يَقُولُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا﴾ أَيِ [[في و: "يعني".]] : الْكُفَّارُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ ﴿بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، مِنَ الْإِيمَانِ بِجَمِيعِ كُتُبِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ أَيْ: فَقَدْ أَصَابُوا الْحَقَّ، وَأَرْشَدُوا إِلَيْهِ ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أَيْ: عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ، بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ ﴿فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ أَيْ: فَسَيَنْصُرُكَ عَلَيْهِمْ ويُظْفِرُك بِهِمْ ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُرِئَ عَلَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيم، قَالَ: أَرْسَلَ إليَّ بَعْضُ الْخُلَفَاءِ مصحفَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِيُصْلِحَهُ. قَالَ زِيَادٌ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُصْحَفَهُ كَانَ فِي حِجْرِهِ حِينَ قُتِل، فَوَقْعَ الدَّمُ عَلَى ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ فَقَالَ نَافِعٌ: بَصُرت عَيْنِي بِالدَّمِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ قَدُم [[تفسير ابن أبي حاتم (١/٤٠٢) .]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: دِينُ اللَّهِ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَعِكْرِمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيِّ، نَحْوَ ذَلِكَ.
وَانْتِصَابُ ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ إِمَّا عَلَى الْإِغْرَاءِ كَقَوْلِهِ ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ﴾ [الرُّومِ: ٣٠] أَيِ: الزَمُوا ذَلِكَ عَلَيْكُمُوهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ انْتَصَبَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ كَقَوْلِهِ ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ﴾ [النِّسَاءِ: ٣٦] .
وَقَدْ وَرَدَ [[في ط: "وقد روى".]] فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويه، مِنْ رِوَايَةِ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ [[في جـ، ط، أ، و: "نبي الله صلى الله عليه وسلم".]] قَالَ: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا: يَا مُوسَى، هَلْ يَصْبُغ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ. فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا مُوسَى، سَأَلُوكَ هَلْ يَصْبُغ رَبُّكَ؟ فَقُلْ: نَعَمْ، أَنَا أصبُغ الْأَلْوَانَ: الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَالْأَسْوَدَ، وَالْأَلْوَانُ كُلُّهَا مِنْ صَبْغي". وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ [[تفسير ابن أبي حاتم (١/٤٠٣) ومن طريقه أبو الشيخ في العظمة برقم (١٣٨) .]] .
كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ مَرْفُوعًا، وَهُوَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مَوْقُوفٌ، وَهُوَ أَشْبَهُ، إِنْ صَحَّ إِسْنَادُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ [[في جـ: "والله تبارك وتعالى أعلم".]] .
{"ayahs_start":137,"ayahs":["فَإِنۡ ءَامَنُوا۟ بِمِثۡلِ مَاۤ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا هُمۡ فِی شِقَاقࣲۖ فَسَیَكۡفِیكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ","صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةࣰۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَـٰبِدُونَ"],"ayah":"صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةࣰۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَـٰبِدُونَ"}