الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّا جَعَلَنَا هَؤُلَاءِ الْمَحْتُومَ عَلَيْهِمْ بِالشَّقَاءِ نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى الْهُدَى كَنِسْبَةِ مَنْ جُعل فِي عُنُقِهِ غِلٌّ، فجَمَع يَدَيْهِ مَعَ عُنُقِهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ، فَارْتَفَعَ رأسُه، فَصَارَ مقمَحا؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَهُمْ مُقْمَحُونَ﴾ وَالْمُقْمَحُ: هُوَ الرَّافِعُ رَأْسَهُ، كَمَا قَالَتْ أُمُّ زَرْع فِي كَلَامِهَا: "وَأَشْرَبُ فأتقمَّح" أي: أَشْرَبُ فَأُرْوَى، وَأَرْفَعُ رَأْسِي تَهْنِيئًا وتَرَوّيا. وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْغِلِّ فِي الْعُنُقِ عَنْ ذِكْرِ الْيَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَتَا مُرَادَتَيْنِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ [[البيت في تفسير الطبري (٢٢/٩٨) .]] :
فَمَا أدْري إذَا يَمَّمْتُ أرْضًا ... أُرِيدُ الخَيْرَ أَيُّهُمَا يَليني ...
أالْخَيْرُ الَّذِي أنَا أبْتَغيه ... أَمِ الشَّرّ الَّذِي لَا يَأتَليني ...
فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ الشَّرِّ لَمّا دَلَّ السِّيَاقُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ، [[في ت: "لما دل عليه السياق".]] وَكَذَا هَذَا، لَمَّا كَانَ الغُلّ إِنَّمَا يُعْرَفُ فِيمَا جَمَع الْيَدَيْنِ مَعَ الْعُنُقِ، اكْتَفَى بِذِكْرِ الْعُنُقِ عَنِ الْيَدَيْنِ.
قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ﴾ قَالَ: هُوَ كَقَوْلِ اللَّهِ [[في ت: "كقوله".]] تَعَالَى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ [الْإِسْرَاءِ:٢٩] يَعْنِي بِذَلِكَ: أَنَّ أَيْدِيَهُمْ مُوثَقَةٌ [[في ت: "موثوقة".]] إِلَى أَعْنَاقِهِمْ، لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَبْسُطُوهَا بِخَيْرٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿فَهُمْ مُقْمَحُونَ﴾ قَالَ: رافعو [[في ت، س: "رافعى".]] رؤوسهم، وَأَيْدِيهِمْ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَهُمْ مَغْلُولُونَ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا﴾ : قَالَ مُجَاهِدٌ: عَنِ الْحَقِّ، ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: عَنِ الْحَقِّ، فَهُمْ يَتَرَدَّدُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي الضَّلَالَاتِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ﴾ أَيْ: أَغْشَيْنَا أَبْصَارَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، ﴿فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ أَيْ: لَا يَنْتَفِعُونَ بِخَيْرٍ وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: "فَأَعْشَيْنَاهُمْ" بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ، مِنَ الْعَشَا وَهُوَ دَاءٌ فِي الْعَيْنِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: جَعَلَ اللَّهُ هَذَا السَّدَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، فَهُمْ لَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ، وَقَرَأَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ﴾ [يونس: ٩٦، ٩٧] ثُمَّ قَالَ: مَنْ مَنَعَهُ اللَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رأيتُ مُحَمَّدًا لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ، فَأُنْزِلَتْ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ [فَهُمْ] لَا يُبْصِرُونَ﴾ [[زيادة من ت، أ.]] ، قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: أَيْنَ هُوَ أَيْنَ هُوَ؟ لَا يُبْصِرُهُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَهُمْ جُلُوسٌ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ تَابَعْتُمُوهُ [[في ت: " بايعتموه".]] كُنْتُمْ مُلُوكًا، فَإِذَا مُتُّمْ [[في ت: "أنتم".]] بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ، وَكَانَتْ لَكُمْ جِنَانٌ خَيْرٌ مِنْ جِنَانِ الأرْدُن وَأَنَّكُمْ إِنْ خَالَفْتُمُوهُ كَانَ لَكُمْ مِنْهُ ذَبْحٌ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ وَكَانَتْ لَكُمْ نَارٌ تُعَذَّبون بِهَا. وَخَرَجَ [عَلَيْهِمْ] [[زيادة من أ.]] رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ، وَفِي يَدِهِ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ، وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَعْيُنِهِمْ دُونَهُ، فَجَعَلَ يَذُرّها على رؤوسهم، ويقرأ: ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾
حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِحَاجَتِهِ، وَبَاتُوا رُصَدَاء عَلَى بَابِهِ، حَتَّى خَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ خَارِجٌ مِنَ الدَّارِ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: نَنْتَظِرُ مُحَمَّدًا. قَالَ قَدْ خَرَجَ عَلَيْكُمْ، فَمَا بَقِيَ مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ إِلَّا [قَدْ] [[زيادة من أ.]] وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ. فَجَعَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَنْفُضُ مَا عَلَى رَأْسِهِ مِنَ التُّرَابِ. قَالَ: وَقَدْ بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ قَوْلُ أَبِي [[في ت: "قول أبا" وهو خطأ.]] جَهْلٍ فَقَالَ: "وَأَنَا أَقُولُ ذَلِكَ: إِنَّ لَهُمْ مِنِّي لَذَبْحًا، وَإِنَّهُ أَحَدُهُمْ".
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ أَيْ: قَدْ خَتَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالضَّلَالَةِ، فَمَا يُفِيدُ فِيهِمُ الْإِنْذَارُ وَلَا يَتَأَثَّرُونَ بِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، [[عند تفسير الآية السادسة.]] وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ﴾ [يونس:٩٦، ٩٧] .
﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ أَيْ: إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِإِنْذَارِكَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الذِّكْرَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ﴾ أَيْ: حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ، يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ، وَعَالَمٌ بِمَا يَفْعَلُهُ، ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ﴾ أَيْ: لِذُنُوبِهِ، ﴿وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ أَيْ: كَبِيرٍ وَاسِعٍ حَسَنٍ جَمِيلٍ، كَمَا قَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [الْمُلْكِ: ١٢] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى﴾ أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِي قَلْبَ مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَدْ مَاتَتْ قُلُوبُهُمْ بِالضَّلَالَةِ، فَيَهْدِيهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ قَسْوَةِ الْقُلُوبِ: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الْحَدِيدِ: ١٧] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا﴾ أَيْ: مِنَ الْأَعْمَالِ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَآثَارَهُمْ﴾ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَكْتُبُ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي بَاشَرُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَآثَارَهَمُ الَّتِي أَثَرُوهَا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَنَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ، كَقَوْلِهِ ﷺ: "مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ [[في أ: "يعمل".]] بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، ومَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا ووزرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا".
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفة، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفِيهِ قِصَّةُ مُجْتَابِي النَّمَّار المُضريَّين. [[صحيح مسلم برقم (١٠١٧) .]] وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي الْمُحَيَّاةِ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ .
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانة، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عن أبيه، فذكره. [[صحيح مسلم برقم (١٠١٧) .]] وَهَكَذَا الْحَدِيثُ الْآخَرُ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ، انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: مِنْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ، أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ مِنْ بَعْدِهِ". [[صحيح مسلم برقم (١٦٣١) .]]
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: [[في ت: "وعن مجاهد في قوله".]] ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ قَالَ: مَا أَوْرَثُوا مِنَ الضَّلَالَةِ.
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ يَعْنِي: مَا أَثَرُوا. يَقُولُ: مَا سَنُّوا مِنْ سُنَّةٍ، فَعَمِلَ [[في أ: "يعمل".]] بِهَا قَوْمٌ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَلَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ مَنْ عَمِلَهُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ شَرًّا فَعَلَيْهِ مَثَلُ أَوْزَارِهِمْ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَهُ شَيْئًا. ذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ البَغَوِيّ. [[معالم التنزيل للبغوي (٧/٩) .]]
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ آثَارُ خُطَاهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ أَوِ الْمَعْصِيَةِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿مَا قَدَّمُوا﴾ : أَعْمَالُهُمْ. ﴿وَآثَارَهُمْ﴾ قَالَ: خُطَاهُمْ بِأَرْجُلِهِمْ. وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: ﴿وَآثَارَهُمْ﴾ يَعْنِي: خُطَاهُمْ. قَالَ قَتَادَةُ: لَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى [[في ت، س، أ: "عز وجل".]] مُغفلا شَيْئًا من شأنك يا بن آدَمَ، أَغْفَلَ مَا تُعْفِي الرِّيَاحُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ، وَلَكِنْ أَحْصَى عَلَى ابْنِ آدَمَ أَثَرَهُ وَعَمَلَهُ كُلَّهُ، حَتَّى أَحْصَى هَذَا الْأَثَرَ فِيمَا هُوَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكْتُبَ أَثَرَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، فَلْيَفْعَلْ.
وَقَدْ وَرَدَت فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ [[في ت: "رواه".]] الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الجُرَيْري، عَنْ أَبِي نَضْرَة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَلَتِ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلَمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ". قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ. فَقَالَ: "يَا بَنِي سَلَمَةَ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ وكَهْمس بْنِ الْحَسَنِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي نَضْرَةَ -وَاسْمُهُ: الْمُنْذِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ قطْعَة العَبْدِي-عَنْ جَابِرٍ. [[المسند (٣/٣٣٢) وصحيح مسلم برقم (٦٦٥) .]]
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ بَنُو سلَمة فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾
فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّ آثَارَكُمْ تُكْتبُ". فَلَمْ يَنْتَقِلُوا.
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ التِّرْمِذِيُّ [[في أ: "مسلم".]] عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَزِيرِ، بِهِ. [[سنن الترمذي برقم (٣٢٢٦) .]] ثُمَّ قَالَ: "حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ". [[في ت: "أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب".]]
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ الرَّقِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ طَرِيفٍ -وَهُوَ ابْنُ شِهَابٍ أَبُو سُفْيَانَ السَّعْدِيُّ-عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، بِهِ. [[تفسير الطبري (٢٢/١٠٠) .]]
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ:
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ السَّاجِي، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيري، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: إِنَّ بَنِي سَلَمة شَكوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بُعْدَ مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ ، فَأَقَامُوا فِي مَكَانِهِمْ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى [[في س، أ: "وحدثناه محمد بن المثني".]] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِنَحْوِهِ.
وَفِيهِ غَرَابَةٌ مِنْ حَيْثُ ذكْرُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَالسُّورَةُ بِكَمَالِهَا مَكِّيَّةٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِي، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ [[في ت: "رواه ابن جرير بإسناده إلى".]] ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ مَنَازِلُ الْأَنْصَارِ مُتَبَاعِدَةً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ فَقَالُوا: نَثْبُتُ مَكَانَنَا. هَكَذَا رَوَاهُ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مَرْفُوعٌ. [[تفسير الطبري (٢٢/١٠٠) .]]
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاك، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ بَعِيدَةً مَنَازِلُهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ فَثَبَتُوا فِي مَنَازِلِهِمْ. [[المعجم الكبير (١٢/٨) وشيخه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أبي مريم ضعيف.]]
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ [[في ت: "رواه".]] الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَة، حَدَّثَنِي حُيَيّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيَّ ﷺ وَقَالَ: "يَا لَيْتَهُ مَاتَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِهِ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [[في ت، س: "النبي".]] ﷺ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تُوُفِّيَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِهِ، قِيس لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إلى منقطع أثره فِي الْجَنَّةِ".
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ حَرْمَلَةَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُيَيِّ بْنِ [[في أ: "عن".]] عَبْدِ اللَّهِ، بِهِ. [[المسند (٢/١٧٧) وسنن النسائي (٤/٧) وسنن ابن ماجه برقم (١٦١٤) .]]
وَقَالَ [[في ت: "وروى".]] ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: مَشَيْتُ مَعَ أَنَسٍ فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَشَيْنَا رُوَيْدًا، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ قَالَ أَنَسٌ: مَشَيْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ الْآثَارَ تُكْتَبُ؟ أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ الْآثَارَ تُكْتَبُ؟ [[تفسير الطبري (٢٢/١٠٠) .]] .
وَهَذَا الْقَوْلُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ، بَلْ فِي هَذَا تَنْبِيهٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ [[في أ: "ذاك".]] بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ تُكتَب، فَلَأَنْ تُكْتَبَ تِلْكَ الَّتِي فِيهَا قُدوة بِهِمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ أَيْ: جَمِيعُ الْكَائِنَاتِ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابٍ مَسْطُورٍ مَضْبُوطٍ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ، وَالْإِمَامُ الْمُبِينُ هَاهُنَا هُوَ أُمُّ الْكِتَابِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٧١] أَيْ: بِكِتَابِ أَعْمَالِهِمِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِمْ بِمَا عَمِلُوهُ مِنْ خَيْرٍ وشر، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزُّمَرِ: ٦٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩] .
{"ayahs_start":8,"ayahs":["إِنَّا جَعَلۡنَا فِیۤ أَعۡنَـٰقِهِمۡ أَغۡلَـٰلࣰا فَهِیَ إِلَى ٱلۡأَذۡقَانِ فَهُم مُّقۡمَحُونَ","وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ سَدࣰّا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدࣰّا فَأَغۡشَیۡنَـٰهُمۡ فَهُمۡ لَا یُبۡصِرُونَ","وَسَوَاۤءٌ عَلَیۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ","إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكۡرَ وَخَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِۖ فَبَشِّرۡهُ بِمَغۡفِرَةࣲ وَأَجۡرࣲ كَرِیمٍ","إِنَّا نَحۡنُ نُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُوا۟ وَءَاثَـٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَیۡءٍ أَحۡصَیۡنَـٰهُ فِیۤ إِمَامࣲ مُّبِینࣲ"],"ayah":"إِنَّا جَعَلۡنَا فِیۤ أَعۡنَـٰقِهِمۡ أَغۡلَـٰلࣰا فَهِیَ إِلَى ٱلۡأَذۡقَانِ فَهُم مُّقۡمَحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق