الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَإذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ﴾ ﴿وَإذا انْقَلَبُوا إلى أهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ ﴿وَإذا رَأوهم قالُوا إنَّ هَؤُلاءِ لَضالُّونَ﴾ ﴿وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ﴾ ﴿فاليَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفّارِ يَضْحَكُونَ﴾ ﴿عَلى الأرائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ ﴿هَلْ ثُوِّبَ الكُفّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ الضَمِيرُ في "مَرُّوا" لِلْمُؤْمِنِينَ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ لِلْكُفّارِ، وأمّا الضَمِيرُ في "يَتَغامَزُونَ" فَهو لِلْكُفّارِ لا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ، وكَذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: "انْقَلَبُوا" و"فاكِهِينَ" مَعْناهُ: أصْحابُ فاكِهَةٍ ومَزْجٍ ونَشاطٍ وسُرُورٍ بِاسْتِخْفافِهِمْ بِالمُؤْمِنِينَ، يُقالُ: رَجُلٌ فاكِهٌ كَلابِن وتامِرٌ وهَكَذا، بِألِفٍ وهي قِراءَةُ الجُمْهُورِ، ويُقالُ: رَجُلٌ فَكِهٌ، مِن هَذا المَعْنى، وقَرَأ حَفْصٌ عن عاصِمٍ: "فَكِهِينَ" بِغَيْرِ ألِفٍ، وهي قِراءَةُ أبِي جَعْفَرٍ، وأبِي رَجاءٍ، والحَسَنِ، وعِكْرِمَةَ. (p-٥٦٦)وَأمّا الضَمِيرُ فِي: "رَأوا" وفي "قالُوا" فَقالَ الطَبَرِيُّ وغَيْرُهُ: هو لِلْكَفّارِ، والمَعْنى أنَّهم يَرْمُونَ المُؤْمِنِينَ بِالضَلالِ، والكُفّارُ لَمْ يُرْسَلُوا عَلى المُؤْمِنِينَ حَفَظَةً لَهُمْ، وقالَ قَوْمٌ: بَلِ المَعْنى بِالعَكْسِ، وإنَّ مَعْنى الآيَةِ: وإذا رَأى المُؤْمِنُونَ الكُفّارَ قالُوا: إنَّهم لَضالُّونَ، وهو الحَقُّ فِيهِمْ، ولَكِنَّ ذَلِكَ يُثِيرُ الكَلامَ بَيْنَهُمْ، فَكَأنَّ في الآيَةِ حَضًّا عَلى المُوادَعَةِ، أيْ أنَّ المُؤْمِنِينَ لَمْ يُرْسَلُوا حافِظِينَ عَلى الكَفّارِ، وهَذا كُلُّهُ مَنسُوخٌ -عَلى هَذا التَأْوِيلِ- بِآيَةِ السَيْفِ. ولَمّا كانَتِ الآياتُ المُتَقَدِّمَةُ قَدْ نُطِقَتْ بِيَوْمِ القِيامَةِ وأنَّ الوَيْلَ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، ساغَ أنْ يَقُولَ: "فاليَوْمَ" عَلى حِكايَةِ ما يُقالُ يَوْمَئِذٍ وما يَكُونُ، و"الَّذِينَ" رُفَعَ عَلى الِابْتِداءِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَلى الأرائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ مَعْناهُ: إلى أعْدائِهِمْ في النارِ، قالَ كَعْبٌ: لِأهْلِ الجَنَّةِ كُوى يَنْظُرُونَ مِنها، وقالَ غَيْرُهُ: بَيْنَهم جِسْمٌ عَظِيمٌ شَفّافٌ يَرَوْنَ مَعَهُ حالَهم. و"هَلْ ثُوِّبَ" تَقْرِيرٌ وتَوْقِيفٌ لِمُحَمَّدٍ ﷺ وأُمَّتِهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ: "يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ"، فالنَظَرُ واقِعٌ عَلى "هَلْ ثُوِّبَ"، والمَعْنى: هَلْ جُوزِيَ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: يَقُولُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ، وأبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "هَثُّوِّبَ" بِإدْغامِ اللامِ في الثاءِ، لِتَقارُبِهِما في المَخْرَجِ، وقَرَأ الباقُونَ: "هَلْ ثُوِّبَ" لا يُدْغِمُونَ، وفي قَوْلِهِ تَعالى: "ما كانُوا" حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: جَزاءُ ما كانُوا، أو عَذابُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ. كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ [المُطَفِّفِينَ] والحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب