الباحث القرآني

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَزِيعٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ ثُمَّ ارتد ولحق بالشرك، ثُمَّ نَدِمَ، فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ: أَنْ سَلُوا لِي [[في و: "أن أرسلوا إلي".]] رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ [إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا] [[زيادة من جـ، ر، أ، و.]] فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ . وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، بِهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ [[تفسير الطبري (٦/٥٧٢) وسنن النسائي (٧/١٠٧) والحاكم في المستدرك (٤/٣٦٦) وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي".]] . وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا حُمَيد الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: جَاءَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيد فَأَسْلَمَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ كَفَرَ الْحَارِثُ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ [إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ] [[زيادة من جـ، ر، أ، و.]] غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قَالَ: فَحَمَلَهَا إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ. فَقَالَ الْحَارِثُ: إِنَّكَ وَاللَّهِ مَا علمتُ لَصَدُوقٌ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَأَصْدَقُ مِنْكَ، وَإِنَّ اللَّهَ لَأَصْدَقُ الثَّلَاثَةِ. قَالَ: فَرَجَعَ الْحَارِثُ فَأَسْلَمَ فحَسُنَ إِسْلَامُهُ [[تفسير عبد الرزاق (١/١٣١) .]] . فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ أَيْ: قامتْ عَلَيْهِمُ الحُجَجُ وَالْبَرَاهِينُ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرسولُ، وَوَضَح لَهُمُ الأمرُ، ثُمَّ ارْتَدُّوا إِلَى ظُلْمة الشِّرْكِ، فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ هَؤُلَاءِ الْهِدَايَةَ بَعْدَ مَا تَلَبَّسُوا بِهِ مِنَ الْعَمَايَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ثُمَّ قَالَ: ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ أَيْ: يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ خَلْقُهُ ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أَيْ: فِي اللَّعْنَةِ ﴿لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ أَيْ: لَا يُفتَّر عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ سَاعَةً وَاحِدَةً. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وَهَذَا مِنْ لُطْفِهِ وَبِرِّهِ وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَائِدَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ: أَنَّهُ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب