الباحث القرآني

يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ بِقُدْرَتِهِ يَسُوقُ السَّحَابَ أَوَّلَ مَا يُنْشِئُهَا وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَهُوَ الْإِزْجَاءُ ﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ أَيْ: يَجْمَعُهُ بَعْدَ تَفَرُّقِهِ، ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا﴾ أَيْ: مُتَرَاكِمًا، أَيْ: يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ﴾ أَيِ الْمَطَرَ ﴿يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ﴾ أَيْ: مِنْ خَلَله. وَكَذَا [[في ف، أ: "وكذلك".]] قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ. قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ: يَبْعَثُ اللَّهُ الْمُثِيرَةَ فَتَقُمّ الْأَرْضَ قمًّا، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ النَّاشِئَةَ فَتُنْشِئُ السَّحَابَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ الْمُؤَلِّفَةَ فَتُؤَلِّفُ بَيْنَهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ [اللَّهُ] [[زيادة من ف.]] اللَّوَاقِحَ فَتَلْقَحُ السَّحَابَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ : قَالَ بَعْضُ النُّحَاةِ: "مِنِ" الْأُولَى: لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالثَّانِيَةُ: لِلتَّبْعِيضِ، وَالثَّالِثَةُ: لِبَيَانِ الْجِنْسِ. وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ من الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ وَمَعْنَاهُ: أَنَّ فِي السَّمَاءِ جبالَ بَرَد يُنَزِّلُ اللَّهُ مِنْهَا الْبَرْدَ. وَأَمَّا مَنْ جعل الجبال ههنا عِبَارَةً [[في ف، أ: "كناية".]] عَنِ السَّحَابِ، فَإِنَّ "مِنِ" الثَّانِيَةَ عِنْدَ هَذَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْضًا، لَكِنَّهَا بَدَل مِنَ الْأُولَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ﴾ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَيُصِيبُ بِهِ﴾ أَيْ: بِمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ نَوْعَيِ الْبَرَدِ وَالْمَطَرِ [[في ف: "المطر والبرد".]] فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ رَحْمَةً لَهُمْ، ﴿وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ﴾ أَيْ: يُؤَخِّرُ عَنْهُمُ الْغَيْثَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَيُصِيبُ بِهِ﴾ أَيْ: بِالْبَرَدِ نِقْمَةً عَلَى مَنْ يَشَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَثْرِ ثِمَارِهِمْ وَإِتْلَافِ زُرُوعِهِمْ وَأَشْجَارِهِمْ. وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ [أَيْ:] [[زيادة من ف، أ.]] رَحْمَةً بِهِمْ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصَارِ﴾ أَيْ: يَكَادُ ضَوْءُ بِرِقِهِ مِنْ شِدَّتِهِ يَخْطِفُ الْأَبْصَارَ إِذَا اتَّبَعَتْهُ وَتَرَاءَتْهُ. * * * وَقَوْلُهُ ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ أَيْ: يَتَصَرَّفُ فِيهِمَا، فَيَأْخُذُ مِنْ طُولِ هَذَا فِي قِصَرِ هَذَا حَتَّى يَعْتَدِلَا ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ هَذَا فِي هَذَا، فَيَطُولُ الَّذِي كَانَ قَصِيرًا، وَيَقْصُرُ الَّذِي كَانَ طَوِيلًا. وَاللَّهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي ذَلِكَ بِأَمْرِهِ وَقَهْرِهِ وَعِزَّتِهِ وَعِلْمِهِ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأولِي الأبْصَارِ﴾ أَيْ: لَدَلِيلًا عَلَى عَظَمَتِهِ تَعَالَى، كَمَا قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٩٠] . وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب