الباحث القرآني

(p-٤٢٣)قوله عزّ وجلّ: ﴿وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارًا﴾ ﴿إنَّكَ إنْ تَذَرْهم يُضِلُّوا عِبادَكَ ولا يَلِدُوا إلا فاجِرًا كَفّارًا﴾ ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ ولِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا ولِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ ولا تَزِدِ الظالِمِينَ إلا تَبارًا﴾ رُوِيَ عن مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، والرَبِيعِ، وابْنِ زَيْدٍ، أنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَلامُ لَمْ يَدْعُ بِهَذِهِ الدَعْوَةِ إلّا بَعْدَ أنْ أخْرَجَ اللهُ تَعالى كُلَّ مُؤْمِنٍ مِن أصْلابِهِمْ، وأعْقَمَ أرْحامَ النِساءِ قَبْلَ العَذابِ بِسَبْعِينَ سَنَةٍ، قالَ قَتادَةُ وبَعْدَ أنْ أوحى إلَيْهِ أنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مَن قَوْمِكَ إلّا مَن قَدْ آمَنَ، وقَدْ كانَ قَبْلَ ذَلِكَ طامِعًا حَدَبًا عَلَيْهِمْ، وفي حَدِيثِ النَبِيِّ ﷺ « "أنَّهُ رُبَّما ضَرَبَهُ ناسٌ مِنهم أحْيانًا حَتّى يُغْشى عَلَيْهِ فَإذا أفاقَ قالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهم لا يَعْلَمُونَ.» و"دَيّارٌ" أصْلُهُ دِيوارًا، وهو فَيْعالُ مِنَ الدَوَرانِ، أيْ مِن يَجِيءُ ويَذْهَبُ، يُقالُ مِنهُ: دَوّارُ ووَزْنُهُ فَعّالُ، ودِيارٌ ووَزْنُهُ فَيْعالُ وأصْلُهُ دِيوارُ، وهَذا كالقِوامِ والقِيامِ. وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "وَلِوالِدِيَّ" وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ "وَلِأبَوِيَّ"، وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "وَلِوالِدِي" بِكَسْرِ الدالِ، يَخُصُّ أباهُ بِالدَعْوَةِ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: لَمْ يَكْفُرْ لِنُوحٍ أبٌ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ آدَمَ عَلَيْهِما السَلامُ، وقَرَأ يَحْيى بْنُ يَعْمُرَ، والجَحْدَرِيُّ: "وَلِوَلَدَيَّ" بِفَتْحِ اللامِ وشَدِّ الياءِ مَفْتُوحَةً، وهي قِراءَةُ النَخْعِيِّ، يَخُصُّ بِالدُعاءِ ابْنَيْهِ، وبَيْتَهُ: المَسْجِدُ فِيما قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وجُمْهُورُ المُفَسِّرِينَ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا: بَيْتُهُ: شَرِيعَتُهُ ودِينُهُ، اسْتَعارَ لَهُما بَيْتًا، كَما يُقالُ: قُبَّةُ الإسْلامِ وفُسْطاطُ الدِينِ، وقِيلَ: أرادَ سَفِينَتَهُ، وقِيلَ دارَهُ، وقَوْلُهُ: "وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ" تَعْمِيمٌ بِالدُعاءِ لِمُؤْمِنِي كُلِّ أُمَّةٍ، وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: إنَّ الَّذِي اسْتَجابَ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَلامُ فَأُغْرِقَ بِدَعْوَتِهِ أهْلُ الأرْضِ الكَفّارُ لِجَدِيرٌ أنْ يَسْتَجِيبَ لَهُ فَيَرْحَمُ بِدَعْوَتِهِ المُؤْمِنِينَ. و"التَبارُ" الهَلاكُ وذَهابُ الرَسْمِ، وقَرَأ حَفْصٌ عن عاصِمٍ، وهُشامٌ وأبُو قُرَّةَ عن نافِعٍ: "بَيْتِي" بِتَحْرِيكِ الياءِ، وقَرَأ الباقُونَ بِسُكُونِها. تَمَّ تَفْسِيرُ سُورَةِ [نُوحٍ ] والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب