الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى النَّاسِ كَانَ يُحْزِنُهُ مُبَادَرَة الْكُفَّارِ إِلَى الْمُخَالَفَةِ وَالْعِنَادِ وَالشِّقَاقِ، فَقَالَ تَعَالَى: وَلَا يُحْزِنُكَ ذَلِكَ ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ﴾ أَيْ: حِكْمَتُهُ فِيهِمْ أَنَّهُ يُرِيدُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْآخِرَةِ ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ ذَلِكَ إِخْبَارًا مُقَرَّرًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإيمَانِ﴾ أَيِ: اسْتَبْدَلُوا هَذَا بِهَذَا ﴿لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ أَيْ: وَلَكِنْ يَضُرُّونَ أَنْفُسَهُمْ ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ. نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ:٥٥، ٥٦] ، وَكَقَوْلِهِ ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الْقَلَمِ:٤٤] ، وَكَقَوْلِهِ ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التَّوْبَةِ:٥٥] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ أَيْ: لَا بُد أَنْ يَعْقِدَ سَبَبًا مِنَ الْمِحْنَةِ، يَظْهَرُ فِيهِ وَلِيُّهُ، وَيَفْتَضِحُ فِيهِ عَدُوُّهُ. يُعرف بِهِ الْمُؤْمِنُ الصَّابِرُ، وَالْمُنَافِقُ الْفَاجِرُ. يَعْنِي بِذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ الَّذِي امْتَحَنَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَظَهَرَ بِهِ إِيمَانُهُمْ وَصَبْرُهُمْ وَجَلَدُهُمْ [وَثَبَاتُهُمْ] [[زيادة من ر، أ، و.]] وَطَاعَتُهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ﷺ، وَهَتَكَ بِهِ سِتْرَ الْمُنَافِقِينَ، فَظَهْرَ مُخَالَفَتُهُمْ ونُكُولهم عَنِ الْجِهَادِ وَخِيَانَتُهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ [ﷺ] [[زيادة من و.]] وَلِهَذَا قَالَ: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ .
قَالَ مُجَاهِدٌ: مَيَّزَ بَيْنَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَيَّزَ بَيْنَهُمْ بِالْجِهَادِ وَالْهِجْرَةِ. وَقَالَ السُّدِّي: قَالُوا: إنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقًا فَلْيُخْبِرنا عَمّن يُؤْمَنُ بِهِ مِنَّا وَمَنْ يَكْفُر. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى [يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ أَيْ: حَتَّى] [[زيادة من جـ.]] يُخْرج الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ. رَوَى ذَلِكَ كلَّه ابنُ جَرِيرٍ:
ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ أَيْ: أَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ غيبَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ حَتَّى يُميز [[في ر، و: "يتميز".]] لَكُمُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْمُنَافِقِ، لَوْلَا مَا يَعْقِدُهُ [[في ر: "يعتقدوه".]] مِنَ الْأَسْبَابِ الْكَاشِفَةِ عَنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ كَقَوْلِهِ ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ [الْجِنِّ:٢٦، ٢٧] .
ثُمَّ قَالَ: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ أَيْ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاتَّبِعُوهُ فِيمَا شَرَعَ [[في ر، أ، و: "شرعه".]] لَكُمْ ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾ أَيْ: لَا يَحْسَبَنَّ [[في: "تحسبن".]] الْبَخِيلُ أَنَّ جَمْعَهُ الْمَالَ يَنْفَعُهُ، بَلْ هُوَ مَضّرة عَلَيْهِ فِي دِينِهِ -وَرُبَّمَا كَانَ-فِي دُنْيَاهُ.
ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَآلِ أَمْرِ مَالِهِ [[في أ: "أمره إليه".]] يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: " سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالَ الْبُخَارِيُّ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ-عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ آتَاهُ اللهُ مَالا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أقرعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوّقُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَأْخُذُ [[في أ، و: "فيأخذ".]] بلِهْزِمَتَيْه -يَعْنِي بشدقَيْه-يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنزكَ" ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلان، عَنِ القَعْقاع بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، بِهِ [[صحيح البخاري برقم (١٤٠٣، ٤٥٦٥) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُجَين بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمَر، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: "إِنَّ الَّذِي لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ يُمَثِّلُ اللهُ لَهُ مَالَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبتَان، ثُمَّ يُلْزِمهُ يطَوّقه، يَقُول: أنَا كَنزكَ، أنَا كَنزكَ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، بِهِ [[المسند (٢/٩٨) وسنن النسائي (٥/٣٨) .]] ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: وروايةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أثبتُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قُلْتُ: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا [[في و: "بين الروايتين".]] فَقَدْ يَكُونُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ سَاقَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُويَه مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ زِيَادٍ الْخَطْمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ: " مَا مِنْ عَبْدٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا جُعِلَ لَهُ شُجَاعٌ أقْرَعُ يَتْبَعُهُ، يَفِرّ مِنْهُ وَهُوَ يَتْبَعُه فَيقُولُ: أنَا كَنْ ". ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ .
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، بِهِ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعي، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِهِ [[المسند (١/٣٧٧) وسنن الترمذي برقم (٣٠١٢) وسنن النسائي (٥/١١) وسنن ابن ماجة برقم (١٧٨٤) والمستدرك (٢/٢٩٨) .]] وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ غَيْرِ وجه، عن ابن مسعود، موقوفا.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطام، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ: " مَنْ تَرَكَ بَعْدَهُ كَنزا مُثِّلَ لَهُ شُجُاعًا أَقْرَعَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ زَبِيبَتَان، يَتْبَعُه ويَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ وَيْلَكَ. فيقُولُ: أنَا كَنزكَ الَّذِي خَلَّفتَ بَعْدَكَ فَلا يَزَالُ يَتْبَعُه حَتَّى يُلْقِمَه يَدَه فَيقْضِمَها، ثُمَّ يَتْبَعه سَائِر جَسَ". إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ [[عزاه إلى أبي يعلى في المطالب العالية الحافظ ابن حجر (١/٢٥٤) ورواه ابن خزيمة في صحيحه برقم (٢٢٥٥) وابن حبان في صحيحه برقم (٨٠٣) "موارد"والبزار في مسنده (١/٤١٨) "كشف الأستار" والطبراني في المعجم الكبير (٢/٩١) والحاكم في المستدرك (١/٣٣٨) وقال: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي، كلهم مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قتادة به. وقال البزار: "إسناده حسن".]] .
وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلي [[المعجم الكبير (٢/٣٢٢) ولفظه: "ما من ذي رحم يأتي رحمه فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا أخرج له يوم القيامة من جهنم حية يقال لها: شجاع يتلمظ فيطوف به". قال الهيثمي في المجمع (٨/١٥٤) : "رواه الطبراني في الأوسط والكبير وإسناده جيد".]] وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويه مِنْ حَدِيثِ بَهْز بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "لَا يَأْتِي الرَّجُلُ مَولاهُ فيَسْأله مِنْ فَضْلِ مَالِهِ [[في ر، أ، و: "مال".]] عِنْدَهُ، فَيَمْنَعهُ إيَّاهُ، إِلَّا دُعِي لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجاعٌ يَتَلَمَّظُ فَضْلَهُ الَّذِي مَنَعَ". لَفْظُ ابْنِ جَرِيرٍ [[تفسير الطبري (٧/٤٣٥) ورواه أحمد في مسنده (٥/٣) والنسائي في السنن (١/٣٥٨) .]] .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي قَزَعة، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَا مِنْ ذِي رَحِمٍ يَأْتِي ذَا رَحِمه، فيَسْأله مِنْ فَضْلٍ جَعَلَهُ اللهُ عِنْدَهُ، فَيَبْخَلُ بِهِ عَلَيْه، إِلَّا أخُرِج لَهُ مِنْ جَهَنَّم شُجَاعٌ يَتَلَمَّظ، حَتَّى يُطوّقه".
ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي قزَعَة -وَاسْمُهُ حُجَيْر [[في أ، و: "حجر" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.]] بْنُ بَيان-عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْعَبْدِيِّ مَوْقُوفًا. وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي قَزَعَة مُرْسَلًا [[تفسير الطبري (٧/٤٣٤) .]] .
وَقَالَ العَوْفي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ بَخِلُوا بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ أَنْ يُبَيِّنُوهَا.
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ دَخَلَ هَذَا فِي مَعْنَاهُ. وَقَدْ يُقَالُ: [إِنَّ] [[زيادة من أ، و.]] هَذَا أَوْلَى [[في أ: "روى".]] بِالدُّخُولِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ أَيْ: فَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ، فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّها مَرْجِعُهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَدِّمُوا لَكُمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَا يَنْفَعُكُمْ يَوْمَ مَعَادِكُمْ ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أَيْ: بِنياتِكم وَضَمَائِرِكُمْ.
{"ayahs_start":176,"ayahs":["وَلَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِۚ إِنَّهُمۡ لَن یَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ یُرِیدُ ٱللَّهُ أَلَّا یَجۡعَلَ لَهُمۡ حَظࣰّا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمٌ","إِنَّ ٱلَّذِینَ ٱشۡتَرَوُا۟ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِیمَـٰنِ لَن یَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ","وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ خَیۡرࣱ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِثۡمࣰاۖ وَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ","مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِیَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَىٰ مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ حَتَّىٰ یَمِیزَ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَیۡبِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَجۡتَبِی مِن رُّسُلِهِۦ مَن یَشَاۤءُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِیمࣱ","وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَیۡرࣰا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرࣱّ لَّهُمۡۖ سَیُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا۟ بِهِۦ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"],"ayah":"وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَیۡرࣰا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرࣱّ لَّهُمۡۖ سَیُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا۟ بِهِۦ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق