الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَنَّهُمْ مَا قَدَرُوا عَلَى أَنَّ يَصْعَدُوا [[في ف، أ: "يصعدوا من".]] فَوْقَ هَذَا السَّدِّ وَلَا قَدَرُوا عَلَى نَقْبِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ. وَلَمَّا كَانَ الظُّهُورُ عَلَيْهِ أَسْهَلَ مِنْ نَقْبِهِ قَابَلَ كُلًّا بِمَا يُنَاسِبُهُ فَقَالَ: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ [[في ت: "لا".]] يَقْدِرُوا عَلَى نَقْبِهِ، وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ. فَأُمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رُوحٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَة، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَّغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ [[في أ: "على النار".]] [حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ] [[زيادة من ف، أ، والمسند.]] قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَيَسْتَثْنِي، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ [[في أ: "كهيئة".]] حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ [[في ت: "ويخرجونهم".]] عَلَى النَّاسِ، فَيُنَشِّفُونَ الْمِيَاهَ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، [فَتَرْجِعُ وَعَلَيْهَا هَيْئَةُ الدَّمِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ] [[زيادة من ف، أ، والمسند.]] . فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا [[في أ: "نغيفا".]] فِي أَقْفَائِهِمْ، فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لَتَسْمَنُ، وَتَشْكُرُ شُكْرًا مِنْ لُحُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ" [[المسند (٢/٥١٠) .]] . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ حَسَنٍ -هُوَ ابْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ-عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهِ [[المسند (٢/٥١١) .]] . وَكَذَا رَوَاهُ [[في أ: "رواه الإمام".]] ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَة، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَ رَافِعٌ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ [[سنن ابن ماجة برقم (٤٠٨٠) وسنن الترمذي برقم (٣١٥٣) .]] . ثُمَّ قَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَهَذَا إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَلَكِنْ فِي [[في ف، أ: "ولكن متنه في".]] رَفْعِهِ نَكَارَةٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنَ ارْتِقَائِهِ وَلَا مِنْ نَقْبِهِ، لِإِحْكَامِ بِنَائِهِ وَصَلَابَتِهِ وَشِدَّتِهِ. وَلَكِنْ هَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: أَنَّهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ يَأْتُونَهُ فَيَلْحَسُونَهُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ [[في ف: "فيه".]] إِلَّا الْقَلِيلُ، فَيَقُولُونَ: غَدًا نَفْتَحُهُ. فَيَأْتُونَ مِنَ الْغَدِ وَقَدْ عَادَ كَمَا كَانَ، فَيَلْحَسُونَهُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ [[في ف، أ: "فيه".]] إِلَّا الْقَلِيلُ، فَيَقُولُونَ كَذَلِكَ، وَيُصْبِحُونَ وَهُوَ كَمَا كَانَ، فَيَلْحَسُونَهُ وَيَقُولُونَ: غَدًا نَفْتَحُهُ. وَيُلْهَمُونَ أَنْ يَقُولُوا: "إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، فَيُصْبِحُونَ وَهُوَ كَمَا فَارَقُوهُ، فَيَفْتَحُونَهُ. وَهَذَا مُتَّجه، وَلَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ تَلَقَّاهُ مِنْ كَعْبٍ. فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا كَانَ يُجَالِسُهُ [[في ت: "كان كثيرا ما يجالسه".]] وَيُحَدِّثُهُ، فَحَدَّثَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَتَوَهَّمَ [[في ت: "فيقرهم".]] بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْهُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، فَرَفَعَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ [[في أ: "قلنا".]] -مِنْ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ نَقْبِهِ وَلَا نَقْبِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمِنْ نَكَارَةِ هَذَا الْمَرْفُوعِ-قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ [زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ] [[زيادة من ف، أ، والمسند.]] زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ -قَالَ سُفْيَانُ: أَرْبَعَ نِسْوَةٍ-قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ نَوْمِهِ. وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! وَيْلٌ لِلْعَرَبِ [[في ت: "للغريب".]] مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ! فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا". وحَلَّق. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ". هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى إِخْرَاجِهِ، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ [[المسند (٦/٤٢٨) وصحيح البخاري برقم (٧١٣٥) وصحيح مسلم برقم (٢٨٨٠) .]] ، وَلَكِنْ سَقَطَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ذِكْرُ حَبِيبَةَ، وَأَثْبَتَهَا مُسْلِمٌ. وَفِيهِ أَشْيَاءُ [[في أ: "منهم صاحبيه".]] عَزِيزَةٌ نَادِرَةٌ قَلِيلَةُ الْوُقُوعِ فِي صِنَاعَةِ [[في ت: "صياغة".]] الْإِسْنَادِ، مِنْهَا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، وَهُمَا تَابِعِيَّانِ وَمِنْهَا [[في أ: "وفيما".]] اجْتِمَاعُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي سَنَدِهِ، كُلُّهُنَّ يَرْوِي بِعَضُّهُنَّ عَنْ بَعْضٍ. ثُمَّ كَلٌّ مِنْهُنَّ صَحَابِيَّةٌ [[في أ: "منهم صاحبية".]] ، ثُمَّ ثَنْتَانِ رَبِيبَتَانِ وَثَنْتَانِ زَوْجَتَانِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، فَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا مُؤمَّل بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ [[في ت: "وهب".]] ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "فُتِح الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا" وَعَقَدَ التِّسْعِينَ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم من حديث وهيب [[في ت: "وهب".]] ، به [[صحيح البخاري برقم (٧١٣٦) وصحيح مسلم برقم (٢٨٨١) .]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي﴾ أَيْ: لَمَّا بَنَاهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي﴾ أَيْ: بِالنَّاسِ حَيْثُ جَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ حَائِلًا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْعَيْثِ [[في أ: "العبث".]] فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ. ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي﴾ أَيْ: إِذَا اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ﴿جَعَلَهُ دَكَّاءَ﴾ أَيْ: سَاوَاهُ [[في ت، أ: "واساه".]] بِالْأَرْضِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: نَاقَةٌ دَكَّاءُ: إِذَا كَانَ ظَهْرُهَا مُسْتَوِيًا لَا سَنَامَ لَهَا. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٤٣] أَيْ: مُسَاوِيًا لِلْأَرْضِ [[في ت: "الأرض".]] . وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ﴾ قَالَ: طَرِيقًا كَمَا كَانَ. ﴿وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾ أَيْ: كَائِنًا لَا مَحَالَةَ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ [يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ] ﴾ [[زيادة من ف، أ.]] أي: النَّاسَ يَوْمَئِذَ أَيْ: يَوْمَ يُدَكُّ [[في ت: "بذكر".]] هَذَا السَّدُّ وَيَخْرُجُ هَؤُلَاءِ فَيَمُوجُونَ فِي النَّاسِ وَيُفْسِدُونَ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَيُتْلِفُونَ أَشْيَاءَهُمْ، وَهَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ قَالَ: ذَاكَ حِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ. وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَبَعْدَ الدَّجَّالِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ [إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى] [[زيادة من ف، أ.]] عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ [الأنبياْ: ٩٦، ٩٧] وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ قَالَ: هَذَا أَوَّلُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ﴿وَنُفِخَ [[في ت: "ينفخ".]] فِي الصُّورِ﴾ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ ﴿فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ . وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْتَلِطُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ [[في أ: "العمى".]] عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ [[في أ: "قرارة".]] فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ قَالَ: إِذَا مَاجَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ قَالَ إِبْلِيسُ: أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ عِلْمَ هَذَا الْأَمْرِ. فَيَظْعَنُ إِلَى الْمَشْرِقِ فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ قَدْ بَطَّنُوا [[في أ: "قد تطبقوا".]] الْأَرْضَ، ثُمَّ يَظْعَنُ إِلَى الْمَغْرِبِ فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ بَطَّنُوا [[في أ: "قد تطبقوا".]] الْأَرْضَ فَيَقُولُ: "مَا مِنْ مَحِيصٍ". ثُمَّ يَظْعَنُ يَمِينًا وَشِمَالًا إِلَى أَقْصَى الْأَرْضِ فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ بَطَّنُوا [[في أ: "قد تطبقوا".]] الْأَرْضَ فَيَقُولُ: "مَا مِنْ مَحِيصٍ" فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ عُرِضُ لَهُ طَرِيقٌ كَالشِّرَاكِ، فَأَخَذَ عَلَيْهِ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَيْهِ إِذْ هَجَمُوا عَلَى النَّارِ، فَأَخْرَجَ اللَّهُ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ النار، فقال: يا إبليس، أَلَمْ تَكُنْ لَكَ الْمَنْزِلَةُ عِنْدَ رَبِّكَ؟! أَلَمْ تَكُنْ فِي الْجِنَانِ؟! فَيَقُولُ: لَيْسَ هَذَا يَوْمَ عِتَابٍ، لَوْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيَّ فَرِيضَةً لَعَبَدْتُهُ فِيهَا عِبَادَةً لَمْ يَعْبُدْهُ مِثْلَهَا أَحَدٌ من خَلْقِهِ. فَيَقُولُ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكَ فَرِيضَةً. فَيَقُولُ: مَا هِيَ؟ فَيَقُولُ: يَأْمُرُكَ أَنْ تَدْخُلَ النَّارَ. فَيَتَلَكَّأُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ بِهِ وَبِذُرِّيَّتِهِ بِجَنَاحَيْهِ فَيَقْذِفُهُمْ فِي النَّارِ. فَتَزْفِرُ النَّارُ [[في أ: "جهنم".]] زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرسل إِلَّا جَثَا لِرُكْبَتَيْهِ [[تفسير الطبري (١٦/٢٣) .]] وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ يَعْقُوبَ الْقَمِّيِّ بِهِ. رَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ هَارُونَ عَنْ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ قَالَ: الجن الإنس، يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْأَصْفَهَانِيُّ [[في ف، أ: "الأصبهاني".]] ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، وَلَوْ أُرْسِلُوا لَأَفْسَدُوا عَلَى النَّاسِ مَعَايِشَهُمْ، وَلَنْ يَمُوتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا تَرَكَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَلْفًا فَصَاعِدًا، وَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِمْ ثَلَاثَ أُمَمٍ: تَاوِيلَ، وَتَايَسَ [[في ت، ف: "تاريس".]] وَمَنْسَكَ". [[الحديث في مسند الطيالسى برقم (٢٢٨٢) وقال الهيثمي في المجمع (٨ / ٦) : "رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات". تنبيه: وقع في مجمع الزوائد "تاول وتاريس ومنسك" وعند الطسالسى "تاويل وتاريس وتارليس ومنسك" وفي المطالب العالية "تاويل وتاريس وناسك".]] هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ بَلْ مُنْكَرٌ ضَعِيفٌ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ مَرْفُوعًا: "إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَهُمْ نِسَاءٌ، يُجَامِعُونَ مَا شاؤوا، وشجر يلقحون ما شاؤوا، وَلَا يَمُوتُ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا تَرَكَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَلْفًا فَصَاعِدًا" [[سنن النسائي الكبرى برقم (١١٣٣٤) .]] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ : وَالصُّورُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "قَرْنٌ يُنْفَخُ" فِيهِ وَالَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ إِسْرَافِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ بِطُولِهِ، وَالْأَحَادِيثُ فِيهِ كَثِيرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "كَيْفَ أَنْعَمُ، وَصَاحِبُ القَرْن قَدِ الْتَقَمَ القَرْن، وَحَنَى جَبْهَتَهُ وَاسْتَمَعَ مَتَى يُؤْمَرُ". قَالُوا: كَيْفَ نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا" [[رواه الترمذي في السنن برقم (٢٤٣١) وقال: "هذا حديث حسن".]] * * * وَقَوْلُهُ ﴿فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ أَيْ: أَحْضَرْنَا الْجَمِيعَ لِلْحِسَابِ ﴿قُلْ إِنَّ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الْوَاقِعَةِ: ٤٩، ٥٠] ، ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٧]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب