الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يَعْنِي: كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَأَبِي جَهْلٍ وَأَشْبَاهِهِ ﴿إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُوًا﴾ أَيْ: يَسْتَهْزِئُونَ بِكَ وَيَنْتَقِصُونَكَ، يَقُولُونَ: ﴿أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ يَعْنُونُ: أَهَذَا الَّذِي يَسُبُّ آلِهَتَكُمْ وَيُسَفِّهُ أَحْلَامَكُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ أَيْ: وَهُمْ كَافِرُونَ بِاللَّهِ، وَمَعَ هَذَا يَسْتَهْزِئُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا. إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا﴾ [الْفُرْقَانِ:٤١، ٤٢] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَكَانَ [[في ف: "وخلق".]] الإنْسَانُ عَجُولا﴾ [الْإِسْرَاءِ:١١] أَيْ: فِي الْأُمُورِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بَعْدَ كَلِّ شَيْءٍ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، مِنْ يَوْمِ خَلَقَ الْخَلَائِقَ فَلَمَّا أَحْيَا الرُّوحُ عَيْنَيْهِ وَلِسَانَهُ وَرَأْسَهُ، وَلَمْ يَبْلُغْ [[في ف: "تبلغ".]] أَسْفَلَهُ قَالَ: يَا رَبِّ، اسْتَعْجِلْ بِخَلْقِي قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَان، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "خَيْرُ يَوْمٍ طلعت فيه الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يُصَلِّي -وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ قَلَّلَها [[في أ: "يقللها"]] -فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ". قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: قَدْ عَرَفْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ، وَهِيَ آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا آدَمَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ [[أخرج مالك في الموطأ (١/١٠٨) من طريق يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحوه دون ذكر الآية وأخرج الشيخان أوله والله أعلم.]] . وَالْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ عِجَلَةِ الْإِنْسَانِ هَاهُنَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالرَّسُولِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ [وَسَلَامُهُ] [[زيادة من ف، أ.]] عَلَيْهِ، وَقَعَ فِي النُّفُوسِ سُرْعَةُ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ وَاسْتَعْجَلَتْ [[في ف، أ: "واستعجلت ذلك".]] ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى يُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، يُؤَجِّلُ ثُمَّ يُعَجِّلُ، وَيُنْظِرُ ثُمَّ لَا يُؤَخِّرُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي﴾ أَيْ: نَقْمِي وَحُكْمِي وَاقْتِدَارِي عَلَى مَنْ عَصَانِي، ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب