الباحث القرآني

تَفْسِيرُ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * * * قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ. ﴿كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾ أَيْ: هَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ، عَلَى أَشْرَفِ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ، إِلَى جَمِيعِ أَهْلِهَا عَرِبِهِمْ وَعَجَمِهِمْ [[في ت، أ: "عربيهم وعجميهم".]] . ﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ أَيْ: إِنَّمَا بَعَثْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ بِهَذَا الْكِتَابِ؛ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ إِلَى الْهُدَى وَالرُّشْدِ، كَمَا قَالَ: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٧] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي يُنزلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [الْحَدِيدِ: ٩] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ أَيْ: هُوَ الْهَادِي لِمَنْ قَدر لَهُ الْهِدَايَةَ عَلَى يَدَيْ رَسُولِهِ الْمَبْعُوثِ عَنْ أَمْرِهِ يُهْدِيهِمْ ﴿إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ﴾ أَيِ: الْعَزِيزِ الَّذِي لَا يُمَانَعُ وَلَا يُغَالَبُ، بَلْ هُوَ الْقَاهِرُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، "الْحَمِيدُ" أَيِ: الْمَحْمُودُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَشَرْعِهِ وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، الصَّادِقُ فِي خَبَرِهِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ﴾ قَرَأَهُ بَعْضُهُمْ مُسْتَأْنَفًا مَرْفُوعًا، وَقَرَأَهُ آخَرُونَ عَلَى الْإِتْبَاعِ صِفَةً لِلْجَلَالَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٥٨] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ أَيْ: وَيْلٌ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ خَالَفُوكَ يَا مُحَمَّدُ وَكَذَّبُوكَ. ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، أَيْ: يُقَدِّمُونَهَا ويُؤثرونها عَلَيْهَا، وَيَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا ونَسُوا الْآخِرَةَ، وَتَرَكُوهَا وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ وَهِيَ اتِّبَاعُ الرُّسُلِ ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ أَيْ: وَيُحِبُّونَ أَنْ تَكُونَ سَبِيلُ اللَّهِ عِوَجًا مَائِلَةً عَائِلَةً [[عائلة: أي جائزة.]] وَهِيَ مُسْتَقِيمَةٌ فِي نَفْسِهَا، لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا وَلَا مَنْ خَذَلَهَا، فَهُمْ [[في ت: "ففهم".]] فِي ابْتِغَائِهِمْ ذَلِكَ فِي جَهْلٍ وَضَلَالٍ بَعِيدٍ مِنَ الْحَقِّ، لَا يُرْجَى لَهُمْ -وَالْحَالَةُ هَذِهِ -صَلَاحٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب