الباحث القرآني

[[تنبيه: من هذه الآية يبتدئ الاعتماد في تخريج الأحاديث والآثار في تفسير الطبري على الطبعة المصورة عن الطبعة الأميرية بعد أن كان الاعتماد على الطبعة التي حققها الفاضلان الشيخ أحمد شاكر والأستاذ محمود شاكر في ستة عشر مجلدا وطبعت في دار المعارف، والله أسأل أن يقيض لهذا الكتاب من يكمل تحقيقه فهو من أعظم كتب التفسير وأجلها، والله المستعان.]] قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَوْلُهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ أَلَمْ تَعْلَمْ؟ كَقَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: ٢٤] ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٤٣] الْبَوَارُ: الْهَلَاكُ، بَارَ يَبُورُ بَورًا، وَ ﴿قَوْمًا بُورًا﴾ [الْفُرْقَانِ:١٨، الْفَتْحِ: ١٢] هَالِكِينَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ قَالَ: هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ [[صحيح البخاري برقم (٤٧٠٠) .]] . وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُوَ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُ مِنَ الْعَرَبِ، فَلَحِقُوا بِالرُّومِ. وَالْمَشْهُورُ الصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى يَعُمُّ جَمِيعَ الْكُفَّارِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ رَحْمَةً لِلْعَالِمِينَ، وَنِعْمَةً لِلنَّاسِ، فَمَنْ قَبِلَهَا وَقَامَ بِشُكْرِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ رَدَّهَا وَكَفَرَهَا دَخَلَ النَّارَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ: أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ عَلِيًّا عَنْ ﴿الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ قَالَ: كَفَّارُ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ. حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا بَسَّامٌ -هُوَ الصَّيْرَفِيُّ [[في ت: "الصرفي".]] -عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ؟ قَالَ: مُنَافِقُو قُرَيْشٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَعْقِل، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ [[ت، أ::حنين".]] قَالَ: قَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَلَا أَحَدٌ يَسْأَلُنِي عَنِ الْقُرْآنِ، فَوَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ الْيَوْمَ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِهِ [[في ت، أ: "به مني".]] وَإِنْ كَانَ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ لَأَتَيْتُهُ. فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ [[في ت: "الكراء".]] فَقَالَ: مَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ؟ فَقَالَ: مُشْرِكُو قُرَيْشٍ، أَتَتْهُمْ نِعْمَةُ [[في ت، أ: "نعم".]] اللَّهِ: الْإِيمَانُ، فَبَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ. وَقَالَ الْعَدَوِيُّ فِي قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ الْآيَةَ، ذَكَرَ مُسْلِمٌ الْمُسْتَوْفَى [[في أ: "المسوف".]] عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: بَنُو أُمَيَّةَ، وَبَنُو الْمُغِيرَةِ، فَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةِ فَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ يَوْمَ أُحُدٍ. وَكَانَ أَبُو جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ. وَأَمَّا دَارُ الْبَوَارِ فَهِيَ جَهَنَّمُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعَتْ عَلِيًّا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ قَالَ: هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: بَنُو أُمَيَّةَ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ، فَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةِ فَأُهْلِكُوا يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فمتِّعوا إِلَى حِينٍ. وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَلِيٍّ، نَحْوَهُ، وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ قَالَ: هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: بَنُو الْمُغِيرَةِ وَبَنُو أُمَيَّةَ، فَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةِ فكُفيتمُوهُم يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَى حِينٍ. وَكَذَا رَوَاهُ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ قَالَ: هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: أَخْوَالِي وَأَعْمَامُكَ فَأَمَّا أَخْوَالِي فَاسْتَأْصَلَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمَّا أَعْمَامُكُ فَأَمْلَى اللَّهُ لَهُمْ إِلَى حِينٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ بْنُ زَيْدٍ [[في ت: "وقتادة وابن زيد".]] هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ﴾ أَيْ: جَعَلُوا لَهُ [[في ت: "جعلوا لله".]] شُرَكَاءَ عَبَدُوهُمْ مَعَهُ، ودَعَوُا النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مهدِّدًا لَهُمْ [[في ت: "له".]] وَمُتَوَعِّدًا لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيهِ ﷺ: ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ أَيْ: مَهْمَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا فَافْعَلُوا، فَمَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ ﴿فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ أَيْ: مَرْجِعَكُمْ وَمَوْئِلَكُمْ إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [لُقْمَانَ: ٢٤] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يُونُسَ: ٧٠] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب