الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ أَيِ: الرَّجُلُ قَيّم عَلَى الْمَرْأَةِ، أَيْ هُوَ رَئِيسُهَا وَكَبِيرُهَا وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا وَمُؤَدِّبُهَا إِذَا اعوجَّت ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ أَيْ: لِأَنَّ الرِّجَالَ أَفْضَلُ مِنَ النِّسَاءِ، وَالرَّجُلُ خَيْرٌ مِنَ الْمَرْأَةِ؛ ولهذَا كَانَتِ النُّبُوَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِالرِّجَالِ وَكَذَلِكَ المُلْك الْأَعْظَمُ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: "لَنْ يُفلِح قومٌ وَلَّوا أمْرَهُم امْرَأَةً" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ [[رواه البخاري برقم (٤٤٢٥) ، (٧٠٩٩) من طريق الحسن البصري عن أبي بكرة.]] وَكَذَا مَنْصِبُ الْقَضَاءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
﴿وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ أَيْ: مِنَ الْمُهُورِ وَالنَّفَقَاتِ وَالْكُلَفِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ لهنَّ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ، فَالرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهِ، وَلَهُ الْفَضْلُ عَلَيْهَا وَالْإِفْضَالُ، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ قَيّما عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ] اللَّهُ [ [[زيادة من أ.]] تَعَالَى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ الآية [البقرة: ٢٢٨] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ يَعْنِي: أُمَرَاءُ عَلَيْهَا [[في د، ر، أ: "عليهن".]] أَيْ تُطِيعُهُ فِيمَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ، وطاعتُه: أَنْ تَكُونَ مُحْسِنَةً إِلَى أَهْلِهِ حَافِظَةً لِمَالِهِ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ تَسْتَعْدِيهِ [[في أ: "تستعذيه".]] عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ لَطَمَها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "القِصَاص"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ الْآيَةَ، فَرَجَعَتْ بِغَيْرِ قِصَاصٍ.
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طُرُقٍ، عَنْهُ. وَكَذَلِكَ أَرْسَلَ هَذَا الْخَبَرَ قَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيج وَالسُّدِّيُّ، أَوْرَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَدْ أَسْنَدَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [[في ر، أ: "هبة الله"]] الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَثُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي قال: أَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِامْرَأَةٍ لَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجَهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَإِنَّهُ ضَرَبَهَا فَأَثَّرَ فِي وَجْهِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ليْسَ ذَلِكَ لَه". فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ] [[زيادة من ر، أ.]] ﴾ أَيْ: قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْأَدَبِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَرَدْتُ أمْرًا وأرَادَ اللَّهُ غَيْرَه" [[في إسناده محمد بن محمد الأشعث، قال ابن عدي: "كتبت عنه بمصر، حمله شدة تشيعه أن أخرج إلينا نسخة قريبا من ألف حديث عن موسى بن إسماعيل بن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عن آبائه بخط طرى، وعامتها مناكير كلها أو عامتها، فذكرنا روايته هذه الأحاديث عن موسى هذا لأبي عبد الله الحسين بن علي الحسن بن على من آل البيت بمصر، وهو أخو الناصر، فقال لنا: كان موسى هذا جاري بالمدينة أربعين سنة ما ذكر قط عنده شيئا من الرواية لا عن أبيه ولا عن غيره".]] .
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ قَالَ: الصَّدَاقُ الَّذِي أَعْطَاهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَذَفَها لاعنَها، وَلَوْ قَذَفَتْهُ جُلِدت.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَالصَّالِحَاتُ﴾ أَيْ: مِنَ النِّسَاءِ ﴿قانِتَاتٌ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: يَعْنِي مُطِيعَاتٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ ﴿حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾ .
قَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: أَيْ تَحْفَظُ زَوْجَهَا فِي غَيْبَتِهِ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ أَيِ: الْمَحْفُوظُ مِنْ حِفْظِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَر، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "خَيرُ النساءِ امرأةٌ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ وَإِذَا أمَرْتَها أطاعتكَ وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظتْكَ فِي نَفْسِها ومالِكَ". قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ إِلَى آخِرِهَا.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ محمد بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمُقْبُرِيِّ، بِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً [[تفسير الطبري (٨/٢٩٥) .]] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، عَنْ عُبيد اللَّهِ [[في د، ر: "عبد الله".]] بْنِ أَبِي جَعْفَرَ: أَنَّ ابْنَ قَارِظٍ [[في أ: "فارس".]] أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا صَلَّت الْمَرْأَةُ خَمسها، وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَها؛ وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ [[في أ: "فارس".]] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ [[المسند (١/١٩١) .]] .
* * *
وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ أَيْ: وَالنِّسَاءُ اللَّاتِي تَتَخَوَّفُونَ [[في أ: "تخافون".]] أَنْ يَنْشُزْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَالنُّشُوزُ: هُوَ الِارْتِفَاعُ، فَالْمَرْأَةُ النَّاشِزُ هِيَ الْمُرْتَفِعَةُ عَلَى زَوْجِهَا، التَّارِكَةُ لِأَمْرِهِ، المُعْرِضَة عَنْهُ، المُبْغِضَة لَهُ. فَمَتَى ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ فليعظْها وَلْيُخَوِّفْهَا عقابَ اللَّهِ فِي عِصْيَانِهِ [[في ر: "عصيانها".]] فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَطَاعَتَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْهَا مَعْصِيَتَهُ لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْإِفْضَالِ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجد لِأَحَدٍ لأمرتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَم حَقِّه عَلَيْهَا" [[رواه الترمذي برقم (١١٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أحمد في المسند (٦/٧٦) من حديث عائشة.]] وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِه فأبَتْ عَلَيْهِ، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِح" [[صحيح البخاري برقم (٣٢٣٧) .]] وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: "إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجرة [[في ر: "مهاجره".]] فِراش زَوْجِها، لَعْنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصبِح" [[صحيح مسلم برقم (١٤٣٦) .]] ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾ .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْهِجْرَانُ هُوَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا، وَيُضَاجِعَهَا عَلَى فِرَاشِهَا وَيُوَلِّيَهَا ظَهْرَهُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَزَادَ آخَرُونَ -مِنْهُمُ: السُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَعِكْرِمَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ-: وَلَا يُكَلِّمُهَا مَعَ ذَلِكَ وَلَا يُحَدِّثُهَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعِظُهَا، فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ، وَلَا يُكَلِّمْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذَرَ نِكَاحَهَا، وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيدٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، ومِقْسم، وَقَتَادَةُ: الْهَجْرُ: هُوَ أَنْ لَا يُضَاجِعَهَا.
وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "فَإِن خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ" قَالَ حَمَّادٌ: يَعْنِي النِّكَاحَ [[سنن أبي داود برقم (٢١٤٥) .]] .
وَفِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ امْرَأَةِ أَحَدِنَا؟ قَالَ: "أَنْ تُطعمها إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِب الوَجْهَ وَلَا تُقَبِّح، وَلَا تَهْجُر إِلَّا فِي البَيْتِ" [[سنن أبي داود برقم (٢١٤٣) والمسند (٤/٤٤٧) .]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [[في ر: "فاضربوهن".]] أَيْ: إِذَا لَمْ يَرْتَدِعْن [[في أ: "إذا لم يرتدعن عما ينهاها عنه".]] بِالْمَوْعِظَةِ وَلَا بِالْهِجْرَانِ، فَلَكُمْ أَنْ تَضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "واتَّقُوا اللهَ فِي النِّساءِ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشكم أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْن فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبا غَيْرَ مُبَرِّح، وَلَهُنَّ رزْقُهنَّ وكِسْوتهن بِالْمَعْرُوفِ" [[صحيح مسلم برقم (١٢١٨) .]] .
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَعْنِي غَيْرَ مُؤَثِّرٍ. قَالَ الْفُقَهَاءُ: هُوَ أَلَا يَكْسِرَ فِيهَا عُضْوًا وَلَا يُؤَثِّرَ فِيهَا شَيْئًا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَهْجُرُهَا فِي الْمَضْجَعِ، فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكَ أَنْ تَضْرِبَ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَا تَكْسِرَ لَهَا عَظْمًا، فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدَ حَل لَكَ مِنْهَا الْفِدْيَةُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَينة، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُباب [[في أ: "ذئاب".]] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا تَضْرِبوا إماءَ اللهِ". فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: ذئِرَت النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ [[في أ: "يشتكين".]] أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَقَدْ أطافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ [[في أ: "يشتكين".]] أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ [[سنن أبي داود برقم (٢١٤٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٩١٦٧) وسنن ابن ماجة برقم (١٩٧٥) .]] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ -يَعْنِي أَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ-حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ الأوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُسْلي [[في د: "السلمي".]] عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ ضفْتُ عُمَرَ، فَتَنَاوَلَ امْرَأَتَهُ فَضَرَبَهَا، وَقَالَ: يَا أَشْعَثُ، احْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا حَفظتهن عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَا تَسألِ الرَّجُلَ فِيمَ ضَرَبَ امرَأَتَهُ، وَلَا تَنَم إِلَّا عَلَى وِتْر ... وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ.
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ الْأَوَدِيِّ، بِهِ [[سنن أبي داود برقم (٢١٤٧) وسنن النسائي الكبرى برقم (٩١٦٨) وسنن ابن ماجة برقم (١٩٨٦) .]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ أَيْ: فَإِذَا أَطَاعَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي جَمِيعِ مَا يُرِيدُ مِنْهَا، مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْهَا، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ ضربها ولا هجرانها.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ تَهْدِيدٌ لِلرِّجَالِ إِذَا بَغَوْا عَلَى النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَإِنَّ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْكَبِيرَ وَلِيُّهُنَّ وَهُوَ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُنَّ وَبَغَى عَلَيْهِنَّ.
{"ayah":"ٱلرِّجَالُ قَوَّ ٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَاۤءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ وَبِمَاۤ أَنفَقُوا۟ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ حَـٰفِظَـٰتࣱ لِّلۡغَیۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّـٰتِی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِی ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُوا۟ عَلَیۡهِنَّ سَبِیلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیࣰّا كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق