يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي تَسْمِيَتِهِمُ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى، وَجَعْلِهِمْ لَهَا أَنَّهَا بَنَاتُ اللَّهِ، كَمَا قَالَ: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ١٩] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم﴾ أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ صَحِيحٌ يُصَدِّقُ مَا قَالُوهُ، بَلْ هو كذب وزور وافتراء، وكفر شنيع. ﴿ٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ أَيْ: لَا يُجْدِي شَيْئًا، وَلَا يَقُومُ أَبَدًا مَقَامَ الْحَقِّ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ" [[صحيح البخاري برقم (٥١٤٣) وصحيح مسلم برقم (٢٥٦٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾ أَيْ: أعرِضْ عَنِ الَّذِي أعرَضَ عَنِ الْحَقِّ وَاهْجُرْهُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أَيْ: وَإِنَّمَا [[في م: "وإنا".]] أَكْثَرُ [[في أ: "أكبر".]] هَمِّهِ وَمَبْلَغُ عِلْمِهِ الدُّنْيَا، فَذَاكَ هُوَ غَايَةُ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ. وَلِذَلِكَ [[في م، أ: "ولهذا".]] قَالَ: ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ أَيْ: طَلَبُ الدُّنْيَا وَالسَّعْيُ لَهَا هُوَ غَايَةُ مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] [[زيادة من م.]] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ، وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ" [[المسند (٦/٧١) .]] وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: "اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا".
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ أَيْ: هُوَ الْخَالِقُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَالْعَالَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَنْ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَهُوَ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَجُورُ أَبَدًا، لَا فِي شَرْعِهِ وَلَا في قَدَره.
{"ayahs_start":27,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ لَیُسَمُّونَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ تَسۡمِیَةَ ٱلۡأُنثَىٰ","وَمَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِن یَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّۖ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لَا یُغۡنِی مِنَ ٱلۡحَقِّ شَیۡـࣰٔا","فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا وَلَمۡ یُرِدۡ إِلَّا ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا","ذَ ٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ لَیُسَمُّونَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ تَسۡمِیَةَ ٱلۡأُنثَىٰ"}