الباحث القرآني

هَذَا خَبَرٌ عَنِ السُّعَدَاءِ، بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الْأَشْقِيَاءِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ قِيلَ لَهُمْ: ﴿مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ﴾ فَقَالُوا مُعْرِضِينَ عَنِ الْجَوَابِ: لَمْ [[في أ: "أي: لم".]] يُنْزِلْ شَيْئًا، إِنَّمَا هَذَا [[في أ: "هو".]] أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. وَهَؤُلَاءِ ﴿قَالُوا خَيْرًا﴾ أَيْ: أَنْزَلَ خَيْرًا، أَيْ: رَحْمَةً وَبِرْكَةً وَحُسْنًا لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَآمَنَ بِهِ. ثُمَّ أَخْبَرُوا عَمَّا وَعَدَ اللَّهُ [بِهِ] [[زيادة من ت، أ.]] عِبَادَهُ فِيمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ فَقَالُوا: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النَّحْلِ: ٩٧] ، أَيْ: مَنْ أَحْسَنَ عَمَلَهُ فِي الدُّنْيَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ثُمَّ أَخْبَرَ بِأَنَّ دَارَ الْآخِرَةِ خَيْرٌ، أَيْ: مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْجَزَاءُ فِيهَا أَتَمُّ مِنَ الْجَزَاءِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ [الْقَصَصِ: ٨٠] [[في ت، ف، أ: "وقال الذين أوتوا العلم والإيمان" وهو خطأ.]] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٩٨] وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الْأَعْلَى: ١٧] ، وَقَالَ لِرَسُولِهِ ﷺ [[في ت، أ: "صلوات الله عليه وسلامه"، وفي ف: "صلوات الله عليه".]] : ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى﴾ [الضُّحَى: ٤] . ثُمَّ وَصَفُوا الدَّارَ الْآخِرَةَ فَقَالُوا [[في ت، ف، أ: "ثم وصف الدار الآخرة فقال".]] : ﴿وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾ * * * وَقَوْلُهُ: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ بَدَلٌ مِنْ [قَوْلِهِ] [[زيادة من أ.]] : ﴿دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾ أَيْ: لَهُمْ فِي [الدَّارِ] [[زيادة من ف، أ.]] الْآخِرَةِ ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ أَيْ: إِقَامَةٌ [[في أ: "مقامة".]] يَدْخُلُونَهَا ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ أَيْ: بَيْنَ أَشْجَارِهَا وَقُصُورِهَا، ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ [[في ت، أ: "تشتهي" وهو خطأ.]] الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٧١] ، وَفِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ السَّحَابَةَ لَتَمُرُّ بِالْمَلَأِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى شَرَابِهِمْ [[في أ: "سرائرهم".]] ، فَلَا يَشْتَهِي أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا إِلَّا أَمْطَرَتْهُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ لَمَنْ يَقُولُ: أَمْطِرِينَا كواعب أترابًا، فيكون ذلك [[في ف: "كذلك".]] " [[رواه ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة رضي الله عنه، وسيأتي بإسناده عند تفسير الآية: ٣٣ من سورة النبأ.]] . ﴿َ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ﴾ أَيْ: كَذَلِكَ [[في ف، أ: "هكذا".]] يَجْزِي اللَّهُ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّقَاهُ وَأَحْسَنَ عَمَلَهُ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ حَالِهِمْ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، أَنَّهُمْ [[في ت، ف، أ: "وهم".]] طَيِّبُونَ، أَيْ: مُخَلَّصُونَ مِنَ الشِّرْكِ والدنس وَكُلِّ سُوءٍ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَتُبَشِّرُهُمْ [[في أ: "ويبشرونهم".]] بِالْجَنَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾ [فُصِّلَتْ: ٣٠ -٣٢] . وَقَدْ قَدَّمْنَا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي قَبْضِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ وَرُوحِ الْكَافِرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: ٢٧] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب