يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْإِنْسَانِ وَمَا فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ بَعْدَ نِعْمَةٍ، حَصَلَ لَهُ يَأْسٌ [[في ت: "إياس".]] وَقُنُوطٌ مِنَ الْخَيْرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَكُفْرٌ وَجُحُودٌ لِمَاضِي الْحَالِ، كَأَنَّهُ لَمْ يَرَ خَيْرًا، وَلَمْ يَرْج [[في ت، أ: "ولا يرجوا".]] بَعْدَ ذَلِكَ فَرَجًا. وَهَكَذَا إِنْ [[في ت: "إذا".]] أَصَابَتْهُ نِعْمَةٌ بَعْدَ نِقْمَةٍ ﴿لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ أَيْ: يَقُولُ: مَا بَقِيَ يَنَالُنِي بَعْدَ هَذَا ضَيْمٌ وَلَا سُوءٌ، ﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ أَيْ: فَرِحٌ بِمَا فِي يَدِهِ، بَطِرٌ فَخُورٌ عَلَى غَيْرِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ أَيْ: فِي الشَّدَائِدِ وَالْمَكَارِهِ، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أَيْ: فِي الرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ، ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ أَيْ: بِمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الضَّرَّاءِ، ﴿وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ بِمَا أَسْلَفُوهُ فِي زَمَنِ الرَّخَاءِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ هَمٌّ وَلَا غَمٌّ، وَلَا نَصَب وَلَا وَصَب، وَلَا حَزَن حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ عَنْهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ [[في ت، أ: "ولا حزن إلا كفر الله بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها".]] [[روى مسلم نحوه في صحيحه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد (٢٥٧٣) ومن حديث أبي هريرة وحده (٢٥٧٤) .]] ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ كَانَ [[في ت: "فكان".]] خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ" [[صحيح مسلم برقم (٢٩٩) بلفظ: "عجبا للمؤمن إن أمره كله خير" من حديث صهيب الرومي رضي الله عنه وليس في صحيح البخاري.]] وَهَكَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [سُورَةُ الْعَصْرِ] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلا الْمُصَلِّينَ﴾ الآية [المعارج:١٩ -٢٢] .
{"ayahs_start":9,"ayahs":["وَلَىِٕنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنَّا رَحۡمَةࣰ ثُمَّ نَزَعۡنَـٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَیَـُٔوسࣱ كَفُورࣱ","وَلَىِٕنۡ أَذَقۡنَـٰهُ نَعۡمَاۤءَ بَعۡدَ ضَرَّاۤءَ مَسَّتۡهُ لَیَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّیِّـَٔاتُ عَنِّیۤۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحࣱ فَخُورٌ","إِلَّا ٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرࣱ كَبِیرࣱ"],"ayah":"وَلَىِٕنۡ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنَّا رَحۡمَةࣰ ثُمَّ نَزَعۡنَـٰهَا مِنۡهُ إِنَّهُۥ لَیَـُٔوسࣱ كَفُورࣱ"}