يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يُعَذِّبُ بِهِ [عِبَادَهُ] [[زيادة من ت، أ.]] الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ لِلِقَائِهِ: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ﴾
وَالْأَثِيمُ أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، وَهُوَ الْكَافِرُ. وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ [[في ت: "وروى ابن جرير بإسناده".]] عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنْ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يُقْرِئُ رَجُلًا ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ﴾ فَقَالَ: طَعَامُ الْيَتِيمِ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قُلْ: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْفَاجِرِ. أَيْ: لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرُهَا.
قَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَوْ وَقَعَتْ مِنْهَا قَطْرَةٌ فِي [[في ت: "على".]] الْأَرْضِ لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مَعَايِشَهُمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿كَالْمُهْلِ﴾ قَالُوا: كَعَكَرِ الزَّيْتِ ﴿يَغْلِي فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ أَيْ: مِنْ حَرَارَتِهَا وَرَدَاءَتِهَا.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾ أَيْ: [خُذُوا] [[زيادة من ت.]] الْكَافِرَ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا قَالَ لِلزَّبَانِيَةِ ﴿خُذُوهُ﴾ ابْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْهُمْ.
﴿فَاعْتِلُوهُ﴾ أَيْ: سُوقُوهُ سَحْبًا وَدَفْعًا فِي ظَهْرِهِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾ أَيْ: خُذُوهُ فَادْفَعُوهُ.
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
لَيسَ الكِرَامُ بِنَاحِلِيكَ أَبَاهُمُ ... حَتَّى تُرَدَّ إِلَى عَطيَّة تُعْتَلُ [[في أ: "مقتل".]] [[البيت في تفسير الطبري (٢٥/٨٠) .]]
﴿إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ أَيْ: وَسَطِهَا.
﴿ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ﴾ كَقَوْلِهِ ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ. يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾ [الْحَجِّ: ١٩، ٢٠] .
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَلَكَ يَضْرِبُهُ بِمِقْمَعَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، تَفْتَحُ [[في أ: "فيفتح".]] دِمَاغَهُ، ثُمَّ يُصَبُّ الْحَمِيمُ عَلَى رَأْسِهِ فَيَنْزِلُ فِي بَدَنِهِ، فَيَسْلِتُ مَا فِي بَطْنِهِ مِنْ أَمْعَائِهِ، حَتَّى تَمْرُقَ [[في أ: "يمزق".]] مِنْ كَعْبَيْهِ -أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ أَيْ: قُولُوا لَهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّهَكُّمِ وَالتَّوْبِيخِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ لَسْتَ بِعَزِيزٍ وَلَا كَرِيمٍ.
وَقَدْ قَالَ [[في ت: "روى".]] الْأُمَوِيُّ فِي مُغَازِيهِ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا جَهْلٍ -لَعَنَهُ اللَّهُ-فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ لَكَ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى. ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [الْقِيَامَةِ: ٣٤، ٣٥] قَالَ: فَنَزَعَ ثَوْبَهُ مِنْ يَدِهِ [[في ت، أ: "بدنه".]] وَقَالَ: مَا تَسْتَطِيعُ لِي أَنْتَ وَلَا صَاحِبُكَ مِنْ شَيْءٍ. وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنِّي أَمْنَعُ [[في ت: "أني من أمنع".]] أَهْلِ الْبَطْحَاءِ، وَأَنَا الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. قَالَ: فَقَتَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ بَدْرٍ وَأَذَلَّهُ وَعَيَّرَهُ بِكَلِمَتِهِ، وَأَنْزَلَ: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [[ذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/٤١٨) وهو مرسل.]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾ ، كَقَوْلِهِ ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا. هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ﴾ [الطور: ١٣ -١٥] ، ؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾
{"ayahs_start":43,"ayahs":["إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ","طَعَامُ ٱلۡأَثِیمِ","كَٱلۡمُهۡلِ یَغۡلِی فِی ٱلۡبُطُونِ","كَغَلۡیِ ٱلۡحَمِیمِ","خُذُوهُ فَٱعۡتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاۤءِ ٱلۡجَحِیمِ","ثُمَّ صُبُّوا۟ فَوۡقَ رَأۡسِهِۦ مِنۡ عَذَابِ ٱلۡحَمِیمِ","ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡكَرِیمُ","إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُم بِهِۦ تَمۡتَرُونَ"],"ayah":"إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ"}