الباحث القرآني
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْحَدِيدِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّة بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَان، عن بن أَبِي بِلَالٍ، عَنْ عِرْبَاض بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ، وَقَالَ: "إِنَّ فِيهِنَّ آيَةً أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طُرُقٍ عَنْ بَقِيَّةَ، بِهِ [[المسند (٤/١٢٨) وسنن أبي داود برقم (٥٠٥٧) وسنن الترمذي برقم (٣٤٠٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٠٢٦)]] وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي السَّرْحِ، عَنِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ... فَذَكَرُهُ مُرْسَلا لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بِلَالٍ، وَلَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ [[سنن النسائي الكبرى برقم (١٠٥٥١) .]]
وَالْآيَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ هِيَ-وَاللَّهُ أَعْلَمُ-قَوْلُهُ: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ [[في م، أ: "سيأتي بيانه قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل".]]
* * *
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يُسَبِّحُ لَهُ مَا في السموات وَالْأَرْضِ أَيْ: مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٤٤] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ أَيِ: الَّذِي قَدْ خَضَعَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ ﴿الْحَكِيمُ﴾ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَشَرْعِهِ
﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ أَيْ: هُوَ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ فَيُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أَيْ: مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: أَنَّهَا أَفْضَلُ من ألف آية.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ-يَعْنِي بْنَ عَمَّارٍ-حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْل قَالَ: سألت بن عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ أَجِدُهُ فِي صَدْرِي؟ قَالَ مَا هُوَ؟ قُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ: فَقَالَ لِي أَشَيْءٌ مِنْ شَكٍّ؟ قَالَ -وَضَحِكَ -قَالَ: مَا نَجَا مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ قَالَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ [لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ] ﴾ [[زيادة من م.]] الْآيَةَ [يُونُسَ:٩٤] قَالَ: وَقَالَ لِي: إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [[سنن أبي داود برقم (٥١١٠) .]]
وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَقْوَالُهُمْ عَلَى نَحْوٍ مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ يَحْيَى: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [[صحيح البخاري (١٣/٣٦١) "فتح".]]
قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ: يَحْيَى هَذَا هُوَ بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ، لَهُ كِتَابٌ سَمَّاهُ: "مَعَانِي الْقُرْآنِ".
وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُهيل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَدْعُو [[في م: "يقول".]] عِنْدَ النَّوْمِ: "اللَّهُمَّ، رب السموات السَّبْعِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الْأَوَّلُ لَيْسَ [[في م: "فليس".]] قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ لَيْسَ [[في م: "فليس"]] بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ لَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ. اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ" [[المسند (٢/٤٠٤) .]]
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيل قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ: أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ، ربّ السموات وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ، أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ.
وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ [[صحيح مسلم برقم (٢٧١٣) .]]
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ نَحْوَ هَذَا، فَقَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُ بِفِرَاشِهِ فَيُفْرَشُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَوَى إِلَيْهِ تَوَسَّدَ كَفَّهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ هَمَسَ-مَا يُدْرَى مَا يَقُولُ-فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ رفع صوته فقال: "اللهم، رب السموات السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، إِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ، وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ، أَنْتَ الْأَوَّلُ الَّذِي لَيْسَ [[في م: "فليس".]] قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ" [[مسند أبي يعلى (٨/٢١٠) .]]
السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا ابْنُ عَمِّ الشَّعْبِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا عبدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ-الْمَعْنَى وَاحِدٌ-قَالُوا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَ الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ وَأَصْحَابُهُ، إِذْ أَتَى عَلَيْهِمْ سَحَاب فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "هَذَا العَنَان، هَذِهِ رَوَايا الْأَرْضِ تَسُوقُهُ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْكُرُونَهُ وَلَا يَدْعُونه". ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَكُمْ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ " فَإِنَّهَا الرَّقِيعُ، سَقْفٌ مَحْفُوظٌ، وَمَوْجٌ مَكْفُوفٌ". ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ". ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: " فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ سَمَاءٌ [[في م: "سماء بعد سماء".]] بُعدُ مَا بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خمسمائة سنة-حتى عدَّ سبع سموات-مَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ". ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ بُعدُ [[في م، أ: "مثل بعد".]] مَا بَيْنَ السَّمَاءَيْنِ". ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْتَكُمْ؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّهَا الْأَرْضُ". ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْتَ ذَلِكَ؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّ تَحْتَهَا أَرْضًا أُخْرَى بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ-حَتَّى عدَّ [[في م: "عدد".]] سَبْعَ أَرَضِينَ-بَيْنَ كُلِّ أَرْضَيْن مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ". ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّكُمْ دَليتم بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ"، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، ويُروى عَنْ أَيُّوبَ وَيُونُسَ-يَعْنِي بْنَ عُبَيْدٍ-وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالُوا: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالُوا: إِنَّمَا هَبَط عَلَى علْم اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَقَدْرَتُهُ وَسُلْطَانُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ، كَمَا وَصَفَ فِي كِتَابِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ [[سنن الترمذي برقم (٣٢٩٨) .]]
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُرَيْجٍ، عَنِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فَذَكَرَهُ، وَعِنْدَهُ بُعدُ مَا بَيْنَ الأرْضين مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ، وَقَالَ: "لَوْ دَلَّيْتُمْ أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى السَّابِعَةِ لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ"، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
وَرَوَاهُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَذْكُرِ بن أَبِي حَاتِمٍ آخِرَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: "لَوْ دَلَّيْتُمْ بِحَبْلٍ"، وَإِنَّمَا قَالَ: "حَتَّى عَدّ سَبْعَ أَرَضِينَ بَيْنَ كُلِّ أَرْضَيْنِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ"، ثُمَّ تَلَا ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَمْ يَرْوِهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَّا أبو هريرة.
ورواه بن جَرِيرٍ، عَنْ بِشْرٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ ثَارَ عَلَيْهِمْ سَحَابٌ، فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟ " [[تفسير الطبري (٢٧/١٢٤) .]] وَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَ سِيَاقِ التِّرْمِذِيِّ سَوَاءً، إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍ الْغِفَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ [[الأسماء والصفات للبيهقي (ص ٥٠٦) من طريق أحمد بن عبد الجبار، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي نصر، عن أبي ذر، ومن طريق البيهقي رواه الجوزقاني في الأباطيل (١/٦٨) وقال: "هذا حديث منكر"]] وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَفِي مَتْنِهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطَّلَاقِ "١٢"] حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الْتَقَى أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَرْسَلَنِي رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ، مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَتَرَكْتُهُ ثَمّ، قَالَ الْآخَرُ: أَرْسَلَنِي رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَتَرَكْتُهُ ثَمّ، قَالَ الْآخَرُ: أَرْسَلَنِي رَبِّي مِنَ الْمَشْرِقِ وَتَرَكْتُهُ ثَمّ، قَالَ الْآخَرُ: أَرْسَلَنِي رَبِّي مِنَ الْمَغْرِبِ وَتَرَكْتُهُ ثَمّ [[تفسير الطبري (٢٨/٩٩) .]]
وَهَذَا [حَدِيثٌ] [[زيادة من م.]] غَرِيبٌ جِدًّا، وَقَدْ يَكُونُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ موقوفًا على قتادة كما روي هاهنا من قوله، والله أعلم.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ","هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡـَٔاخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ"],"ayah":"سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق