الباحث القرآني
تَفْسِيرُ سُورَتَيِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ
وَهُمَا مُدْنِيَّتَانِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلة، عَنْ زِرِّ بنُ حُبَيش قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ [كَانَ] [[زيادة من المسند.]] لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَهُ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " فَقُلْتُهَا، قَالَ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " فَقُلْتُهَا. فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ [[في م: "عليه السلام".]] [[المسند (٥/١٢٩) .]] .
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الحُميدي فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا عَبَدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابة وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، أَنَّهُمَا سَمِعَا زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ قَالَ: سألتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَحُكهما مِنَ الْمُصْحَفِ. فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: "قِيلَ [[في م: "قال".]] لِي: قُلْ، فَقُلْتُ". فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [[مسند الحميدي (١/١٨٥) .]] .
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكيع، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: سألتُ ابنَ مَسْعُودٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ: سألتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنْهُمَا فَقَالَ: " قِيلَ لِي، فَقُلْتُ لَكُمْ، فَقُولُوا". قَالَ أَبِي: فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ فَنَحْنُ نَقُولُ [[المسند (٥/١٢٩) .]] .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابة، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيش -وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ-قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ: أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: "قِيلَ لِي، فَقُلْتُ". فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [[صحيح البخاري برقم (٤٩٧٧) .]] .
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبَدَةَ وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، بِهِ [[صحيح البخاري برقم (٤٩٧٦) .]] .
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الصَّلْت بْنُ بَهرَام، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحُك المعوذتين من المصحف، ويقول: إنما أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِهِمَا، وَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ بِهِمَا [[ورواه البزار في مسنده برقم (٢٣٠١) ، من طريق محمد بن أبي يعقوب، عن حسان بن إبراهيم به، وقال البزار: "وهذا لم يتابع عبد الله عليه أحد من الصحابة، وقد صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قرأ بهما في الصلاة، وأثبتنا في المصحف".]]
وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [[في م: "عن عبد الله".]] بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ -قَالَ الْأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَأَلَنَا عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: "قِيلَ لِي، فَقُلْتُ" [[زوائد المسند (٥/١٢٩) .]] .
وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُمَا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَمْ يَتَوَاتَرْ عِنْدَهُ، ثُمَّ لَعَلَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، كَتَبُوهُمَا [[في م: "أتبعوهما".]] فِي الْمَصَاحِفِ الْأَئِمَّةِ، وَنَفَّذُوهَا إِلَى سَائِرِ الْآفَاقِ كَذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازم، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُر مِثْلُهُنَّ قَطُّ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " وَ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " [[صحيح مسلم برقم (٨١٤) .]] .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُقْبَةَ، بِهِ [[المسند (٤/١٤٤) وصحيح مسلم برقم (٨١٤) ، وسنن الترمذي برقم (٢٩٠٢) وسنن النسائي (٢/١٥٨) .]] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَقُودُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي نَقب مِنْ تِلْكَ النِّقَابِ، إِذْ قَالَ لِي: "يَا عُقْبَةُ، أَلَا تَركب؟ ". قَالَ: [فَأجْلَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَرْكَبَ مَرْكَبَهُ. ثُمَّ قَالَ: "يَا عُقيب، أَلَّا تَرْكَبُ؟ ". قَالَ] [[زيادة من المسند.]] فَأَشْفَقْتُ أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةً، قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَرَكِبْتُ هُنَيْهَةً، ثُمَّ رَكِبَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا عُقَيْبُ، أَلَا أُعلمك سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ؟ ". قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَقْرَأَنِي: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " وَ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَرَأَ بِهِمَا، ثُمَّ مَرَّ بِي فَقَالَ: "كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقَيْبُ [[في م: "يا عقب".]] اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَكُلَّمَا قُمْتَ".
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، به [[المسند (٤/١٤٤) وسنن النسائي (٨/٢٥٣) .]] .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُقْبَةَ، بِهِ [[سنن النسائي (٨/٢٥٢،٢٥٣) وسنن أبي داود برقم (١٤٦٢) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني يزيد ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ الرُّعَيْنِيُّ وَأَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ [[المسند (٤/١٥٥) وسنن أبي داود برقم (١٥٢٣) ، وسنن الترمذي برقم (٢٩٠٣) وسنن النسائي (٣/٦٨) .]] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ.
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى [[في م، أ: "حدثنا محمد".]] بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، عَنْ مشَرح بْنِ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اقْرَأْ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَقْرَأَ بِمِثْلِهِمَا". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ [[المسند (٤/١٤٦) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح، حَدَّثَنَا بَقِيَّة، حَدَّثَنَا بَحير بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عَنْ جُبَير بْنِ نُفَير، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُهْدِيَتْ لَهُ بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ، فَرَكِبَهَا فَأَخَذَ عُقْبَةُ يَقُودُهَا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [[في م، أ: "فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لعقبة".]] اقْرَأْ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ". فَأَعَادَهَا لَهُ حَتَّى قَرَأَهَا، فَعَرَفَ أَنِّي لَمْ أَفْرَحْ بِهَا جِدًّا، فَقَالَ: "لَعَلَّكَ تَهَاوَنْتَ بِهَا؟ فَمَا قُمْتَ تَصِلِي بِشَيْءٍ مِثْلِهَا".
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ بَقِيَّةَ، بِهِ [[المسند (٤/١٤٩) وسنن النسائي الكبرى برقم (٧٨٤٣،٧٨٤٤) .]] . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ [[سنن النسائي (٨/٢٥٢) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، سَمِعْتُ النُّعْمَانَ، عَنْ زِيَادٍ أَبِي الْأَسَدِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَعَوَّذُوا بِمِثْلِ هَذَيْنَ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " وَ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " [[سنن النسائي الكبرى برقم (٧٨٥٦) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ النَّسَائِيُّ: أخبرنا قتيبة، حدثنا الليث، عن أبي عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمُقْبِرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "يَا عُقْبَةُ، قُلْ". فَقُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ؟ فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: "قُلْ". قُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ عَنِّي، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ، ارْدُدْهُ عَلَيَّ. فَقَالَ: "يَا عُقْبَةُ، قُلْ". قُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ يا رسول الله؟ فقال: " " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ "، فَقَرَأْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قَالَ: "قُلْ". قُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ "، فَقَرَأْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ: "مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهِمَا، وَلَا اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهِمَا" [[سنن النسائي (٨/٢٥٣) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ بِهِمَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ [[سنن النسائي (٨/٢٥٢) .]] .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَسْلَمَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: اتَّبَعْتُ [[في م: "أتيت".]] رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ رَاكِبٌ، فَوَضَعْتُ يَدَيْ عَلَى قَدَمِهِ [[في م، أ: "على قدميه".]] فَقُلْتُ: أَقْرِئْنِي سُورَةَ هُودٍ أَوْ سُورَةَ يُوسُفَ. فَقَالَ: "لَنْ تَقْرَأَ شَيْئًا أَنْفَعَ [[في م: "أبلغ".]] عِنْدَ اللَّهِ مِنْ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق " [[سنن النسائي (٨/٢٥٤) .]] .
حَدِيثٌ [[في أ: "طريق".]] آخَرُ: قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَائِشٍ [[في أ: "عباس".]] الْجُهَنِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ: "يَا ابْنَ عَائِشٍ، أَلَا أَدُلُّكَ -أَوْ: أَلَا أُخْبِرُكَ -بِأَفْضَلِ مَا يَتَعَوَّذُ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ؟ ". قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق " وَ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " هَاتَانِ السُّورَتَانِ" [[سنن النسائي (٨/٢٥١) .]] .
فَهَذِهِ طُرُقٌ عَنْ عُقْبَةَ كَالْمُتَوَاتِرَةِ عَنْهُ، تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ فِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ صُدَيّ بْنِ عَجْلَانَ، وفَرْوَةَ بْنِ مُجَاهد، عَنْهُ: "أَلَا أُعَلِّمُكَ ثلاثَ سُوَر لِمَ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ [[في أ: "في القرآن".]] مِثْلُهُنَّ؟ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " وَ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " وَ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ".
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سَفَرٍ، وَالنَّاسُ يَعْتَقِبُونَ، وَفِي الظَّهْرِ قِلَّةٌ، فَحَانَتْ نزلَة رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَنَزْلَتِي، فَلَحِقَنِي فَضَرَبَ [مِنْ بَعْدِي] [[زيادة من المسند.]] مَنْكِبِيَّ، فَقَالَ: " " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ "، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَرَأْتُهَا مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: " " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ "، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَرَأْتُهَا مَعَهُ، فقال: "إذا صليت فاقرأ بهما" [[المسند (٥/٢٤) .]] .
الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، بِهِ [[سنن النسائي الكبرى برقم (٧٨٥٩) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيِّ -هُوَ ابْنُ أُنَيْسٍ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ: "قُلْ". فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقُولُ، ثُمَّ قَالَ لِي: "قُلْ". قُلْتُ: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " ثُمَّ قَالَ لِي: "قُلْ". قُلْتُ: " أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ " حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ لِي: "قُلْ". قُلْتُ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هَكَذَا فَتَعَوَذْ [[في م: "فتعوذوا".]] مَا تعوذَ الْمُتَعَوِّذُونَ بِمِثْلِهِنَّ قَطُّ" [[سنن النسائي الكبرى برقم (٧٨٤٥) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَبُو حَفْصٍ، حَدَّثَنَا بَدَل، حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو طَلْحَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيري، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اقْرَأْ يَا جَابِرُ". قُلْتُ: وَمَا أَقْرَأُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ: "اقْرَأْ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " وَ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس ". فَقَرَأْتُهُمَا، فَقَالَ: "اقْرَأْ بِهِمَا، وَلَنْ تَقْرَأَ بِمِثْلِهِمَا" [[سنن النسائي الكبرى برقم (٧٨٥٤) .]] .
وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يَقْرَأُ بِهِنَّ، وَيَنْفُثُ فِي كَفَّيْهِ، وَيَمْسَحُ بِهِمَا رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ، وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ عَلَيْهِ، رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ -وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ -وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَعْنٍ وَبِشْرِ بْنِ عُمَر، ثَمَانِيَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ، بِهِ [[الموطأ (٢/٩٤٢) وصحيح البخاري برقم (٥٠١٦) وصحيح مسلم برقم (٣٩٠٢) وسنن أبي داود برقم (٣٩٠٢) وسنن النسائي الكبرى برقم (٧٥٤٩،٧٥٤٤،١٠٨٤٧) وسنن ابن ماجة برقم (٣٥٢٩) .]] .
وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ سُورَةِ: " ن " مِنْ حَدِيثِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ أَعْيُنِ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا، وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: الْفَلَقُ: الصُّبْحُ.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿الْفَلَقِ﴾ الصُّبْحُ. ورُوي عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَالْحُسْنِ، وَقَتَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَابْنِ زَيْدٍ، وَمَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، مِثْلَ هَذَا.
قَالَ الْقُرَظِيُّ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ: وَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَالِقُ الإصْبَاحِ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٩٦] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿الْفَلَقِ﴾ الْخَلْقِ. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنَ الْخَلْقِ كُلِّهِ.
وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: ﴿الْفَلَقِ﴾ بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ، إِذَا فُتِحَ صَاحَ جَمِيعُ أَهْلِ النَّارِ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثُمَّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿الْفَلَقِ﴾ جُبٌّ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ، عَلَيْهِ غِطَاءٌ، فَإِذَا كُشِفَ عَنْهُ خَرَجَتْ منا [[في م، أ: "خرجت منه".]] نَارٌ تَصِيحُ مِنْهُ جَهَنَّمُ، مِنْ شِدَّةِ حَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
وَكَذَا رُوي عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ [[في أ: "عنبسة".]] وَالسُّدِّيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حديثٌ مَرْفُوعٌ مُنْكَرٌ، فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بن موسى بن مشكان الواسطي، حدثنا نصر بْنُ خُزَيْمَةَ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ أَبِي هُريرة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " ﴿الْفَلَقِ﴾ جُبّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطَّى" [[تفسير الطبري (٣٠/٢٢٥) .]] إِسْنَادُهُ [[في م: "إسناد".]] غَرِيبٌ وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ: ﴿الْفَلَقِ﴾ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، أَنَّهُ فَلَقُ الصُّبْحِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي صَحِيحِهِ [[تفسير الطبري (٣٠/٢٢٥) وصحيح البخاري (٨/٧٤١) "فتح".]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ أَيْ: مِنْ شَرِّ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: جَهَنَّمُ وَإِبْلِيسُ وَذُرِّيَّتُهُ مِمَّا خَلَقَ.
﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: غاسقُ الليلُ إِذَا وقبَ غُروبُ الشَّمْسِ. حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْهُ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وخُصَيف، وَالْحُسْنُ، وقتادة: إنه الليل إذا أقبل بظلامه.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ الشَّمْسُ إِذَا غَرَبَتْ. وَعَنْ عَطِيَّةَ وَقَتَادَةَ: إِذَا وَقَبَ اللَّيْلُ: إِذَا ذَهَبَ. وَقَالَ أَبُو الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ كَوْكَبٍ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ: الْغَاسِقُ سُقُوطُ الثُّرَيَّا، وَكَانَ [[في م: "وكانت".]] الْأَسْقَامُ وَالطَّوَاعِينُ تَكْثُرُ عِنْدَ وُقُوعِهَا، وَتَرْتَفِعُ عِنْدَ طُلُوعِهَا.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَلِهَؤُلَاءِ مِنَ الْأَثَرِ مَا حَدَّثَنِي: نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -ابْنُ أَخِي هَمَّامٍ -حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: " ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ قَالَ: النَّجْمُ الْغَاسِقُ" [[تفسير الطبري (٣٠/٢٢٧) .]] .
قُلْتُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْقَمَرُ.
قُلْتُ: وَعُمْدَةُ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الحَفري، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي، فَأَرَانِي الْقَمَرَ حِينَ يَطْلُعُ، وَقَالَ: "تَعوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الْغَاسِقِ إِذَا وَقَبَ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، فِي كِتَابَيِ التَّفْسِيرِ مِنْ سُنَنَيْهِمَا، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِهِ [[المسند (٦/٦١) وسنن الترمذي برقم (٣٣٦٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (١٠١٣٨) .]] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلَفَظُهُ: "تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ". وَلَفَظُ النَّسَائِيِّ: "تعوَّذي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ".
قَالَ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُ اللَّيْلُ إِذَا وَلَجَ -: هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَنَا؛ لِأَنَّ الْقَمَرَ آيةُ اللَّيْلِ، وَلَا يُوجَدُ لَهُ سُلْطَانٌ إِلَّا فِيهِ، وَكَذَلِكَ النُّجُومُ لَا تُضِيءُ، إِلَّا فِي اللَّيْلِ، فَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَا قُلْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحُسْنُ، وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: يَعْنِي: السَّوَاحِرَ -قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا رَقَيْنَ وَنَفَثْنَ فِي الْعُقْدِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا مِنْ شَيْءٍ أَقْرَبُ مِنَ [[في أ: "إلى".]] الشِّرْكِ مِنْ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْمَجَانِينِ [[تفسير الطبري (٣٠/٢٢٧) .]] .
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: اشْتَكَيْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ". فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أرْقِيك، مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ وعين، الله يشفيك [[رواه مسلم في صحيحه برقم (٢١٨٦) من حديث أبي سعيد، رضي الله عنه.]] .
وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ مِنْ شَكْوَاهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ سُحِرَ، ثُمَّ عَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَشَفَاهُ، وَرَدَّ كَيْدَ السحرَة الحسَّاد مِنَ الْيَهُودِ فِي رُءُوسِهِمْ، وَجَعَلَ تَدْمِيرَهُمْ فِي تَدْبِيرِهِمْ، وَفَضَحَهُمْ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَمْ يُعَاتِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، بَلْ كَفَى اللَّهُ وَشَفَى وَعَافَى.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّان، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: سَحَرَ النَّبِيَّ ﷺ رجلٌ مَنْ الْيَهُودِ، فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا، قَالَ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ سَحَرَكَ، عَقْدَ لَكَ عُقَدًا فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا، فَأرْسِل إِلَيْهَا مَنْ يَجِيءُ بِهَا. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ] [[زيادة من المسند.]] فَاسْتَخْرَجَهَا، فَجَاءَ بِهَا فَحَلَّلَهَا [[في م: "فحلها".]] قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَأَنَّمَا نَشط مِنْ عِقَالٍ، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِلْيَهُودِيِّ وَلَا رَآهُ فِي وَجْهِهِ [قَطُّ] [[زيادة من المسند.]] حَتَّى مَاتَ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ هَنَّاد، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ حَازم الضَّرِيرِ [[المسند (٤/٣٦٧) وسنن النسائي (٧/١١٢) .]] .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "كِتَابِ الطِّبِّ" مِنْ صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهِ ابنُ جُرَيْج، يَقُولُ: حَدَّثَنِي آلُ عُرْوَة، عَنْ عُرْوَةَ، فَسَأَلْتُ هِشَامًا عَنْهُ، فحدثَنا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُحر، حَتَّى كَانَ يُرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ -قَالَ سُفْيَانُ: وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ، إِذَا كَانَ كَذَا -فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَعْلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا استفتيتُه فِيهِ؟ أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيِّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلْآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: وَمَنْ طَبَّه؟ قَالَ: لَبيد بْنُ أَعْصَمَ -رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيق حَليف ليهُودَ، كَانَ مُنَافِقًا-وَقَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشط ومُشاقة. قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جُف طَلْعَة ذَكَرٍ تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَان". قَالَتْ: فَأَتَى [النَّبِيُّ ﷺ] [[زيادة من صحيح البخاري.]] الْبِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ فَقَالَ: "هَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِي أُرِيتُهَا، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعة الحنَّاء، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ". قَالَ: فَاسْتَخْرَجَ [[في أ: "فاستخرجه".]] . [قَالَتْ] [[زيادة من صحيح البخاري.]] . فَقُلْتُ: أَفَلَا؟ أَيْ: تَنَشَّرْتَ؟ فَقَالَ: "أمَّا اللهُ فَقَدْ شَفَانِي، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا" [[صحيح البخاري برقم (٥٧٦٥) .]] .
وَأَسْنَدَهُ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَأَبِي ضَمْرة أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، وَأَبِي أُسَامَةُ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ وَفِيهِ: "قَالَتْ: حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ". وَعِنْدَهُ: "فَأَمَرَ بِالْبِئْرِ فَدُفِنَتْ". وَذَكَرَ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ أَيْضًا ابْنُ أَبِي الزَّناد وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ [[صحيح البخاري برقم (٥٨٦٣، ٦٣٩١، ٥٧٦٦) .]] .
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ وَعَبْدِ الله بن نمير. ورواه أحمد، عن عَفَّانَ، عَنْ وُهَيب [[في م: "وهب".]] عَنْ هِشَامٍ، بِهِ [[صحيح مسلم برقم (٢١٨٩) والمسند (٦/٩٦) .]] .
وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ رَبَاحٍ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ هشَام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يُرى أَنَّهُ يَأْتِي وَلَا يَأْتِي، فَأَتَاهُ مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا بَالُهُ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ [[المسند (٦/٦٣) .]] .
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْمُفَسِّرُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فدبَّت إِلَيْهِ الْيَهُودُ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخَذَ مُشَاطة رَأْسِ النَّبِيِّ ﷺ وَعِدَّةَ أَسْنَانٍ مِنْ مُشطه، فَأَعْطَاهَا الْيَهُودَ، فَسَحَرُوهُ فِيهَا. وَكَانَ الَّذِي تُوَلَّى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْهُمْ -يُقَالُ لَهُ: [لَبِيَدُ] [[زيادة من م، أ.]] بْنُ أَعْصَمَ-ثُمَّ دَسَّهَا فِي بِئْرٍ لِبَنِي زُرَيق، وَيُقَالُ لَهَا: ذَرْوان، فَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَانْتَثَرَ شَعْرُ رَأْسِهِ، وَلَبِثَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يُرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ، وَجَعَلَ يَذُوب وَلَا يَدْرِي مَا عَرَاهُ. فَبَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ إِذْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَقَعَد أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيْهِ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: طُبَ. قَالَ: وَمَا طُبَ؟ قَالَ: سُحِرَ. قَالَ: وَمَنْ سَحَرَهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ. قَالَ: وَبِمَ طَبَه؟ قَالَ: بِمُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي جُفَ طَلْعَةٍ تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَان -وَالْجُفُّ: قِشْرُ الطَّلْعِ، وَالرَّاعُوفَةُ: حَجَرٌ فِي أَسْفَلِ الْبِئْرِ نَاتِئٌ يَقُومُ عَلَيْهِ الْمَاتِحُ -فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَذْعُورًا، وَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَمَا شَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَنِي بِدَائِي؟ ". ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، فَنَزَحُوا مَاءَ الْبِئْرِ كَأَنَّهُ نُقاعة الْحِنَّاءِ، ثُمَّ رَفَعُوا الصَّخْرَةَ، وَأَخْرَجُوا الْجُفَّ، فَإِذَا فِيهِ مُشَاطَةُ رَأْسِهِ وَأَسْنَانٌ مِنْ مُشْطِهِ، وَإِذَا فِيهِ وَتَرٌ مَعْقُودٌ، فِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ [[في م، أ: "فيه اثنا عشر".]] عُقْدَةً مَغْرُوزَةً بِالْإِبَرِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى السُّورَتَيْنِ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خِفَّةً حِينَ انْحَلَّتِ الْعُقْدَةُ الْأَخِيرَةُ، فَقَامَ كَأَنَّمَا نَشطَ مِنْ عِقَالٍ، وَجَعَلَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: بِاسْمِ اللَّهِ أرْقِيك، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَأْخُذُ الْخَبِيثَ نَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أما أَنَا فَقَدَ شَفَانِي اللَّهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ يُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا" [[الكشف والبيان للثعلبي "ق ١٩٤ المحمودية".]] .
هَكَذَا أَوْرَدَهُ بِلَا إِسْنَادٍ، وَفِيهِ غَرَابَةٌ، وَفِي بَعْضِهِ نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ، وَلِبَعْضِهِ شواهد مما تقدم، والله أعلم.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ","مِن شَرِّ مَا خَلَقَ","وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ","وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِی ٱلۡعُقَدِ","وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ"],"ayah":"وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











