الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ ﴿وَما أدْراكَ ما سَقَرُ﴾ ﴿لا تُبْقِي ولا تَذَرُ﴾ ﴿لَوّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾ ﴿عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ﴾
"سَقَرُ" هو الدَرْكُ السادِسُ مِن جَهَنَّمَ عَلى ما رُوِيَ، و"أُصْلِيهِ" مَعْناهُ: أجْعَلُهُ فِيها مُباشِرًا لِنارِها، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أدْراكَ ما سَقَرُ﴾ المَعْنى: لا تُبْقِي عَلى مَن أُلْقِيَ فِيها، ولا تَذَرُ غايَةً مِنَ العَذابِ إلّا أوصَلَتْهُ إلَيْها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ "لَوّاحَةٌ لِلْبَشَرِ"،﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، وأبُو رَزِينٍ، وجُمْهُورُ الناسِ: مَعْناهُ: مُغَيِّرَةٌ لِلْبَشَراتِ، مُحْرِقَةٌ لِلْجُلُودِ مُسَوَّدَةٌ لَها، فـَ "البَشَرُ" جَمْعُ بَشْرَةٍ، وتَقُولُ العَرَبُ: لاحَتِ النارُ الشَيْءَ إذا أحْرَقَتْهُ وسَوَّدَتْهُ، وقالَ الشاعِرُ:
؎ لاحَّةُ الصَيْفِ والغِيارُ وإشْفا قٌ عَلى سِقْبَةٍ كَقَوْسِ الضالِّ
وأنْشَدَ أبُو عُبَيْدَةَ:
؎ .......... ∗∗∗ يا بِنْتَ عَمِّي لاحِنِي الهَواجِرَ
(p-٤٥٩)وَقالَ الحَسَنُ وابْنُ كَيْسانَ: "لَوّاحَةٌ" بِناءُ مُبالَغَةٍ مِن "لاحَ يَلُوحُ" إذا ظَهَرَ، فالمَعْنى أنَّها تَظْهَرُ لِلنّاسِ وهُمُ البَشَرُ مِن مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عامٍ، وذَلِكَ لِعَظْمِها وهَوْلِها وزَفِيرِها، وقَرَأ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ "لَوّاحَةً" بِالنَصْبِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ ابْتِداءٌ وخَبَرُهُ مُقَدَّمٌ في المَجْرُورِ، ولا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ أنَّهم خَزَنَةُ جَهَنَّمَ المُحِيطُونَ بِأمْرِها، الَّذِينَ إلَيْهِمْ جِماعُ أمْرِ زَبانِيَتِها، وقَدْ قالَ بَعْضُ الناسِ: إنَّهم عَلى عَدَدِ حُرُوفِ "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ" لِأنَّ بِها تَقْوُوا، ورُوِيَ أنَّ قُرَيْشًا لَمّا سَمِعَتْ هَذا كَثُرَ إلْغاطُهم فِيهِ وقالُوا: لَوْ كانَ هَذا حَقًّا فَإنَّ هَذا العَدَدَ قَلِيلٌ، فَقالَ أبُو جَهْلٍ: هَؤُلاءِ تِسْعَةَ عَشَرَ وأنْتُمُ الدُهْمُ، أفَيَعْجَزُ عَشْرَةٌ مِنّا عن رَجُلٍ مِنهُمْ؟ وقالَ أبُو الأشَدِّ الجُمَحِيُّ: أنا أُجْهِضُهم عَلى النارِ، إلى غَيْرِ هَذا مِن أقْوالِهِمُ السَخِيفَةِ، فَنَزَلَتْ في أبِي جَهْلٍ: ﴿أولى لَكَ فَأولى﴾ [القيامة: ٣٤] الآيَةُ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ بْنُ القَعْقاعِ، وطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمانَ "تِسْعَةَ عَشْرَ" بِسُكُونِ العَيْنِ مِن "عَشْرَ" لِتَوالِي الحَرَكاتِ، وقَرَأ أنَسُ بْنُ مالِكٍ، وأبُو حَيْوَةَ: "تِسْعَةُ عَشَرَ" بِرَفْعِ التاءِ، ورُوِيَ عن أنَسِ بْنِ مالِكٍ أنَّهُ قَرَأ: "تِسْعَةَ أعُشْرَ"، وضَعَّفَها أبُو حاتِمٍ.
(p-٤٦٠)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما جَعَلْنا أصْحابَ النارِ إلا مَلائِكَةً﴾ [المدثر: ٣١] تَبْيِينٌ لِفَسادِ أقْوالِ قُرَيْشٍ، أيْ: إنّا جَعَلْناهم خَلْقًا لا قِبَلَ لِأحَدٍ مِنَ الناسِ بِهِمْ، وجَعَلْنا عِدَّتَهم هَذا القَدْرَ فِتْنَةً لِلْكُفّارِ، لِيَقَعَ مِنهم مَنِ التَعاطِي والطَمَعِ في المُبالَغَةِ ما وقَعَ ويَسْتَيْقِنَ أهْلُ -الكِتابِ: التَوْراةِ والإنْجِيلِ- أنَّ هَذا القُرْآنَ مِن عِنْدِ اللهِ تَعالى؛ إذْ يَجِدُونَ هَذِهِ العُدَّةَ في كُتُبِهِمُ المُنَزَّلَةِ الَّتِي لَمْ يَقْرَأْها مُحَمَّدٌ ﷺ ولا هو مَن أهْلِها، ولَكِنَّ كِتابَهُ يُصَدِّقُ ما بَيْنَ يَدَيْهِ مِن كُتُبِ الأنْبِياءِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ وسَلَّمَ؛ إذْ جَمِيعُ ذَلِكَ حَقٌّ يَتَعاضَدُ، مُنَزَّلٌ مِن عِنْدِ اللهِ تَعالى، قالَ هَذا المَعْنى ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، وغَيْرُهُما، وبِوُرُودِ الحَقائِقِ مِن عِنْدِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ يَزْدادُ كُلُّ مَن آمَنَ إيمانًا، ويَزُولُ الرَيْبُ عَنِ المُصَدِّقِينَ مِن أهْلِ الكِتابِ ومِنَ المُؤْمِنِينَ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِيَقُولَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [المدثر: ٣١] الآيَةُ... نَوْعٌ مِنَ الفِتْنَةِ لِهَذا الصِنْفِ المُنافِقِ أوِ الكافِرِ، أيْ: جارُوا وضَلُّوا ولَمْ يَهْتَدُوا لِقَصْدِ الحَقِّ، فَجَعَلُوا يَسْتَفْهِمُ بَعْضُهم بَعْضًا عن مُرادِ اللهِ تَعالى بِهَذا المَثَلِ اسْتِبْعادًا أنْ يَكُونَ هَذا مِن عِنْدِ اللهِ تَعالى، قالَ الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: السُورَةُ مَكِّيَّةٌ ولَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ نِفاقٌ، وإنَّما المَرَضُ في هَذِهِ الآيَةِ الِاضْطِرابُ وضَعْفُ الإيمانِ.
{"ayahs_start":26,"ayahs":["سَأُصۡلِیهِ سَقَرَ","وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا سَقَرُ","لَا تُبۡقِی وَلَا تَذَرُ","لَوَّاحَةࣱ لِّلۡبَشَرِ","عَلَیۡهَا تِسۡعَةَ عَشَرَ"],"ayah":"وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا سَقَرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











