الباحث القرآني
هَذِهِ آدَابٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا نِسَاءَ النَّبِيِّ ﷺ، وَنِسَاءُ الْأُمَّةِ تَبَعٌ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مُخَاطِبًا لِنِسَاءِ النَّبِيِّ [ﷺ] [[زيادة من ت، وفي ف: "صلوات الله وسلامه عليه".]] بِأَنَّهُنَّ إِذَا اتَّقَيْنَ اللَّهَ كَمَا أَمَرَهُنَّ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِهُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ، وَلَا يَلْحَقُهُنَّ فِي الفضيلة وَالْمَنْزِلَةِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾ .
قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: يَعْنِي بِذَلِكَ: تَرْقِيقَ الْكَلَامِ إِذَا خَاطَبْنَ الرِّجَالَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ أَيْ: دَغَل، ﴿وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا﴾ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: قَوْلًا حَسَنًا جَمِيلًا مَعْرُوفًا فِي الْخَيْرِ.
وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهَا تُخَاطِبُ الْأَجَانِبَ بِكَلَامٍ لَيْسَ فِيهِ تَرْخِيمٌ، أَيْ: لَا تُخَاطِبِ الْمَرْأَةُ الْأَجَانِبَ كَمَا تُخَاطِبُ زَوْجَهَا.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ أَيِ: الْزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ فَلَا [[في ت: "ولا".]] تَخْرُجْنَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. وَمِنِ الْحَوَائِجِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ بِشَرْطِهِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلْيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلات" وَفِي رِوَايَةٍ: "وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ" [[رواه بهذا اللفظ أبو داود في السنن برقم (٥٦٥) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، وبالرواية الثانية برقم (٥٦٧) من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.]]
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدة [[في أ: "مسعود".]] حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْكَلْبِيُّ، رَوْحُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ثِقَةٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ [[في ت: "وروى أبو بكر البزار بإسناده".]] عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جِئْنَ النِّسَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِالْفَضْلِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَا لَنَا عَمَلٌ نُدْرِكُ بِهِ عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ قَعَدَ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا -مِنْكُنَّ فِي بَيْتِهَا فَإِنَّهَا تُدْرِكُ عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ [[في ت: "المجاهد".]] فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا رَوْحَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مَشْهُورٌ [[مسند البزار برقم (١٤٧٥) "كشف الأستار" ورواه أبو يعلى في المسند (٦/١٤٠) وابن حبان في المجروحين (١/٢٩٩) من طريق أبي رجاء الكلبي بنحوه. قال ابن حبان: "وكان روح ممن يروي عن الثقات الموضوعات، ويقلب الأسانيد، ويرفع الموقوفات" ثم قال: "لا تحل الرواية عنه ولا كتابة حديثه إلا للاختبار". وقال ابن عدي في الكامل: "أحاديثه غير محفوظة".]] .
وَقَالَ [[في ت: "وروى".]] الْبَزَّارُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّق، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إِنِ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ [[في أ: "ما يكون".]] بروْحَة رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْر بَيْتِهَا".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ بُنْدَار، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ، بِهِ نَحْوَهُ [[سنن الترمذي برقم (١١٧٣) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". ورواه ابن خزيمة في صحيحه برقم (١٦٨٥) ومن طريقه ابن حبان في صحيحه برقم (٣٢٩) "موارد" عن عمرو بن عاصم، به، وشك ابن خزيمة في سماع قتادة هذا الحديث من مورق.]]
وَرَوَى الْبَزَّارُ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَأَبُو دَاوُدَ أَيْضًا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي مَخْدعِها أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا" [[سنن أبي داود برقم (٥٧٠) .]] وَهَذَا إِسْنَادٌ [[في ت: "إسناده".]] جَيِّدٌ.
* * *
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَخْرُجُ تَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الرِّجَالِ، فَذَلِكَ تَبَرُّجُ الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى﴾ يَقُولُ: إِذَا خَرَجْتُنَّ مِنْ بُيُوتِكُنَّ -وَكَانَتْ لَهُنَّ [[في أ: "لها".]] مِشْيَةٌ وَتَكَسُّرٌ وتغنُّج -فَنَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى﴾ وَالتَّبَرُّجُ: أَنَّهَا تُلْقِي الْخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا، وَلَا تَشُدُّهُ فَيُوَارِي قَلَائِدَهَا وَقُرْطَهَا وَعُنُقَهَا، وَيَبْدُو ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهَا، وَذَلِكَ التَّبَرُّجُ، ثُمَّ عُمَّتْ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ فِي التَّبَرُّجِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْفُرَاتِ -حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمة [[في ت: "وروى ابن جرير بإسناده".]] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى﴾ . قَالَ: كَانَتْ فِيمَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ، وَكَانَتْ أَلْفَ سَنَةٍ، وَإِنَّ بَطْنَيْنِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُ السَّهْلَ، وَالْآخِرُ يَسْكُنُ الْجَبَلَ. وَكَانَ رِجَالُ الْجَبَلِ صِبَاحًا وَفِي النِّسَاءِ دَمَامة. وَكَانَ نِسَاءُ السَّهْلِ صِبَاحًا وَفِي الرِّجَالِ دَمَامَةٌ، وَإِنَّ إِبْلِيسَ أَتَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّهْلِ فِي صُورَةِ غُلَامٍ، فَآجَرَ نَفْسَهُ مِنْهُ، فَكَانَ يَخْدِمُهُ وَاتَّخَذَ إِبْلِيسُ شَيْئًا مِثْلَ الَّذِي يُزَمّر فِيهِ الرِّعاء، فَجَاءَ فِيهِ بِصَوْتٍ لَمْ يسمَع النَّاسُ مِثْلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مَنْ حَوْلَهُ، فَانْتَابُوهُمْ يَسْمَعُونَ إِلَيْهِ، وَاتَّخِذُوا عِيدًا يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ فِي السَّنَةِ، فيتبرَّجُ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ. قَالَ: ويتزيَّن [[في ت، ف: "وتنزل".]] الرِّجَالُ لَهُنَّ، وَإِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ هَجَم عَلَيْهِمْ فِي عِيدِهِمْ ذَلِكَ، فَرَأَى النِّسَاءَ وصَبَاحتهن، فَأَتَى أَصْحَابَهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَتَحَوَّلُوا إِلَيْهِنَّ، فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ وَظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِيهِنَّ، فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى﴾ [[تفسير الطبري (٢٢/٤) .]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ، نَهَاهُنَّ أَوَّلًا عَنِ الشَّرِّ ثُمَّ أَمَرَهُنَّ بِالْخَيْرِ، مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ -وَهِيَ: عِبَادَةُ اللَّهِ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ -وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ: الْإِحْسَانُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ، ﴿وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ، وَهَذَا مِنْ بَابِ عَطْفِ الْعَامِ عَلَى الْخَاصِّ. وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ : وَهَذَا نَصٌّ فِي دُخُولِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُنَّ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَسَبَبُ النُّزُولِ دَاخِلٌ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا، إِمَّا وَحْدَهُ عَلَى قَوْلٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ: عَنْ عِكْرِمة أَنَّهُ كَانَ يُنَادِي فِي السُّوقِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ ، نَزَلَتْ [[في ت: "أنزلت".]] فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً، وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَاب، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ [[في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى".]] ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ قَالَ: نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ خاصة.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ.
فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُنَّ كُنّ سَبَبَ النُّزُولِ دُونَ غَيْرِهِنَّ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُنَّ الْمُرَادُ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِنَّ، فَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، أَخْبَرَنَا عَلَيِّ بْنِ زَيْدٍ [[في ت: "فروى الإمام أحمد بإسناده".]] ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرَ يَقُولُ: "الصَّلَاةُ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ، ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ عَفَّانَ بِهِ. وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ [[في ت: "حديث حسن".]] . [[المسند (٣/٢٥٩) وسنن الترمذي برقم (٣٢٠٦) .]]
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ: رَابَطْتُ الْمَدِينَةَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، [قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ] [[زيادة من ت، ف، أ، والطبري.]] إِذَا طَلَعَ الْفَجْرَ، جَاءَ إِلَى بَابِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ: "الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [[تفسير الطبري (٢٢/٦) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٢/٢٠٠) من طريق منصور بن الأسود، عن أبي داود بنحوه.]] .
أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى هُوَ: نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ، كَذَّابٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ [[في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده عن شداد بن عمار".]] قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ، فَذَكَرُوا عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلِمَا قَامُوا قَالَ لِي: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَتَيْتُ فَاطِمَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ عَلِيٍّ فَقَالَتْ: تَوَجه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، آخِذٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَ، فَأَدْنَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ لفَّ عَلَيْهِمْ [[في ت: "عليهما".]] ثَوْبَهُ -أَوْ قَالَ: كِسَاءَهُ -ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ ، اللَّهُمَّ [[في ت، ف: "وقال: اللهم".]] هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ"، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ [[في أ: "عمر".]] ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ بِسَنَدِهِ نَحْوَهُ -زَادَ فِي آخِرِهِ: قَالَ وَاثِلَةُ: فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ -مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ: "وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي"قَالَ وَاثِلَةُ: إِنَّهَا مِنْ أَرْجَى مَا أَرْتَجِي [[المسند (٤/١٠٧) وتفسير الطبري (٢٢/٦) .]] .
ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ وَاصِلٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْن، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ كُلْثُومِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ شَدَّادِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ إذ ذكروا عليا فَشَتَمُوهُ، فَلَّمَا قَامُوا قَالَ: اجْلِسْ حَتَّى أُخْبِرُكَ عَنِ الَّذِي شَتَمُوهُ، إِنِّي عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ فَأَلْقَى ﷺ عَلَيْهِمْ كِسَاءً لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا؟ قَالَ: "وَأَنْتَ" قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي [[تفسير الطبري (٢٢/٧) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٢/٦٥) من طريق علي بن عبد العزيز عن الفضل بن دكين، أبو نعيم به.]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ بن أبي رَبَاحٍ، حَدَّثَنِي مِنْ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي بَيْتِهَا، فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، بِبُرْمَةٍ فِيهَا خَزيرة، فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: "ادْعِي زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ". قَالَتْ: فَجَاءَ عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تِلْكَ الْخَزِيرَةِ، وَهُوَ عَلَى منامةٍ لَهُ عَلَى دُكَّانٍ [[في ف: "وكان".]] تَحْتَهُ كِسَاءٌ خَيْبَرِيٌّ، قَالَتْ: وَأَنَا فِي الْحُجْرَةِ أُصَلِّي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ . قَالَتْ: فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ فَغَطَّاهُمْ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا"، قَالَتْ: فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي الْبَيْتَ، فَقُلْتُ: وَأَنَا مَعَكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ" [[المسند (٦/٢٩٢) وقد سمى شيخ عطاء في رواية الطبراني في المعجم الكبير (٩/١١) فقال عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة بنحوه.]] .
فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ [[في أ: "يسمع".]] ، وَهُوَ شَيْخُ عَطَاءٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمُعَدِّلِ [[في أ: "العدل".]] ، عَنْ عَطِيَّةَ الطُّفَاوِيّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ [[في ت: "وروى الإمام أحمد بسنده أن أم سلمة قالت".]] : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِي يَوْمًا إِذْ قَالَ الْخَادِمُ: إِنَّ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا بِالسُّدَّةِ قَالَتْ: فَقَالَ لِي: "قُومِي فَتَنَحي عَنْ [[في أ: "فتنحى لي عن".]] أَهْلِ بَيْتِي". قَالَتْ: فَقُمْتُ فَتَنَحَّيْتُ فِي الْبَيْتِ قَرِيبًا، فَدَخَلَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَمَعَهُمَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُمَا صَبِيَّانِ صَغِيرَانِ، فَأَخَذَ الصَّبِيَّيْنِ فَوَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ فقبَّلهما، وَاعْتَنَقَ عَلِيًّا بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَفَاطِمَةَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى، وقَبَّل فَاطِمَةَ وقَبَّل عَلِيًّا، وَأَغْدَقَ عَلَيْهِمْ خَميصَة سَوْدَاءَ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ، إِلَيْكَ لَا إِلَى النَّارِ أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي". قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَ: "وَأَنْتِ" [[المسند (٦/٢٩٦) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا [الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا] [[زيادة من: ت، ف، و"الطبري".]] فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ؛ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي بَيْتِهَا: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قَالَتْ: وَأَنَا جَالِسَةٌ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ: يَا رسول اللَّهِ، ألستُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: "إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، أَنْتِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ" قَالَتْ: وَفِي الْبَيْتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَعَلِيَّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [[تفسير الطبري (٢٢/٧) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٣/٢٤٩) من طريق فضيل بن مرزوق به مختصرا.]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا، عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنِ وَكِيع، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَام، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِنَحْوِهِ [[تفسير الطبري (٢٢/٦) ورواه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (٧٧٠) من طريق عبد الحميد بن بهرام، به. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٣/٣٣٣) من طريق زبيد، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَد، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَاصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَة قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَمَعَ فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ جَأَرَ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: "هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي". قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَدْخَلَنِي مَعَهُمْ. فَقَالَ: "أَنْتِ مِنْ أَهْلِي" [[تفسير الطبري (٢٢/٧) ورواه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (٧٦٣) من طريق خالد بن مخلد القطواني به.]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ بِنَحْوِ ذَلِكَ [[تفسير الطبري (٢٢/٧) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٣/٢٨٦) من طريق شريك، عن عطاء، عن أم سلمة.]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِبُرْمَةٍ لَهَا قَدْ صَنَعَتْ فِيهَا عَصيدَة تَحْمِلُهَا عَلَى طَبَقٍ، فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: "أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ وَابْنَاكِ؟ " فَقَالَتْ: فِي الْبَيْتِ. فَقَالَ: "ادْعِيهِمْ". فَجَاءَتْ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَتْ: أجِبْ رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ وَابْنَاكَ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَلَمَّا رَآهُمْ مُقْبِلِينَ مدَّ يَدَهُ إِلَى كِسَاءٍ كَانَ عَلَى الْمَنَامَةِ، فَمَدَّهُ وَبَسَطَهُ، وَأَجْلَسَهُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِأَطْرَافِ الْكِسَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِشَمَالِهِ، فَضَمَّهُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى إِلَى رَبِّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ، هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا". [[تفسير الطبري (٢٢/٧) .]]
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ [[في أ: "عبد الملك".]] بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ذَكَرْنَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: فِي بَيْتِي نَزَلَتْ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ . قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى بَيْتِي فَقَالَ: "لَا تَأْذَنِي لِأَحَدٍ". فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فِلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبَهَا عَنْ أَبِيهَا. ثُمَّ جَاءَ الْحَسَنُ فِلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبَهُ عَنْ أُمِّهِ وَجَدِّهِ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فِلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبَهُ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْجُبَهُ، فَاجْتَمَعُوا فَجَلّلهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا". فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْبِسَاطِ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا؟ قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ، وَقَالَ: "إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ" [[تفسير الطبري (٢٢/٧) ورواه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (٧٦٢) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش بنحوه.]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ [[في أ: "بشير".]] عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ [[في ف: "النبي".]] ﷺ ذات غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْط مُرَحَّل مِنْ شَعْر أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ [[في أ: "بشير".]] ، بِهِ. [[تفسير الطبري (٢٢/٥) وصحيح مسلم برقم (٢٠٨١) .]]
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُرَيج بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْعَوَّامِ -يَعْنِي: ابْنَ حَوْشَب -عَنْ عمٍّ لَهُ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: تَسْأَلُنِي عَنْ رَجُلٍ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَتُهُ وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَعَا عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ ثَوْبًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ، هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا". قَالَتْ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ؟ فَقَالَ: "تَنَحّي، فَإِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ".
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا بَكْرُ [[في ف: "بكير".]] بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبّان العَنزيّ، حَدَّثَنَا منْدَل، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خَمْسَةٍ: فِيَّ، وَفِي عَلِيٍّ، وَحَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ، وَفَاطِمَةَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [[تفسير الطبري (٢٢/٥) .]] .
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فُضَيْلَ بْنَ مَرْزُوقٍ رَوَاهُ عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ العِجْلي، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْقُوفًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا بُكَيْر بْنُ مِسْمَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَأَخَذَ عَلِيًّا وَابْنَيْهِ وَفَاطِمَةَ فَأَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: "رَبِّ، هَؤُلَاءِ أَهْلِي وَأَهْلُ بَيْتِي" [[رواه الطبري في تفسيره (٢٢/٧) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٨٤٣٩) من طريق أبي بكر الحنفي، عن بكير بن مسمار، به.]]
حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنِي زُهَير بْنُ حَرْبٍ، وشُجاع بْنُ مَخْلَد جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ عُلَيَّة -قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَيَّان، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّان قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وحُصَين بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ [[في ت، ف، أ: "سلمة".]] إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لقيتَ يَا زيدُ خَيْرًا كَثِيرًا [رأيتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وسمعتَ حَدِيثَهُ، وغزوتَ مَعَهُ، وصليتَ خَلْفَهُ، لَقَدْ لَقِيَتْ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا] [[زيادة من ت، ف، ومسلم.]] ؛ حَدّثنا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. قال: يا بن أخي، والله لقد كَبرَت [[في أ "كبر".]] سِنِّي، وَقَدِمَ عَهْدِي، ونسيتُ بَعْضَ الَّذِي كنتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَمَا حَدّثتكُم فَاقْبَلُوا، وَمَا لَا فَلَا تُكَلّفونيه. ثُمَّ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا -بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ -فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكّر، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ [[في ف: "فيوشك".]] أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبُ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثِقْلَيْنِ، وَأَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا بِهِ". فَحَثّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّب فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: "وَأَهْلُ بَيْتِي، أذَكِّركم اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أذكِّركم اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي" ثَلَاثًا. فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلَ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصّدَقة بَعْدَهُ. قَالَ: ومَنْ هم؟ قال هم آل علي، وآل عَقِيل، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ [[صحيح مسلم برقم (٢٤٠٨) .]] .
ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّار بْنِ الريَّان، عَنْ حَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّان [[في أ: "حسان".]] ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: فَقُلْنَا لَهُ: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ نِسَاؤُهُ؟ قَالَ: لَا وَايْمُ اللَّهِ، إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِنَ الدَّهْرِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلَى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا. أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُهُ وعَصبَته الَّذِينَ حُرموا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ [[صحيح مسلم برقم (٢٤٠٨) .]] .
هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالْأُولَى أَوْلَى، وَالْأَخْذُ بِهَا أَحْرَى. وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ تَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْأَهْلِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ، إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِمْ آلُهُ الَّذِينَ حُرموا الصَّدَقَةَ، أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الْأَزْوَاجَ فَقَطْ، بَلْ هُمْ مَعَ آلِهِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَرْجَحُ؛ جَمْعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَجَمْعًا أَيْضًا بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِنْ صَحَّتْ، فَإِنَّ فِي بَعْضِ أَسَانِيدِهَا نَظَرًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ مَنْ تَدَبَّر الْقُرْآنَ أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ ﷺ دَاخِلَاتٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ ، فَإِنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ مَعَهُنَّ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ أَيِ: اعْمَلْنَ بِمَا يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. قَالَهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَاذْكُرْنَ هَذِهِ النِّعْمَةَ الَّتِي خُصِصْتُنَّ [[في أ: "خصصتهن".]] بِهَا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، أَنَّ الْوَحْيَ يَنْزِلُ فِي بُيُوتِكُنَّ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ، وَعَائِشَةُ [الصِّدِّيقَةُ] [[زيادة من أ.]] بِنْتُ الصِّدِّيقِ أَوْلاهُنَّ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، وَأَحْظَاهُنَّ بِهَذِهِ الْغَنِيمَةِ، وَأَخَصَّهُنَّ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ الْعَمِيمَةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الوحيُ فِي فِرَاشِ امْرَأَةٍ سِوَاهَا، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ [[في ت: "رسول الله صلى الله عليه وسلم".]] . قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا سِوَاهَا، وَلَمْ يَنَمْ مَعَهَا رَجُلٌ فِي فِرَاشِهَا سِوَاهُ، فَنَاسَبَ أَنَّ تُخَصُّصَ بِهَذِهِ الْمَزِيَّةِ، وَأَنَّ تُفْرَدَ بِهَذِهِ الرُّتْبَةِ الْعَلِيَّةِ. وَلَكِنْ إِذَا كَانَ أَزْوَاجُهُ من أهل بَيْتِهِ، فَقَرَابَتُهُ أَحَقُّ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ: "وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ". وَهَذَا يُشْبِهُ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، فَقَالَ: "هُوَ مَسْجِدِي هَذَا" [[صحيح مسلم برقم (١٣٩٨) من حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.]] . فَهَذَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ فَإِنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي مَسْجِدِ قُباء، كَمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ. وَلَكِنْ إِذَا كَانَ ذَاكَ أسّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، فَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَوْلَى بِتَسمِيَته بِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانة، عَنْ حُصَين بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ [[في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده".]] قَالَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ استُخلفَ حِينَ قُتِل عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [[في ت، ف، أ: "عنه".]] قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي إِذْ وَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَطَعَنَهُ بِخِنْجَرٍ وَزَعَمَ حُصَيْنٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الَّذِي طَعَنَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَحَسَنٌ سَاجِدٌ قَالَ: فَيَزْعُمُونَ أَنَّ الطَّعْنَةَ وَقَعَتْ فِي وَرِكِهِ، فَمَرِضَ مِنْهَا أَشْهُرًا، ثُمَّ بَرَأ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، اتَّقُوا اللَّهَ فِينَا، فَإِنَّا أُمَرَاؤُكُمْ وَضِيفَانُكُمْ، وَنَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قَالَ: فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إِلَّا وَهُوَ يَحِنّ بُكَاءً.
وَقَالَ السُّدِّي، عَنْ أَبِي الدَّيْلَمِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَمَا قَرَأْتَ فِي الْأَحْزَابِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلْأَنْتُمْ هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ أَيْ: بِلُطْفِهِ بِكُنَّ بَلَغْتُنَّ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ، وَبِخِبْرَتِهِ [[في ت: "بمخبرته".]] بِكُنَّ وَأَنَّكُنَّ أَهْلٌ لِذَلِكَ، أَعْطَاكُنَّ ذَلِكَ وَخَصَّكُنَّ بِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ: وَاذْكُرْنَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُنَّ بِأَنَّ جَعْلَكُنَّ فِي بُيُوتٍ تُتْلَى فِيهَا آيَاتُ اللَّهِ وَالْحِكْمَةُ، فَاشْكُرْنَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَاحْمِدْنَهُ.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ أَيْ: ذَا لُطْفٍ بِكُنَّ، إِذْ جَعَلَكُنَّ فِي الْبُيُوتِ الَّتِي تُتْلَى فِيهَا آيَاتُهُ وَالْحِكْمَةُ. وَهِيَ السُّنَّةُ، خَبِيرًا بكنَّ إِذِ اخْتَارَكُنَّ لِرَسُولِهِ أَزْوَاجًا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ قَالَ: يمتنُّ عَلَيْهِنَّ بِذَلِكَ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ عَطِيَّةُ العَوْفي فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ يَعْنِي: لَطِيفٌ بِاسْتِخْرَاجِهَا، خَبِيرٌ بِمَوْضِعِهَا. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا رَوَى الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ قَتَادَةَ [[في ت: "وقتادة".]] .
{"ayahs_start":32,"ayahs":["یَـٰنِسَاۤءَ ٱلنَّبِیِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدࣲ مِّنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِنِ ٱتَّقَیۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَیَطۡمَعَ ٱلَّذِی فِی قَلۡبِهِۦ مَرَضࣱ وَقُلۡنَ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا","وَقَرۡنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِینَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَیۡتِ وَیُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِیرࣰا","وَٱذۡكُرۡنَ مَا یُتۡلَىٰ فِی بُیُوتِكُنَّ مِنۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱلۡحِكۡمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِیفًا خَبِیرًا"],"ayah":"یَـٰنِسَاۤءَ ٱلنَّبِیِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدࣲ مِّنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِنِ ٱتَّقَیۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَیَطۡمَعَ ٱلَّذِی فِی قَلۡبِهِۦ مَرَضࣱ وَقُلۡنَ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











