا: نَرْكَبُ فَنَنْظُرُ وَنَعْتَبِرُ قَالَ: نَعَمْ فَرَكِبُوا جَمِيعًا، فَإِذَا هُمْ بِدِيَارٍ قَفْرٍ قَدْ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَرَضُوا وَفَنَوْا، خَاوِيَةٍ عَلَى عُرُوشِهَا فَقَالُوا: تَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ؟ قَالَ: مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا. هَؤُلَاءِ أَهْلُ الدِّيَارِ، أَهْلَكَهُمُ الْبَغْيُ وَالْحَسَدُ، إِنَّ الْحَسَدَ يُطْفِئُ نُورَ الْحَسَنَاتِ، وَالْبَغْيُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ، وَالْعَيْنَ تَزْنِي وَالْكَفَّ وَالْقَدَمَ وَالْجَسَدَ وَاللِّسَانَ، وَالْفَرْجَ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ [[مسند أبي يعلى (٦/٣٦٥) .]] وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يعمُر، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدٍ العَمِّي، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ رَهْبَانِيَّةٌ، وَرَهْبَانِيَّةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" [[المسند (٣/٢٦٦) وفيه زيد العمى ضعيف.]] وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ بِهِ وَلَفْظُهُ: "لِكُلِّ أُمَّةٍ رَهْبَانِيَّةٌ، وَرَهْبَانِيَّةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" [[مسند أبي يعلى (٧/٢١٠) .]] وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ -هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ-حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ -يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ-عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مَرْوَانَ [[في م: "هارون".]] الْكَلَاعِيِّ، وَعُقَيْلِ بْنِ مُدْرِكٍ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: أَوْصِنِي فَقَالَ: سَأَلْتَ عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ قَبْلِكَ، أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأَسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ رُوحُكَ فِي السَّمَاءِ وَذِكْرُكَ فِي الْأَرْضِ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ [[المسند (٣/٨٢) وقال الهيثمي في المجمع (٤/٢١٥) : "رجال أحمد ثقاب".]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب