الباحث القرآني
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا شَهْر قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] [[زيادة من أ.]] حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: حدِّثنا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ. قَالَ: "سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنْ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ، وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَى بَنِيهِ لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُتَابِعُنِّي [[في جـ، ر، أ،: "لتبايعني".]] عَلَى الإسْلامِ". قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ. قَالَ: "فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ " قَالُوا: أَخْبرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ: أَخْبرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ وَكَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ؟ كَيْفَ [[في جـ، و: "وماء الرجل؟ كيف يكون الذكر منه؟ وأخبرنا وكيف".]] هَذَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ؟ وَمَنْ وَليّه مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟ فَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ لَئِنْ أَخْبَرَهُمْ لَيُتَابِعُنَّهُ [[في جـ، أ: "ليبايعنه".]] وَقَالَ:"أَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنزلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا وَطَالَ [[في أ، و: "فطال".]] سُقْمُهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ سُقْمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمان الإبِلِ، وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا" فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ". وَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ، الَّذِي [[في جـ، م، و: "والذي".]] أَنزلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، ومَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَر رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بإذنِ اللَّهِ، إِنْ عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ [[في جـ، ر، أ، و: "ماء الرجل على ماء المرأة".]] كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِنْ عَلا مَاءُ الْمَرْأَةِ [[في جـ، ر، أ، و: "علا ماء المرأة على ماء الرجل".]] مَاءَ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ ". قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ". وَقَالَ: "أَنْشُدُكُمْ [[في أ: "أشهدكم".]] بِالَّذِي أَنزلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الأمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ [[في جـ: "عينه".]] وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ". قَالُوا: اللَّهُمَّ نعمْ. قَالَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ ". قَالُوا: وَأَنْتَ الْآنَ فَحَدِّثْنَا منْ وليُّك مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ قَالَ: "إِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ، وَلَمْ يَبْعَث اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلا وَهُوَ وَلِيُّهُ". قَالُوا: فَعِنْدَهَا [[في أ: "فعندنا".]] نُفَارِقُكَ، وَلَوْ كَانَ وَلِيُّكَ غَيْرَهُ لتابعنَاك [[في جـ، أ: "لبايعناك".]] ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: ٩٧] .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، بِهِ [[المسند (١/٢٧٨) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ [[في أ: "أبو أحمد عن الزبيري"، وفي جـ، و: "أبو أحمد هو الزبيري".]] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ العِجْليّ، عَنْ بُكَير [[في جـ، أ: "بكر".]] بْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلَتْ يهودُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، نَسْأَلُكَ [[في أ: "يا أبا القاسم، إنا نسألك".]] عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنْ [[في جـ، أ: "وإن".]] أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتَّبَعْنَاكَ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ إِذْ قَالَ: ﴿اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ [يُوسُفَ: ٦٦] . قَالَ: "هَاتُوا". قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ عَلَامَةِ النَّبِيِّ؟ قَالَ: "تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُه". قالوا: أخبرنا كيف تُؤنِّثُ المرأةُ وَكَيْفَ تُذْكرُ؟ قَالَ: "يَلْتَقِي الماءَان، فَإِذَا [[في جـ: "فإن".]] عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أذْكَرَتْ، وإذَا عَلا مَاءُ الْمَرْأَةِ [[في جـ، ر، أ: "وَإِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَنَّثَتْ".]] آنثَتْ. قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا حَرَّم إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: "كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلائِمُهُ إِلَّا ألْبَانَ كَذَا وكَذَا -قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي الْإِبِلَ -فَحَرَّم لُحُومَهَا". قَالُوا: صَدَقْتَ. قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعد؟ قَالَ: "مَلَكٌ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ مُوَكلٌ بِالسَّحَابِ بِيدِهِ [[في جـ، ر، أ، و: "بيديه".]] -أَوْ فِي يَدِه-مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُر بِهِ السّحابَ، يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ". قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسمع؟ قَالَ: "صَوْتُه". قَالُوا: صدقت، إنما بقيت واحدة، وهي التي نتابعك إِنْ أَخْبَرَتْنَا بِهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ، فَأَخْبِرْنَا مَنْ صاحبُك؟ قَالَ: "جبْرِيلُ عَلَيْه السَّلامُ". قَالُوا: جِبْرِيلُ ذَاكَ يَنزل بالحَرْب وَالْقِتَالِ وَالْعَذَابِ عَدُوُّنا. لَوْ قلتَ: ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقَطْر لَكَانَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نزلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٩٧] [[في جـ، ر، أ، و: "قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ إِلَى آخِرِ الآية".]] .
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ العِجْلي، به نحوه، وقال الترمذي: حسن غريب [[المسند (١/٢٧٤) وسنن الترمذي برقم (٣١١٧) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٩٠٧٢) .]] .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج والعَوْفَيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ إِسْرَائِيلُ -وَهُوَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ-يَعْتَريه عِرق النَّسَا بِاللَّيْلِ، وَكَانَ [[في جـ، أ، و: "فكان".]] يُقْلِقُهُ ويُزعِجه عَنِ النَّوْمِ، ويُقْلعُ الوَجَعُ عَنْهُ بِالنَّهَارِ، فَنَذَرَ لِلَّهِ لَئِنْ عَافَاهُ اللَّهُ لَا يَأْكُلُ عِرْقًا وَلَا يأكل ولد ما له عِرْق.
وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ. كَذَا حَكَاهُ وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ. قَالَ: فاتَّبعه بَنُوه فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ استنَانًا بِهِ وَاقْتِدَاءً بِطَرِيقِهِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنزلَ التَّوْرَاةُ﴾ أَيْ: حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ.
قُلْتُ: وَلِهَذَا السِّيَاقِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مُنَاسَبَتَانِ [[في ر:"مناسبات".]] .
إِحْدَاهُمَا: أَنْ إِسْرَائِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَرَّمَ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ وَتَرَكَهَا لِلَّهِ، وَكَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شَرِيعَتِهِمْ [[في جـ، أ، و: "شرعهم".]] فَلَهُ مُنَاسَبَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ فَهَذَا هُوَ الْمَشْرُوعُ عِنْدَنَا وَهُوَ الْإِنْفَاقُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ مِمَّا يحبُّه الْعَبْدُ وَيَشْتَهِيهِ، كَمَا قَالَ: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الْبَقَرَةِ:١٧٧] وَقَالَ ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الْإِنْسَانِ:٨] .
الْمُنَاسَبَةُ الثَّانِيَةُ: لمَّا تَقَدَّمَ السِّيَاقُ فِي الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى، وَاعْتِقَادِهِمُ الْبَاطِلِ فِي الْمَسِيحِ وَتَبَيَّنَ زَيْف مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ. وَظُهُورُ [[في ر، أ، و: "ظهر".]] الْحَقِّ وَالْيَقِينِ فِي أَمْرِ عِيسَى وَأُمِّهِ، وَكَيْفَ خَلَقَهُ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَبَعَثَهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ تَعَالَى -شَرَع فِي الرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ، قَبَّحهم اللَّهُ، وَبَيَانِ أَنَّ النَّسْخ الَّذِي أَنْكَرُوا وُقُوعَهُ وَجَوَازَهُ قَدْ وَقَعَ، فَإِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ نَصَّ فِي كِتَابِهِمُ التَّوْرَاةِ أَنَّ نُوحًا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ جَمِيعَ دَوَابِّ الْأَرْضِ يَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ لُحْمان الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا، فَاتَّبَعَهُ بَنُوهُ فِي ذَلِكَ، وَجَاءَتِ التَّوْرَاةُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَأَشْيَاءَ أُخَرَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ. وَكَانَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ أَذِنَ لِآدَمَ فِي تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ، وَقَدْ حرَّم ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَكَانَ التَّسَرِّي عَلَى الزَّوْجَةِ مُبَاحًا فِي شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَدْ فَعَلَهُ [الْخَلِيلُ] [[زيادة من أ.]] إِبْرَاهِيمُ فِي هَاجَرَ لَمَّا تسرَّى بِهَا عَلَى سَارَّةَ، وَقَدْ حُرِّم مِثْلُ هَذَا فِي التَّوْرَاةِ عَلَيْهِمْ. وَكَذَلِكَ كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ شَائِعًا [[في أ، و: "سائغا".]] وَقَدْ فَعَلَهُ يَعْقُوبُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، جَمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، ثُمَّ حُرِّم ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ. وَهَذَا كُلُّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي التَّوْرَاةِ عِنْدَهُمْ، فَهَذَا هُوَ النَّسْخُ بِعَيْنِهِ، فَكَذَلِكَ [[في أ: "فلذلك".]] فَلْيَكُنْ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لِلْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي إِحْلَالِهِ بَعْضَ مَا حَرَّمَ فِي التَّوْرَاةِ، فَمَا بَالُهُمْ لَمْ يَتْبَعُوهُ؟ بَلْ كَذَّبُوهُ وَخَالَفُوهُ؟ وَكَذَلِكَ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ مِنَ الدِّينِ الْقَوِيمِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، ومِلَّة أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ فَمَا بَالُهم [[في جـ، ر، أ، و: "فما لهم".]] لَا يُؤْمِنُونَ؟ وَلِهَذَا قَالَ [تَعَالَى] [[زيادة من أ، و.]] ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنزلَ التَّوْرَاةُ﴾ أَيْ: كَانَ حِلا [[في و: "حلالا".]] لَهُمْ جميعُ الْأَطْعِمَةِ قَبْلَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ إِلَّا مَا حرَّمه إِسْرَائِيلُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ ؛ فَإِنَّهَا نَاطِقَةٌ بِمَا قُلْنَاهُ ﴿فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
أَيْ: فَمَنْ كَذَب عَلَى اللَّهِ وادَّعى أَنَّهُ شَرَع لَهُمُ السَّبْتَ وَالتَّمَسُّكَ بِالتَّوْرَاةِ دَائِمًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا آخَرَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ بِالْبَرَاهِينِ والحُجَج بَعْدَ هَذَا الَّذِي بَيَّنَّاه مِنْ وُقُوعِ النُّسَخِ وَظُهُورِ مَا ذَكَرْنَاهُ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ صَدَقَ اللَّهُ﴾ أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: صَدَقَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ وَفِيمَا شَرَعَهُ فِي الْقُرْآنِ ﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ أَيِ: اتَّبَعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَإِنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا مِرْية، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي لَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ بِأَكْمَلَ مِنْهَا وَلَا أَبْيَنَ وَلَا أَوْضَحَ وَلَا أَتَمَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الْأَنْعَامِ:١٦١] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النَّحْلِ:١٢٣] .
{"ayahs_start":93,"ayahs":["۞ كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلࣰّا لِّبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَ ٰۤءِیلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَاۤ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","فَمَنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ مِنۢ بَعۡدِ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ","قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُوا۟ مِلَّةَ إِبۡرَ ٰهِیمَ حَنِیفࣰاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"],"ayah":"۞ كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلࣰّا لِّبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَ ٰۤءِیلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَاۤ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق