لَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ حَالِ السُّعَدَاءِ الَّذِينَ يُضاعف لَهُمُ الْحَسَنَاتِ، وَيَزْدَادُونَ [[في ت: "ويزادون".]] عَلَى ذَلِكَ، عَطَفَ بِذِكْرِ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ، فَذَكَرَ عَدْلَهُ تَعَالَى فِيهِمْ، وَأَنَّهُ يُجَازِيهِمْ عَلَى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا، لَا يَزِيدُهُمْ عَلَى ذلك، ﴿وَتَرْهَقُهُم﴾ أَيْ: تَعْتَرِيهِمْ وَتَعْلُوهُمْ ذِلَّةٌ مِنْ مَعَاصِيهِمْ وَخَوْفِهِمْ مِنْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشُّورَى: ٤٥] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَاب﴾ [إِبْرَاهِيمَ: ٤٢ -٤٤] ، وَقَوْلُهُ ﴿مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾ أَيْ: مِنْ مَانَعٍ وَلَا وَاقٍ يَقِيهِمُ الْعَذَابَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَقُولُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلا لَا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [الْقِيَامَةِ: ١٠ -١٢] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا﴾ إِخْبَارٌ عَنْ سَوَادِ وُجُوهِهِمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٦، ١٠٧] ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ [عَبَسَ: ٣٨ -٤٢] . الْآيَةَ.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ كَسَبُوا۟ ٱلسَّیِّـَٔاتِ جَزَاۤءُ سَیِّئَةِۭ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةࣱۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمࣲۖ كَأَنَّمَاۤ أُغۡشِیَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعࣰا مِّنَ ٱلَّیۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}