الباحث القرآني

يَنْهَى تَعَالَى عَنِ السُّخْرِيَةِ بِالنَّاسِ، وَهُوَ احْتِقَارُهُمْ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "الكِبْر بَطَرُ الْحَقِّ وغَمْص النَّاسِ" وَيُرْوَى: "وَغَمْطُ النَّاسِ" [[صحيح مسلم برقم (٩١) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.]] وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ: احْتِقَارُهُمْ وَاسْتِصْغَارُهُمْ، وَهَذَا حَرَامٌ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُحْتَقَرُ أَعْظَمَ قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ السَّاخِرِ مِنْهُ الْمُحْتَقِرِ لَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ﴾ ، فَنَصَّ عَلَى نَهْيِ الرِّجَالِ وَعَطَفَ بِنَهْيِ النِّسَاءِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أَيْ: لَا تَلْمِزُوا النَّاسَ. والهمَّاز اللَّماز مِنَ الرِّجَالِ مَذْمُومٌ مَلْعُونٌ، كَمَا قَالَ [تَعَالَى] : [[زيادة من ت.]] ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ [الْهُمَزَةِ: ١] ، فَالْهَمْزُ بِالْفِعْلِ وَاللَّمْزُ بِالْقَوْلِ، كَمَا قَالَ: ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [الْقَلَمِ: ١١] أَيْ: يَحْتَقِرُ النَّاسَ وَيَهْمِزُهُمْ طَاعِنًا عَلَيْهِمْ، وَيَمْشِي بَيْنَهُمْ بِالنَّمِيمَةِ وَهِيَ: اللَّمْزُ بِالْمَقَالِ؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ ، كَمَا قَالَ: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النِّسَاءِ: ٢٩] أَيْ: لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [[في م: "أي: لا يطعن بعذكم على بعض".]] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّان: ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أَيْ: لَا يَطْعَنْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ﴾ أَيْ: لَا تَتَدَاعَوْا بِالْأَلْقَابِ، وَهِيَ الَّتِي يَسُوءُ الشَّخْصَ سَمَاعُهَا. قَالَ [[في ت: "وروى".]] الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَبِيرة [[في ت: "عن أبي جبيرة".]] بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلِمَةَ: ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ﴾ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ فِينَا رَجُلٌ إِلَّا وَلَهُ اسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَكَانَ إِذَا دُعِىَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَغْضَبُ مِنْ هَذَا. فَنَزَلَتْ: ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ﴾ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ وُهَيْب، عَنْ دَاوُدَ، بِهِ [[المسند (٤/٢٦٠) وسنن أبي داود برقم (٤٩٦٢) ورواه الترمذي في السنن برقم (٣٢٦٨) مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: "حديث حسن صحيح".]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ﴾ أَيْ: بِئْسَ الصِّفَةُ وَالِاسْمُ الْفُسُوقُ وَهُوَ: التَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ، كَمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَنَاعَتُونَ، بَعْدَمَا دَخَلْتُمْ [[في ت: "دخلوا".]] فِي الْإِسْلَامِ وَعَقَلْتُمُوهُ، ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ﴾ أَيْ: مِنْ هَذَا ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب