الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ [[في ف، أ: "عليه وسلامه".]] : ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ أَيْ: هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الْمُلْحِدُونَ الْمُكَذِّبُونَ [[في ت، ف: "الملحدين المكذبين".]] بِاللَّهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، كَمَا قَالَ [اللَّهُ] [[زيادة من ف.]] تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٣٢] ، ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص: ١٦] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾ أَيِ: الَّذِي قَدْ وَعَد، مِنْ إِقَامَةِ السَّاعَةِ وَالِانتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَالْإِكْرَامِ لِأَوْلِيَائِهِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، وَهَلْ يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ؟ فَقَالَ: لَا. فَذَكَرَ آيَةَ وَعِيدٍ، فَقَالَ لَهُ: أَمِنَ [[في ت، ف، أ: "من".]] الْعَجَمِ أَنْتَ؟ إِنَّ الْعَرَبَ تَعدُ الرُّجُوعَ عَنِ الْوَعْدِ لُؤْمًا، وَعَنِ الْإِيعَادِ كَرَمًا، أومَا سمعتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ [[هو عامر بن الطفيل والبيت في اللسان مادة (ختأ) ، (وعد) .]] : لَا يُرْهِبُ ابنَ الْعَمِّ مِنِّي [[في ت، ف، أ: "والجار".]] سَطْوَتي ... وَلَا أخْتَتِي [[في ت، ف، أ: "ينثني".]] مِنْ سَطْوة المُتَهَدّد ... فَإِنِّي وَإن أوْعَدْتُه أوْ وَعَدْتُه ... لَمُخْلِفُ إيعَادي ومُنْجزُ مَوْعدي ... * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ أَيْ: هُوَ تَعَالَى لَا يَعجَل، فَإِنَّ مِقْدَارَ أَلْفِ سَنَةٍ عِنْدَ خَلْقِهِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حُكْمِهِ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ عَلَى الِانتِقَامِ قَادِرٌ، وَأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ أجَّلَ وأنظَر وَأَمْلَى؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفة، حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، خَمْسِمِائَةِ عَامٍ". وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، بِهِ [[سنن الترمذي برقم (٢٣٥٤) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٣٤٨) أي أن النصف يوم خمسمائه عام.]] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا [[في ت: "مرفوعا".]] ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الجُرَيري، عَنْ أَبِي نَضْرَة، عَنْ سُمَيْر بْنِ نَهَارٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِمِقْدَارِ نِصْفِ يَوْمٍ. قُلْتُ: وَمَا نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: أوَما تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ . قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [[تفسير الطبري (١٧/١٢٩) .]] . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمَلَاحِمِ مِنْ سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيح بْنِ [[في ت: "عن".]] عُبَيد، عَنْ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقاص، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "إِنِّي لَأَرْجُو أَلَّا تَعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا، أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ نِصْفَ يَوْمٍ". قِيلَ لِسَعْدٍ: وَمَا نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ [[سنن أبي داود برقم (٤٣٥٠) .]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سنَان [[في ف، أ: "شيبان".]] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ، عَنْ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ قَالَ: مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي خلق الله فيها السموات وَالْأَرْضَ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ بَشّار [[في ت: "يسار".]] ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ [[تفسير الطبري (١٧/١٢٩) .]] . وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ "الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ". وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ: ﴿يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [السَّجْدَةِ: ٥] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَارِمٌ -مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ-حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيق، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أسلمَ قَالَ: إن الله تَعَالَى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ وَجَعَلَ أَجَلَ الدُّنْيَا سِتَّةَ أَيَّامٍ، وَجَعَلَ السَّاعَةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ، ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ ، فَقَدْ مَضَتِ السِّتَّةُ الْأَيَّامُ، وَأَنْتُمْ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. فَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ الْحَامِلِ إِذَا دَخَلَتْ شَهْرَهَا، فِي أَيَّةِ لحظة ولدت كان تماما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب