الباحث القرآني

قَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ يُونُسَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ متَّى ونَسَبَه إِلَى أُمِّهِ" [[صحيح البخاري برقم (٣٣٩٥) وصحيح مسلم برقم (٢٣٧٧) .]] وَفِي رِوَايَةٍ قِيلَ: "إِلَى أَبِيهِ". * * * وَقَوْلُهُ: ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمُوَقَّرُ، أَيِ: الْمَمْلُوءُ بِالْأَمْتِعَةِ. ﴿فَسَاهَمَ﴾ أَيْ: قَارَعَ ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ أَيِ: الْمَغْلُوبِينَ. وَذَلِكَ أَنَّ السَّفِينَةَ تَلَعَّبَت [[في أ: "تلعب".]] بِهَا الْأَمْوَاجُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَشْرَفُوا عَلَى الْغَرَقِ، فَسَاهَمُوا عَلَى مَنْ تَقَعُ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ يُلْقَى فِي الْبَحْرِ، لِتَخِفَّ بِهِمُ السَّفِينَةُ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ يُونُسَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ [[في ت: "عليه السلام".]] ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهُمْ يَضِنُّونَ [[في ت: "يظنون".]] بِهِ أَنْ يُلْقَى مِنْ بَيْنِهِمْ، فَتَجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ وَهُمْ يَأْبَوْنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى حُوتًا مِنَ الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ أَنْ يَشُقَّ الْبِحَارَ، وَأَنْ يَلْتَقِمَ، يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَا يَهْشِمُ لَهُ لَحْمًا، وَلَا يَكْسِرَ لَهُ عَظْمًا [[في س: فلا تهشم له لحما ولا تكسر له عظما".]] . فَجَاءَ ذَلِكَ الْحُوتُ وَأَلْقَى يُونُسُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، نَفْسَهُ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَذَهَبَ بِهِ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ كُلَّهَا. وَلَمَّا اسْتَقَرَّ يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، حَسَبَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ وَرَجْلَيْهِ وَأَطْرَافَهُ فَإِذَا هُوَ حَيٌّ، فَقَامَ يُصَلِّي فِي بَطْنِ الْحُوتِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ دُعَائِهِ: "يَا رَبِّ، اتخذتُ لَكَ مَسْجِدًا فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ" وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا لَبِثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، فَقِيلَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ جُمْعَة [[في ت، س، أ: "سبعة".]] قَالَهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ. وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، قَالَهُ أَبُو مالك. وَقَالَ مُجَالد [[في ت: "مجاهد"]] ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: الْتَقَمَهُ ضُحًى، وَقَذَفَهُ [[في أ: "ونقله".]] عَشِيَّةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ. وَفِي شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ: وَأنْتَ بفَضلٍ منْكَ نَجَّيتَ يُونُسًا ... وَقَدْ بَاتَ فِي أضْعَاف حُوتٍ ليَالِيا [[البيت في السيرة النبوية لابن هشام (١/٢٢٨) .]] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ ، قِيلَ: لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الرَّخَاءِ. قَالَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، ووهَب بْنُ مُنَبِّه، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَنُورِدُهُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ. وَفِي حَدِيثٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " تَعَرف إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ" [[سيأتي تخريجه عند الآية: ٣٨ من سورة الزمر.]] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالسُّدِّيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ يَعْنِي: الْمُصَلِّينَ. وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُصَلِّينَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ فِي جَوْفِ أَبَوَيْهِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ هُوَ قَوْلُهُ: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:٨٧، ٨٨] قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ [[في ت: "بإسناده".]] : أَنَّ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ حَدّثه: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ أَنْسًا يَرْفَعُ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-"أَنَّ يُونُسَ النَّبِيَّ ﷺ [[في ت، س: "عليه السلام".]] حِينَ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذِهِ الْكَلَمَّاتِ، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَأَقْبَلَتِ الدَّعْوَةُ تَحُفُّ بِالْعَرْشِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ، هَذَا صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ غَرِيبَةٍ؟ فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: يَا رَبِّ، وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَبْدِي يُونُسُ. قَالُوا: عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ، وَدَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ؟ قَالُوا: يا رب، أو لا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي الرَّخَاءِ فتنجِّيه فِي الْبَلَاءِ؟ قَالَ: بَلَى. فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ بالعرَاء". وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، بِهِ [[بياض في س.]] [[تفسير الطبري (٢٣/٦٤) .]] زَادَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو صَخْرٍ حُمَيد بْنُ زِيَادٍ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ قُسيَط وَأَنَا أُحَدِّثُهُ هَذَا الْحَدِيثَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: طُرِحَ بِالْعَرَاءِ، وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْيَقْطِينَةَ. قُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَا الْيَقْطِينَةُ، قَالَ: شَجَرَةُ الدُّباء. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَهَيَّأ اللَّهُ لَهُ أرْويَّة وَحْشِيَّةً تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ -أَوْ قَالَ: هَشَاشِ الْأَرْضِ-قَالَ: فَتَتَفشَّح [[في ت، س: "فتنفشخ".]] عَلَيْهِ فَتَرْويه مِنْ لَبَنِهَا كُلَّ عَشيَّة وبُكرةٍ حتى نَبَت. وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي ذَلِكَ بَيْتًا مِنْ شِعْرِهِ: فَأَنْبَتَ يَقْطينًا عَلَيه برَحْمَةٍ ... مِن اللَّهِ لَولا اللهُ أُلْفِيَ ضَاحيا [[البيت في السيرة النبوية لابن هشام (١/٢٢٨) .]] وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَسْنَدًا مَرْفُوعًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ "الْأَنْبِيَاءِ" [[سورة الأنبياء، الآية: ٨٧.]] . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَنَبَذْنَاهُ﴾ أَيْ: أَلْقَيْنَاهُ ﴿بِالْعَرَاءِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ: وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ بِهَا نَبْتٌ وَلَا بِنَاءٌ. قِيلَ: عَلَى جَانِبِ دِجْلَةَ. وَقِيلَ: بِأَرْضِ الْيَمَنِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. ﴿وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ أَيْ: ضَعِيفُ الْبَدَنِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَهَيْئَةِ الصَّبِيِّ: [[في أ: "الصبي يعني".]] حِينَ يُولَدُ، وَهُوَ الْمَنْفُوسُ. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ زَيْدٍ أَيْضًا. ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾ قَالَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَهِلَالُ بْنُ يَسَاف وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ [[في ت: "وابن عباس وغيرهما من التابعين"]] وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا كُلُّهُمْ: الْيَقْطِينُ هُوَ الْقَرْعُ. وَقَالَ هُشَيم، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير: كُلُّ شَجَرَةٍ لَا سَاقَ لَهَا فَهِيَ مِنَ الْيَقْطِينِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: كُلُّ شَجَرَةٍ تَهْلِك مِنْ [[في ت: "في".]] عَامِها فَهِيَ مِنَ الْيَقْطِينِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْقَرْعِ فَوَائِدَ، مِنْهَا: سُرْعَةُ نَبَاتِهِ، وتظليلُ وَرَقِهِ لِكِبَرِهِ، وَنُعُومَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا الذُّبَابُ، وَجَوْدَةُ أَغْذِيَةِ ثَمَرِهِ، وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ نَيِّئًّا وَمَطْبُوخًا بِلُبِّهِ وَقِشْرِهِ أَيْضًا. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُحِبّ الدُّبَّاء، وَيَتَتَبَّعُهُ [[في أ: "ويتبعه".]] مِنْ حَوَاشي الصَّحْفة [[في ت: "القصعة".]] [[رواه البخاري في صحيحه برقم (٥٤٣٩) مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.]] . * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ رَوَى شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ رِسَالَةُ يُونُسَ بَعْدَ مَا نَبَذَهُ الْحُوتُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو [[في أ: "ابن".]] هِلَالٍ عَنْ شَهْرٍ، بِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِدٍ: أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ. قُلْتُ: وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ أَوَّلًا أُمِرَ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحُوتِ، فَصَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ وَآمَنُوا بِهِ. وَحَكَى الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى أُمَّةٍ أُخْرَى بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحُوتِ، كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿أَوْ يَزِيدُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-: بَلْ يَزِيدُونَ، وَكَانُوا مِائَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَعَنْهُ: مِائَةَ أَلْفٍ وَبِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَعَنْهُ: مِائَةَ أَلْفٍ وَبِضْعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَزِيدُونَ سَبْعِينَ أَلْفًا. وَقَالَ مَكْحُولٌ: كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَعَشَرَةَ آلَافٍ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ البَرْقي [[في أ: "الرقي".]] ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيرًا عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا الْعَالِيَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ ، قَالَ: "يَزِيدُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا" [[تفسير الطبري (٢٣/٦٧) .]] . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْر، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ زُهَير، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، بِهِ، وَقَالَ: غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرٍ، بِهِ [[سنن الترمذي برقم (٣٢٢٩) .]] . قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: مَعْنَاهُ إِلَى الْمِائَةِ الْأَلْفِ [[في أ: "ألف".]] ، أَوْ كَانُوا يَزِيدُونَ عِنْدَكُمْ، يَقُولُ: كَذَلِكَ كَانُوا عِنْدَكُمْ. وَهَكَذَا سَلَكَ ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا مَا سَلَكَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ [الْبَقَرَةِ:٧٤] ، وَقَوْلِهِ ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ [النساء:٧٧] ، وقوله: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النَّجْمِ:٩] أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ أَزْيَدُ. وَقَوْلِهِ: ﴿فَآمَنُوا﴾ أَيْ: فَآمَنَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ يُونُسُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، جَمِيعُهُمْ. ﴿فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ أَيْ: إِلَى وَقْتِ آجَالِهِمْ، كَقَوْلِهِ: ﴿فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يُونُسَ:٩٨] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب