الباحث القرآني
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ، الَّذِينَ حِينَ تَلَا عَلَيْهِمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْحَبَشَةِ الْقُرْآنَ بَكَوْا حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ. وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، وَقِصَّةُ جَعْفَرٍ مَعَ النَّجَاشِيِّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَير والسُّدِّي وَغَيْرُهُمَا: نَزَلَتْ فِي وَفْد بَعَثَهُمُ النَّجَاشِيُّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ، وَيَرَوْا صِفَاتِهِ، فَلِمَا قَرَأَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ الْقُرْآنَ أَسْلَمُوا وبَكَوا وخَشَعوا، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فَأَخْبَرُوهُ.
قَالَ السَّدِّيُّ: فَهَاجَرَ النَّجَاشِيُّ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ.
وَهَذَا مِنْ إِفْرَادِ السُّدِّيِّ؛ فَإِنَّ النَّجَاشِيَّ مَاتَ وَهُوَ مَلِكُ الْحَبَشَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ مَاتَ، وَأَخْبَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ.
ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي عِدة هَذَا الْوَفْدِ، فَقِيلَ: اثْنَا عَشَرَ، سَبْعَةُ قَسَاوِسَةٍ [[في أ: "قساقسة".]] وَخَمْسَةُ رَهَابين. وَقِيلَ بِالْعَكْسِ. وَقِيلَ: خَمْسُونَ. وَقِيلَ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ. وَقِيلَ: سَبْعُونَ رَجُلًا. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. [[في أ: "والله أعلم".]]
وَقَالَ عَطاء بْنُ أَبِي رَباح: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَبَشَةِ، أَسْلَمُوا حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مُهَاجرَة الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ قَوْمٌ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَلَمَّا رَأَوُا الْمُسْلِمِينَ وَسَمِعُوا الْقُرْآنَ أَسْلَمُوا وَلَمْ يَتَلَعْثَمُوا. وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ هَذِهِ [الْآيَةَ] [[زيادة من أ.]] نَزَلَتْ فِي صِفَةِ أَقْوَامٍ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنَ الْحَبَشَةِ أَوْ غَيْرِهَا.
فَقَوْلُهُ [تَعَالَى] [[زيادة من أ.]] ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ مَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ كُفْرِ الْيَهُودِ عِنَادٌ وَجُحُودٌ وَمُبَاهَتَةٌ لِلْحَقِّ، وغَمْط لِلنَّاسِ وتَنَقص بِحَمَلَةِ الْعِلْمِ. وَلِهَذَا قَتَلُوا كَثِيرًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى هَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَيْرَ مَرَّةٍ وَسَحَرُوهُ، وألَّبوا عَلَيْهِ أَشْبَاهَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ -عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ [[في ر، أ: "التابعة".]] إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُويَه عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السُّرِّي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَبِيبٍ الرَّقي، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْعَلَّافُ بْنُ الْعَلَّافِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا خَلَا يَهُودِيٌّ قَطُّ بِمُسْلِمٍ [[في أ: "بمسلم قط".]] إِلَّا هَمَّ [[في ر: "وهم".]] بِقَتْلِهِ".
ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ اليَشْكُرِي [[في أ: "العسكري".]] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ أَيُّوبَ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيد اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا خَلَا يَهُودِيٌّ بِمُسْلِمٍ إِلَّا حَدَّثَتْ [[في ر، أ: "إلا حدث".]] نَفْسُهُ بِقَتْلِهِ". وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جدًا. [[ورواه ابن حبان في المجروحين (٣/١٢٢) من طريق يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة به وقال: "يحيى بن عبيد الله ابن موهب القرشي يروي عن أبيه ما لا أصل له، فلما كثر ذلك عنه، سقط عن الاحتجاج به".
ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٨/٣١٦) من وجه آخر: من طريق جرير بن حازم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه به، وقال: "هذا حديث غريب جدًا من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة، ومن حديث جرير بن حازم عن ابن سيرين لم أكتبه إلا من حديث خالد بن يزيد، عن وهب بن جرير".]] وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ أَيِ: الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ نَصَارَى مِنْ أَتْبَاعِ الْمَسِيحِ وَعَلَى مِنْهَاجِ إِنْجِيلِهِ، فِيهِمْ مَوَدَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ، إِذْ كَانُوا عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ مِنَ الرِّقَّةِ وَالرَّأْفَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً﴾ [الْحَدِيدِ: ٢٧] وَفِي كِتَابِهِمْ: مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ الْأَيْمَنِ فَأَدِرْ لَهُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ. وَلَيْسَ [[في ر: "ليس".]] الْقِتَالُ مَشْرُوعًا فِي مِلَّتِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أَيْ: يُوجَدُ فِيهِمُ الْقِسِّيسُونَ -وَهُمْ خُطَبَاؤُهُمْ وَعُلَمَاؤُهُمْ، وَاحِدُهُمْ: قِسِّيسٌ وقَس أَيْضًا، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى قُسُوسٍ-وَالرُّهْبَانُ: جَمْعُ رَاهِبٍ، وَهُوَ: الْعَابِدُ. مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّهْبَةِ، وَهِيَ [[في ر، أ: "وهو".]] الْخَوْفُ كَرَاكِبٍ وَرُكْبَانٍ، وَفَارِسٍ وَفُرْسَانٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ يَكُونُ الرُّهْبَانُ وَاحِدًا وجَمْعُه رَهَابِينُ، مِثْلُ قُرْبَانٍ وَقَرَابِينَ، وجُرْدان وجَرَادين [[في ر: "وجوذان وجواذين".]] وَقَدْ يُجْمَعُ [[في أ: "وقد جمع".]] عَلَى رَهَابِنَةٍ. وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَاحِدًا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَوْ عَاينَتْ [[في ر " عاتبت ".]] رُهْبان دَيْر فِي القُلَل ... لانْحدَر الرُّهْبَان يَمْشي وَنَزَلْ [[تفسير الطبري (١٠/٥٠٣) ".]]
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا بِشْر بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا نُصَير بْنُ أَبِي الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنِي الصَّلْتُ الدَّهَّانُ، عَنْ حَامِيَةَ بْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَلْمَانَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] : [[زيادة من أ.]] ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ فَقَالَ: دَعِ "الْقِسِّيسِينَ" فِي الْبَيْعِ وَالْخَرِبِ، أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينِ وَرُهْبَانًا". [[ورواه البخاري في التاريخ الكبير (٨/١١٦) من طريق معاوية بن هشام، عن نصير بن زياد به.]]
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الحمَّاني، عَنْ نُصير بْنِ زِيَادٍ الطَّائِيِّ، عَنْ صَلْت الدِّهَانِ، عَنْ حَامِيَةَ بْنِ رِئَاب، عَنْ سَلْمَانَ، بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَهُ أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الحمَّاني، حَدَّثَنَا نُصَير بْنُ زِيَادٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا صَلْتٌ الدَّهَّانُ، عَنْ حَامِيَةَ بْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ قَالَ: هُمُ الرُّهْبَانُ الَّذِينَ هُمْ فِي الصَّوَامِعِ والخرَب، فَدَعَوْهُمْ فِيهَا، قَالَ سَلْمَانُ: وَقَرَأْتُ [[في أ: "قرأت".]] عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ [وَرُهْبَانًا] ﴾ [[زيادة من أ.]] فَأَقْرَأَنِي: "ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صديقين ورهبانا". [[ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٦/٢٦٦) من طريق يحيى الحماني به. وقال الهيثمي في المجمع (٧/١٧) : "فيه يحيى الحماني ونصير بن زياد وكلاهما ضعيف".]] فَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ تَضَمَّنَ وَصْفَهُمْ بِأَنَّ فِيهِمُ الْعِلْمَ وَالْعِبَادَةَ وَالتَّوَاضُعَ، ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِالِانْقِيَادِ لِلْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ وَالْإِنْصَافِ، فَقَالَ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ أَيْ: مِمَّا عِنْدَهُمْ مِنَ البشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ أَيْ: مَعَ مَنْ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ هَذَا وَيُؤْمِنُ بِهِ.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الفَلاس، عَنْ عُمَرَ [[في ر، أ: "عمرو".]] بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّم، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] [[زيادة من أ.]] قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي النَّجَاشِيِّ وَفِي أَصْحَابِهِ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [[سنن النسائي الكبرى برقم (١١١٤٨) .]]
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو شُبَيْل عُبَيد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ نَافِعٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ قَتَادَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا كَرَابِينَ -يَعْنِي: فَلَّاحِينَ-قَدِمُوا مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ آمَنُوا وَفَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "وَلَعَلَّكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى أَرْضِكُمُ انْتَقَلْتُمْ [[في أ: "انقلبتم".]] إِلَى دِينِكُمْ". فَقَالُوا: لَنْ نَنْتَقِلَ عَنْ دِينِنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ. [[المعجم الكبير (١٢/٥٥) وقال الهيثمي في المجمع (٧/١٨) : "فيه العباس بن الفضل الأنصاري وهو ضعيف".]]
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَابْنُ مَرْدويه، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ طَرِيقِ سِماك عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ أَيْ: مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَأَمَّتِهِ هُمُ [[في د، ر، أ: "وهم".]] الشَّاهِدُونَ، يَشْهَدُونَ لِنَبِيِّهِمْ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَلِلرُّسُلِ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا. ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. [[المستدرك (٢/٣١٣) .]]
﴿وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾ وَهَذَا الصِّنْفُ مِنَ النَّصَارَى هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [[زيادة من أ.]] ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ [لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِِ] ﴾ [[زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".]] الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ:١٩٩] ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ] ﴾ [[زيادة من ر، أ، وفي هـ: "إلى قوله".]] إِلَى قَوْلِهِ ﴿لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص:٥٢-٥٥] ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى هَهُنَا: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ [[في ر: "الأنهار خالدين فيها".]] أَيْ: فَجَازَاهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ وَاعْتِرَافِهِمْ بِالْحَقِّ ﴿جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أَيْ: سَاكِنِينَ [[في ر، أ: "ماكثين".]] فِيهَا أَبَدًا، لَا يُحَوَّلُونَ وَلَا يَزُولُونَ، ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ أَيْ: فِي اتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ وَانْقِيَادِهِمْ لَهُ حَيْثُ كَانَ، وَأَيْنَ كَانَ، وَمَعَ مَنْ كَانَ.
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ فَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ أَيْ: جَحَدُوا بِهَا وَخَالَفُوهَا ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ أَيْ: هُمْ أَهْلُهَا وَالدَّاخِلُونَ إِلَيْهَا.
{"ayahs_start":82,"ayahs":["۞ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَ ٰوَةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّا نَصَـٰرَىٰۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّیسِینَ وَرُهۡبَانࣰا وَأَنَّهُمۡ لَا یَسۡتَكۡبِرُونَ","وَإِذَا سَمِعُوا۟ مَاۤ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰۤ أَعۡیُنَهُمۡ تَفِیضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُوا۟ مِنَ ٱلۡحَقِّۖ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِینَ","وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَاۤءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن یُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِینَ","فَأَثَـٰبَهُمُ ٱللَّهُ بِمَا قَالُوا۟ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ وَذَ ٰلِكَ جَزَاۤءُ ٱلۡمُحۡسِنِینَ","وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِیمِ"],"ayah":"۞ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَ ٰوَةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّا نَصَـٰرَىٰۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّیسِینَ وَرُهۡبَانࣰا وَأَنَّهُمۡ لَا یَسۡتَكۡبِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق