يَقُولُ: ثُمَّ سَلَكَ طَرِيقًا فَسَارَ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إِلَى مَطْلَعِهَا [[في ت: "من مطلع الشمس إلى مغربها".]] ، وَكَانَ كُلَّمَا مَرَّ بِأُمَّةٍ قَهَرَهُمْ وَغَلَبَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ أَطَاعُوهُ وَإِلَّا أَذَلَّهُمْ وَأَرْغَمَ آنَافَهُمْ، وَاسْتَبَاحَ أَمْوَالَهُمْ، وَأَمْتِعَتَهُمْ وَاسْتَخْدَمَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ مَعَ جُيُوشِهِ عَلَى أَهْلِ [[في أ: "قتال".]] الْإِقْلِيمِ الْمُتَاخِمِ لَهُمْ. وَذُكِرَ فِي أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ عَاشَ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةِ سَنَةٍ يَجُوبُ [[في ف، أ: "يخرب".]] الْأَرْضَ طُولَهَا وَالْعَرْضَ [[في ف، أ: "طولها وعرضها".]] حَتَّى بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ. وَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ مِنَ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ﴾
أَيْ: أُمَّةٍ ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ بِنَاءٌ يُكِنَّهُمْ، وَلَا أَشْجَارٌ تُظِلُّهُمْ وَتَسْتُرُهُمْ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانُوا حُمرًا قِصَارًا، مَسَاكِنُهُمُ الْغِيرَانُ، أَكْثَرُ مَعِيشَتِهِمْ مِنَ السَّمَكِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا سَهْلُ [[في أ: "سهيل".]] بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ قَالَ: إِنَّ أَرْضَهُمْ [[في ت: "أرضيكم".]] لَا تَحْمِلُ الْبِنَاءَ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ تَغَوَّرُوا [[في ت: "فقعدوا"، وفي أ: "يغوروا".]] فِي الْمِيَاهِ، فَإِذَا غَرَبَتْ خَرَجُوا يَتَرَاعَوْنَ كَمَا تَرْعَى الْبَهَائِمُ. قَالَ [[في ت، ف: "فقال".]] الْحَسَنُ: هَذَا حَدِيثُ سَمُرَةَ [[ورواه الطبري في تفسيره (١٦/١٢) من طريق إبراهيم بن المستمر، عن أبي داود به.]] .
وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ بِأَرْضٍ لَا تُنْبِتُ لَهُمْ شَيْئًا، فَهُمْ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ دَخَلُوا فِي أَسْرَابٍ، حَتَّى إِذَا زَالَتِ [[في ت: "غربت".]] الشَّمْسُ خَرَجُوا إِلَى حُرُوثِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ.
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ أَكْنَانٌ، إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ، فَلِأَحَدِهِمْ أُذُنَانِ يَفْتَرِشُ إِحْدَاهُمَا [[في ف، أ: "واحدة".]] وَيَلْبِسُ الْأُخْرَى.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ قَالَ: هُمُ الزِّنْجُ [[تفسير عبد الرزاق (١/٣٤٦) .]] .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ قَالَ: لَمْ يَبْنُوا فِيهَا بِنَاءً قَطُّ، وَلَمْ يُبْنَ عَلَيْهِمْ فِيهَا بِنَاءٌ قَطُّ، كَانُوا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ دَخَلُوا أَسْرَابًا لَهُمْ [[في ت: "أسرابا بهم".]] حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، أَوْ دَخَلُوا الْبَحْرَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَرْضَهُمْ لَيْسَ فِيهَا [[في أ: "بها".]] جَبَلٌ، جَاءَهُمْ جَيْشٌ مَرَّةً فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُهَا: لَا تَطْلُعَنَّ عَلَيْكُمُ الشَّمْسُ وَأَنْتُمْ بِهَا. قَالُوا: لَا نَبْرَحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، مَا هَذِهِ الْعِظَامُ؟ قَالُوا: هَذِهِ جيفُ جَيْشٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ هَاهُنَا فَمَاتُوا. قَالَ: فَذَهَبُوا هَارِبِينَ فِي الْأَرْضِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ: عِلْمًا، أَيْ: نَحْنُ مُطَّلِعُونَ عَلَى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَحْوَالِ جَيْشِهِ، لَا يَخْفَى عَلَيْنَا مِنْهَا شَيْءٌ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ أُمَمُهُمْ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ، فَإِنَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران: ٥]
{"ayahs_start":89,"ayahs":["ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا","حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمࣲ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرࣰا","كَذَ ٰلِكَۖ وَقَدۡ أَحَطۡنَا بِمَا لَدَیۡهِ خُبۡرࣰا"],"ayah":"ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا"}