الباحث القرآني
يَقُولُ [تَعَالَى] [[زيادة من أ.]] وَمَنْ لَمْ يَجِدْ ﴿طَوْلا﴾ أَيْ: سَعَةً وَقُدْرَةً ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ أَيِ الْحَرَائِرَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْب: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ، عَنْ رَبِيعَةَ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ قَالَ رَبِيعَةُ الطوْل الْهَوَى، يَنْكِحَ الْأَمَةَ إِذَا كَانَ هَوَاهُ فِيهَا. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
ثُمَّ شَرَعَ يُشَنِّعُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ويَرُدّه ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ أَيْ: فَتَزَوَّجُوا مِنَ الْإِمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ اللَّاتِي يَمْلِكُهُنَّ الْمُؤْمِنُونَ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَات﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: فَلْيَنْكِحْ مِنْ إِمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّان.
ثُمَّ اعْتَرَضَ [[في جـ، ر، أ: "أعرض".]] بِقَوْلِهِ: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ أَيْ: هُوَ الْعَالِمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ وَسَرَائِرِهَا، وَإِنَّمَا لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ الظَّاهِرُ مِنَ الْأُمُورِ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ فدلَّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ هُوَ وَلِيُّ أَمَتِهِ لَا تُزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ وَلِيُّ عَبْدِهِ، لَيْسَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ إِلَّا [[في جـ: "بغير".]] بِإِذْنِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوّج بِغَيْرِ إِذَنْ مَوَاليه فَهُوَ عَاهِر" [[رواه أبو داود في السنن برقم (٢٠٧٨) والترمذي في السنن برقم (١١١١) من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال الترمذي: حديث جابر حديث حسن.]] أي زان.
فَإِنْ كَانَ مَالِكُ الْأَمَةِ امْرَأَةٌ زَوَّجَهَا مَنْ يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ بِإِذْنِهَا؛ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "لَا تُزَوِّجُ المرأةُ [المرأةَ، وَلَا المرأةُ نَفْسَهَا] [[زيادة من جـ، أ، وابن ماجه.]] فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا" [[رواه ابن ماجة في سننه برقم (١٨٨٢) من طريق محمد بن مروان عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أَيْ: وَادْفَعُوا [[في أ: "فادفعوا".]] مُهُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، أَيْ: عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْكُمْ، وَلَا تَبْخَسُوا [[في أ: "ولا يبخسوهن".]] مِنْهُ شَيْئًا اسْتِهَانَةً بِهِنَّ؛ لِكَوْنِهِنَّ إِمَاءً مَمْلُوكَاتٍ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿مُحْصَنَاتٍ﴾ أَيْ: عَفَائِفَ عَنِ الزِّنَا لَا [[في ر: "ولا".]] يَتَعَاطَيْنَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ وَهُنَّ الزَّوَانِي اللَّاتِي لَا يَمْتَنِعْنَ مَنْ أَرَادَهُنَّ بِالْفَاحِشَةِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُسَافِحَاتُ، هُنَّ الزَّوَانِي الْمُعَالِنَاتُ [[في جـ، ر، أ: "المعلنات".]] يَعْنِي الزَّوَانِي اللَّاتِي لَا يَمْنَعْنَ أَحَدًا أَرَادَهُنَّ بِالْفَاحِشَةِ. (وَمُتَّخِذَاتُ أَخْدَانٍ) يَعْنِي: أَخِلَّاءَ.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَالسُّدِّيِّ، قَالُوا: أَخِلَّاءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَعْنِي: الصَّدِيقَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَيْضًا: ﴿وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ ذَاتُ الْخَلِيلِ الْوَاحِدِ [الْمَسِيسِ] [[زيادة من جـ، أ.]] الْمُقِرَّةُ بِهِ، نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، يَعْنِي [عَنْ] [[زيادة من جـ، ر، أ.]] تَزْوِيجِهَا [[في أ: "تزوجها".]] مَا دَامَتْ كَذَلِكَ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ اخْتَلَفَ [[في ر: "واختلفت".]] القراءُ فِي ﴿أُحْصِنَّ﴾ فَقَرَأَهُ [[في أ: "فقرأ".]] بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ، مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وقُرئ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالصَّادِ فِعْلٌ لَازِمٌ ثُمَّ قِيلَ: مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ [[في جـ: "القولين".]] وَاحِدٌ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْصَانِ هَاهُنَا الْإِسْلَامُ. رُوي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وزِرّ بْنِ حُبَيْش، وسعيد بن جُبَير، وعطاء، إبراهيم النَّخعي، وَالشَّعْبِيِّ، والسُّدِّي. وَرَوَى نَحْوَهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ. وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ [[في جـ، ر: "وهذا القول هو".]] الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ [رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى] [[زيادة من جـ، ر، وفي أ: "رحمه الله".]] فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ، قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْنَا [ذَلِكَ] [[زيادة من جـ، ر، أ.]] اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [الدِّمَشْقِيُّ] [[زيادة من جـ، أ.]] حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ قَالَ: "إِحْصَانُهَا إِسْلَامُهَا وَعَفَافُهَا". وَقَالَ [[في ر: "وقيل".]] الْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا التَّزْوِيجُ، قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ: اجلدوهن.
[ثُمَّ] [[زيادة من جـ، أ.]] قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
قُلْتُ: وَفِي [[في أ: "في".]] إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسَمَّ، و [مِثْلُهُ] [[زيادة من جـ، أ.]] لَا [[في جـ، ر، أ: "يقوم".]] تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ [[ذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٤٩٠) .]] .
وَقَالَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ: إِحْصَانُهَا: إِسْلَامُهَا وَعَفَافُهَا.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا: التَّزْوِيجُ. وَهُوَ قولُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وعِكْرِمة، وَطَاوُسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَير، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَنَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ "الْإِيضَاحُ" عَنِ الشَّافِعِيِّ، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو الْحَكَمِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ وَقَدْ رَوَاهُ لَيْث بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: إِحْصَانُ الْأَمَةِ أَنْ يَنْكِحَهَا الْحُرُّ، وَإِحْصَانُ الْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ الْحُرَّةَ. وَكَذَا رَوَى ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُمَا ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ.
وَقِيلَ [[في جـ، ر: "بل".]] مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ مُتَبَايِنٌ [[في ر: "شيئان".]] فَمَنْ قَرَأَ ﴿أُحْصِنَّ﴾ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، فَمُرَادُهُ التَّزْوِيجُ، وَمَنْ قَرَأَ "أَحْصَنَّ" بِفَتْحِهَا، فَمُرَادُهُ الإسلام اختاره الإمام أبو جعفر ابن جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقَرَّرَهُ وَنَصَرَهُ.
وَالْأَظْهَرُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْصَانِ هَاهُنَا التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، حَيْثُ يَقُولُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ﴾ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ سِيَاقُهَا كُلُّهَا [[في أ: "فالسياق كله".]] فِي الْفَتَيَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ أَيْ: تَزَوَّجْنَ، كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمِنْ تَبِعَهُ.
وَعَلَى كُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ إِشْكَالٌ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَمَةَ إِذَا زَنَتْ فَعَلَيْهَا خَمْسُونَ جِلْدَةً، سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً، مُزَوَّجَةً أَوْ بِكْرًا، مَعَ أَنَّ مَفْهُومَ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى غَيْرِ الْمُحْصَنَةِ مِمَّنْ زَنَا مِنَ الْإِمَاءِ، وَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَتُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَقَالُوا: لَا شَكَّ أَنَّ الْمَنْطُوقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ عَامَّةٌ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْإِمَاءِ، فَقَدَّمْنَاهَا عَلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَقِيمُوا عَلَى أرقَّائكم الْحَدَّ مَنْ أحْصَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصَن، فَإنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ زَنَتْ فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا، فَإِذَا هِيَ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ، فَخَشِيتُ إنْ جَلَدْتُهَا أَنْ أَقْتُلَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: "أحْسَنْتَ، اتْرُكْهَا حَتَّى تَماثَل [[في ر: "تتماثل".]] " [[صحيح مسلم برقم (١٧٠٥) .]] .
وَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ غَيْرِ أَبِيهِ: "فَإِذَا تَعالتْ مِنْ نَفْسِها [[في أ: "نفاسها".]] حدَّها [[في جـ: "فاجلدها".]] خَمْسِينَ".
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّانِيَةَ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إن زنت الثالثة فتبين زِنَاهَا، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْل مَنْ شَعَر" وَلِمُسْلِمٍ [[في جـ، أ: "أخرجاه، ولمسلم".]] إِذَا زَنتْ ثَلَاثًا فَلْيَبِعْهَا فِي الرَّابِعَةِ" [[صحيح البخاري برقم (٣١٦٧) وصحيح مسلم برقم (١٧٦٥) .]] .
وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسار، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عيَّاش [[في ر: "عباس".]] بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ [[في ر: "رستم"]] الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: أمَرَني عُمَر بْنُ الْخَطَّابِ فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَلَدْنَا مِنْ وَلَائِدِ الْإِمَارَةِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ فِي الزِّنَا.
الْجَوَابُ الثَّانِي: جَوَابُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا تُضْرَبُ تَأْدِيبًا، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ طَاوُسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَير، وَأَبُو عُبَيد الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ. وعمْدتهُم مَفْهُومُ الْآيَةِ وَهُوَ مِنْ مَفَاهِيمِ الشَّرْطِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُمُومِ عِنْدَهُمْ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئل عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تحْصنْ؟ قَالَ: "إِنْ زَنَتْ فَحِدُّوهَا [[في جـ، ر: "فاجلدوها".]] ثُمَّ إِنَّ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ" [[في ر: "بظفير".]] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي أَبَعْدَ [[في أ: "بعد".]] الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ.
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [[صحيح البخاري برقم (٢١٥٣، ٤٥٥) وصحيح مسلم برقم (١٧٠٤) من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه.]] وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: الضَّفِيرُ [[في جـ، أ: "والضفير"، وفي ر: "والظفير".]] الْحَبْلُ.
قَالُوا: فَلَمْ يُؤَقَّت فِي هَذَا الْحَدِيثِ [[في جـ، أ: "الجواب".]] عَدَدٌ كَمَا وُقِّتَ فِي الْمُحْصَنَةِ بِنِصْفِ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ، فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَيْسَ عَلَى أَمَةٍ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ -أَوْ [[في جـ، أ: "يعني"، وفي ر: "أو يعني".]] حَتَّى تُزَوَّجَ-فَإِذَا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ".
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَابِدِيِّ [[في جـ، ر، أ: "الغامدي".]] عَنْ سُفْيَانَ بِهِ مَرْفُوعًا. وَقَالَ: رَفْعُهُ خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ، وَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ [[السنن الكبرى للبيهقي (٨/٤٢٤) ط - الكتب العلمية، وقال: "رفعه خطأ والموقوف أصح".
وقد رواه سعيد بن منصور في السنن موقوفا على ابن عباس من هذا الطريق برقم (٦١٦) .]] .
قَالُوا: وَحَدِيثُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] [[زيادة من جـ، أ.]] قَضَايَا أَعْيَانٍ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ أَجْوِبَةٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الحديث.
الثَّانِي: أَنَّ لَفْظَ الْحَدِّ فِي قَوْلِهِ: فَلْيَجْلِدْهَا [[في جـ، أ: "فليقم عليها" وفي ر "عليها الحد".]] الْحَدَّ، لَفْظٌ مُقْحَمٌ [[في ر: "معجمة"، وفي أ: "مقحمة".]] مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، بِدَلِيلِ الْجَوَابِ الثَّالِثِ وَهُوَ:
أَنَّ هَذَا مِنْ حَدِيثِ صَحَابِيَّيْنِ وَذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَطْ، وَمَا كَانَ عَنِ اثْنَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّقَدُّمِ [[في أ: "بالتقديم".]] مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ، وَأَيْضًا فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ عَبَّاد بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ -وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنتِ فاجْلِدوها، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ".
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَطْلَقَ لَفْظَ الْحَدِّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْجَلْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْجَلْدُ اعْتَقَدَ [[في جـ، أ: "لما كان الجلد في الحديث اعتقد".]] أَنَّهُ حَدٌّ، أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَةَ الْحَدِّ عَلَى التَّأْدِيبِ، كَمَا أَطْلَقَ الْحَدَّ عَلَى ضَرْبِ مَنْ زَنَى مِنَ الْمَرْضَى بُعثْكال نَخْلٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، وَعَلَى جَلْدِ مَنْ زَنَى بِأَمَةِ امْرَأَتِهِ إِذَا أَذِنَتْ لَهُ فِيهَا مِائَةً، وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَعْزِيرٌ وَتَأْدِيبٌ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ. وَإِنَّمَا الْحَدُّ الْحَقِيقِيُّ هُوَ جَلْدُ الْبِكْرِ مِائَةً، وَرَجْمُ الثَّيِّبِ أَوِ اللَّائِطِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: لَا تُضْرَبُ الْأَمَةُ إِذَا زَنَتْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ [[في أ: "ما لم تزوج".]] .
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَنْهُ، وَمَذْهَبٌ غَرِيبٌ إِنْ أَرَادَ أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ أَصْلًا لَا حَدًّا، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ بِمَفْهُومِ الْآيَةِ وَلَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ حَدًّا، وَلَا يَنْفِي ضَرْبَهَا تَأْدِيبًا، فَهُوَ [[في جـ، ر: "فيكون".]] كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ الْمُحْصَنَةَ تُحَدُّ نِصْفَ حَدِّ الْحُرَّةِ، فَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْصَانِ فَعُمُومَاتُ [[في ر: "بعمومات".]] الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ شَامِلَةٌ لَهَا فِي جَلْدِهَا مِائَةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى [[في أ: "لقول الله تعالى".]] ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النُّورِ:٢] وَكَحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: "خُذوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا البِكر بالبِكْر جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ ورَجْمُهَا بِالْحِجَارَةِ" وَالْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيِّ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى [[في أ: "سبحانه".]] إِذَا كَانَ أَمَرَ بِجِلْدِ الْمُحْصَنَةِ مِنَ الْإِمَاءِ بِنِصْفِ مَا عَلَى الْحُرَّةِ [[في أ: "غيره".]] مِنَ الْعَذَابِ وَهُوَ خَمْسُونَ جَلْدَةً، فَكَيْفَ يَكُونُ حُكْمُهَا قَبْلَ الْإِحْصَانِ أَشَدَّ مِنْهُ بَعْدَ الْإِحْصَانِ. وَقَاعِدَةُ الشَّرِيعَةِ فِي ذَلِكَ عَكْسُ مَا قَالَ، وَهَذَا الشَّارِعُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْأَلُهُ أَصْحَابُهُ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ، فَقَالَ: "اجْلِدُوهَا" وَلَمْ يَقُلْ مِائَةً، فَلَوْ كَانَ حُكْمُهَا كَمَا قَالَ [[في أ: "كما زعم".]] دَاوُدُ لَوَجَبَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ [[في جـ، أ: "بعد نزول".]] بَيَانِ حُكْمِ جَلْدِ الْمِائَةِ بَعْدَ الْإِحْصَانِ فِي الْإِمَاءِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِمْ: "وَلَمْ تُحْصَنْ" لعدم الفرق بَيْنَهُمَا لَوْ لَمْ تَكُنِ الْآيَةُ نَزَلَتْ، لَكِنْ لَمَّا عَلِمُوا حُكْمَ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ سَأَلُوا عَنْ حُكْمِ الْحَالِ الْآخَرِ، فَبَيَّنَهُ لَهُمْ. كَمَا [ثَبَتَ] [[زيادة من أ.]] فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُمْ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَذَكَرَهَا لَهُمْ ثُمَّ قَالَ: "وَالسَّلَامُ مَا قَدْ [[في جـ، أ: "كما قد علمتم" وفي ر: "كما علمتم".]] عَلِمْتُمْ" وَفِي لَفْظٍ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الْأَحْزَابِ:٥٦] قَالُوا: هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَّفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهَكَذَا هَذَا السُّؤَالُ [[في أ: "سواء".]] .
الْجَوَابُ الرَّابِعُ -عَنْ مَفْهُومِ الْآيَةِ-: جَوَابُ أَبِي ثَوْرٍ، فَإِنَّ مِنْ مَذْهَبِهِ مَا هُوَ أَغْرَبُ مِنْ قَوْلِ دَاوُدَ مِنْ وُجُوهٍ، ذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ [[في ر: "وذلك أن نقول".]] فَإِذَا أحْصن فَإِنَّ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ [[في جـ، أ: "المحصنات من العذاب أي".]] الْمُزَوَّجَاتِ وَهُوَ الرَّجْمُ، وَهُوَ لَا يَتَنَاصَفُ [[في جـ، ر، أ: "ينتصف".]] فَيَجِبُ أَنْ تُرْجَمَ الْأَمَّةُ الْمُحَصَنَةُ إِذَا زَنَتْ، وَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْصَانِ فَيَجِبُ جَلْدُهَا خَمْسِينَ. فَأَخْطَأَ فِي فَهْمِ الْآيَةِ وَخَالَفَ الْجُمْهُورَ فِي الْحُكْمِ، بَلْ قَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي أَنْ لَا رَجْمَ عَلَى مَمْلُوكٍ فِي الزِّنَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْمُحْصَنَاتِ لِلْعَهْدِ، وَهُنَّ الْمُحْصَنَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ وَالْمُرَادُ بِهِنَّ الْحَرَائِرُ فَقَطْ، مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَزْوِيجِ غَيْرِهِ، وَقَوْلِهِ: ﴿نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي يُمْكِنُ تَنْصِيفُهُ [[في جـ، ر: "تنصفه" وفي أ: "بنصفه".]] وَهُوَ الْجَلْدُ لَا الرَّجْمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ [حَدِيثًا] [[زيادة من أ.]] نَصا فِي رَدِّ مَذْهَبِ أَبِي ثَوْرٍ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ صَفِيَّةَ [[في جـ، ر، أ: "صبية".]] كَانَتْ قَدْ زَنَتْ بِرَجُلٍ مِنَ الْحُمْسِ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَادَّعَاهُ الزَّانِي، فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ [بْنِ عَفَّانَ] [[زيادة من جـ، أ.]] فَرَفَعَهُمَا [[في ر: "فرفعها".]] إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَقْضِي فِيهِمَا [[في جـ، ر: "فيها".]] بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "الْوَلَدُ للفِرَاش وللعَاهِر الحَجَر" وَجَلَدَهُمَا خَمْسِينَ خَمْسِينَ [[المسند (١/١٠٤) .]] .
وَقِيلَ: بَلِ الْمُرَادُ مِنَ الْمَفْهُومِ التَّنْبِيهُ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى، أَيْ: أَنَّ الْإِمَاءَ عَلَى النِّصْفِ مِنَ [[في جـ، أ: "من جلد".]] الْحَرَائِرِ فِي الْحَدِّ وَإِنْ كُنَّ مُحْصَنَاتٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ رَجْمٌ أَصْلًا لَا قَبْلَ النِّكَاحِ وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِنَّ الْجَلْدُ فِي الْحَالَتَيْنِ بِالسُّنَّةِ. قَالَ [[في أ: "في الحالين بالنسبة نقل".]] ذَلِكَ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ عَنِ الشَّافِعِيِّ، فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْهُ. وَقَدْ ذَكَرَهُ [[في ر: "ذكر".]] الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ، وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ لَفْظِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّا إِنَّمَا اسْتَفَدْنَا تَنْصِيفَ [[في جـ، ر: "بنصف".]] الْحَدِّ مِنَ الْآيَةِ لَا مِنْ سِوَاهَا، فَكَيْفَ يُفْهَمُ مِنْهَا التَّنْصِيفُ فِيمَا عَدَاهَا، وَقَالَ: بَلْ أُرِيدُ بِأَنَّهَا فِي حَالِ الْإِحْصَانِ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهَا إِلَّا الْإِمَامُ، وَلَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ -وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ-فَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْصَانِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَالْحَدُّ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ نِصْفُ حَدِّ الْحُرَّةِ. وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ [[في ر: "لأن".]] لَيْسَ فِي لَفْظِ الْآيَةِ مَا يدل عليه.
وَلَوْلَا هَذِهِ لَمْ نَدْرِ مَا حُكْمُ الْإِمَامِ [[في جـ، ر، أ: "الإماء".]] فِي التَّنْصِيفِ، وَلَوَجَبَ دُخُولُهُنَّ فِي عُمُومِ الْآيَةِ فِي تَكْمِيلِ الْحَدِّ [[في جـ، أ: "الجلد".]] مِائَةً أَوْ رَجْمُهُنَّ، كَمَا [[في جـ، أ: "بما".]] أُثْبِتَ فِي الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الْحَدَّ مَنْ [[في ر: "فمن".]] أُحْصِنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ، وَعُمُومُ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَيْسَ فِيهَا تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْمُزَوَّجَةِ [[في أ: "الزوجة".]] وَغَيْرِهَا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الْجُمْهُورُ: "إِذَا زَنَتْ أمةُ أحدِكم فَتَبَيَّنَ زِناهَا فَليجْلِدها [[في ر: "فليحدها".]] الحدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْها".
مُلَخَّصُ الْآيَةِ: أَنَّهَا [[في أ: "فتلخص في الأمة".]] إِذَا زَنَتْ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: أنها [[زيادة من جـ، ر، أ.]] بجلد خَمْسِينَ قَبْلَ الْإِحْصَانِ وَبَعْدَهُ، وَهَلْ تُنْفَى؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
[أَحَدُهَا] [[زيادة من جـ، ر، أ.]] أَنَّهَا [[في ر: "أنه".]] تُنْفَى عَنْهُ [[في جـ، أ: "سنة".]] وَالثَّانِي: لَا تُنْفَى عَنْهُ [[في جـ، أ: "لا نفي عليها" وفي ر: "لا تنفى عليها".]] مُطْلَقًا. [وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَفُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ] [[زيادة من جـ، أ.]] وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تُنْفَى نِصْفَ سَنَةٍ وَهُوَ نَفْيُ نِصْفِ [[في جـ: "نصف نفي".]] الْحُرَّةِ. وَهَذَا الْخِلَافُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا أَبُو [[في جـ، أ: "وأما مذهب أبي حنيفة".]] حَنِيفَةَ فَعِنْدَهُ أَنَّ النَّفْيَ تَعْزِيرٌ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ، وَإِنَّمَا هُوَ [[في جـ، ر، أ: "هو إلى".]] رَأْيُ الْإِمَامِ، إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ النَّفْيَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الرِّجَالِ، وَأَمَّا [[في جـ، أ: "فأما".]] النِّسَاءُ فَلَا [[في جـ، أ: "فلا ينقين".]] ؛ لِأَنَّ [[في ر: "فإن".]] ذَلِكَ مُضَادٌّ لِصِيَانَتِهِنَّ، [وَمَا وَرَدَ شَيْءٌ مِنَ النَّفْيِ فِي الرِّجَالِ وَلَا فِي النِّسَاءِ نَعَمْ حَدِيثُ عُبَادَة وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ] [[في جـ: "وما ورد من ألفاظ عامة في نفي الرجال والنساء كحديث أبي هريرة وحديث عبادة".]] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِنَفْيِ عَامٍ وَبِإِقَامَةِ [[في جـ، ر: "بإقامة".]] الْحَدِّ عَلَيْهِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَ [كُلُّ] [[زيادة من جـ، وفي أ: "فكل".]] ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النَّفْيِ الصَّوْنُ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي نَفْيِ النِّسَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا زَنَتْ تُجلد خَمْسِينَ بَعْدَ الْإِحْصَانِ، وَتُضْرَبُ [قَبْلَهُ] [[زيادة من جـ، أ.]] تَأْدِيبًا غَيْرَ مَحْدُودٍ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ قَبْلَ الْإِحْصَانِ، وَإِنْ [[في جـ، ر، أ: "فإن".]] أَرَادَ نَفْيَهُ فَيَكُونُ مَذْهَبًا بِالتَّأْوِيلِ [[في جـ، أ: "ثالثا".]] وَإِلَّا فَهُوَ كَالْقَوْلِ الثَّانِي.
الْقَوْلُ الْآخِرُ: أَنَّهَا تُجْلَدُ قَبْلَ الْإِحْصَانِ مِائَةً وَبَعْدَهُ خَمْسِينَ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ دَاوُدَ، وَ [هُوَ] [[زيادة من جـ، ر، أ".]] أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ: أَنَّهَا تُجْلَدُ قَبْلَ الْإِحْصَانِ خَمْسِينَ وَتُرْجَمَ بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ أَيْ: إِنَّمَا يُبَاحُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا، وَشَقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ عَنِ الْجِمَاعِ، وَعَنَتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ [كُلِّهِ، فَحِينَئِذٍ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ، وَإِنْ تَرَكَ تَزَوُّجَ الْأَمَةِ] [[في جـ: "قله حينئذ أن يتزوج بالأمة وإن ترك تزويجها".]] وَجَاهَدَ نَفْسَهُ فِي الْكَفِّ عَنِ الزِّنَا، فَهُوَ خَيْرٌ له؛ لأنه إذا تزوجها جَاءَ أَوْلَادُهُ أَرِقَّاءُ لِسَيِّدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ عَرَبِيًّا فَلَا تَكُونُ أَوْلَادُهُ مِنْهَا أَرِقَّاءَ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ لِلشَّافِعِيِّ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ اسْتَدَلَّ جمهورُ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْإِمَاءِ، عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الطَّوْل لِنِكَاحِ الْحَرَائِرِ وَمِنْ خَوْفِ الْعَنَتِ؛ لِمَا فِي نِكَاحِهِنَّ مِنْ مفْسَدة رِقِّ الْأَوْلَادِ، وَلِمَا فِيهِنَّ مِنَ الدَّنَاءَةِ [[في أ: "من الزنا".]] فِي الْعُدُولِ عن الحرائر إليهن. وخالف الجمهورَ أبو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ فِي اشْتِرَاطِ الْأَمْرَيْنِ، فَقَالُوا: مَتَى لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ مُزَوَّجًا بِحُرَّةِ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ أَيْضًا، سَوَاءٌ كَانَ وَاجِدًا الطَّوْلَ لِحُرَّةٍ أَمْ [[في ر: "أو".]] لَا وَسَوَاءٌ خَافَ الْعَنَتَ أَمْ [[في ر: "أو".]] لَا وَعُمْدَتُهُمْ [[في ر: "وعدتهم".]] فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ [عُمُومُ] [[زيادة من جـ، أ.]] قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٥] أَيِ: الْعَفَائِفُ، وَهُوَ يَعُمُّ الْحَرَائِرَ وَالْإِمَاءَ، وَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ، وَهَذِهِ [[في جـ، أ: "خاصة وهي".]] أَيْضًا ظَاهِرَةٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
{"ayah":"وَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن یَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُم مِّن فَتَیَـٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَـٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضࣲۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَـٰتٍ غَیۡرَ مُسَـٰفِحَـٰتࣲ وَلَا مُتَّخِذَ ٰتِ أَخۡدَانࣲۚ فَإِذَاۤ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَیۡنَ بِفَـٰحِشَةࣲ فَعَلَیۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَ ٰلِكَ لِمَنۡ خَشِیَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق