الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿والَّذِينَ في أمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾ ﴿لِلسّائِلِ والمَحْرُومِ﴾ ﴿والَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِينِ﴾ ﴿والَّذِينَ هم مِن عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ ﴿إنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾ ﴿والَّذِينَ هم لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ﴾ ﴿إلا عَلى أزْواجِهِمْ أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهم فَإنَّهم غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ ﴿فَمَنِ ابْتَغى وراءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ﴾
(p-٤٠٨)قالَ قَتادَةُ، والضَحّاكُ، وقَوْمٌ: "الحَقُّ المَعْلُومُ" هي الزَكاةُ المَفْرُوضَةُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، ومُجاهِدٌ: هَذِهِ الآيَةُ في الحُقُوقِ الَّتِي سِوى الزَكاةِ، وهي ما نَدَبَتِ الشَرِيعَةُ إلَيْهِ مِنَ المُواساةِ، وقَدْ قالَ ابْنُ عُمَرَ، والثَعْلَبِيُّ، ومُجاهِدٌ، وكَثِيرٌ مِن أهْلِ العِلْمِ: إنَّ في المالِ حَقًّا سِوى الزَكاةِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا هو الأصَحُّ في هَذِهِ الآيَةِ؛ لِأنَّ السُورَةَ مَكِّيَّةٌ وفَرْضُ الزَكاةِ وبَيانُها إنَّما كانَ بِالمَدِينَةِ.
و"السائِلُ": المُتَكَفِّفُ، "والمَحْرُومُ": الَّذِي قَدْ ثَبَتَ فَقْرُهُ ولَمْ تَنْجَحْ سِعايَتُهُ لِدُنْياهُ، قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عنها: هو الَّذِي لا يَكادُ يَتَيَسَّرُ لَهُ مَكْسَبُهُ، وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: المَحْرُومُ مَنِ احْتَرَقَ زَرَعَهُ، وقالَ بَعْضُهُمْ: المَحْرُومُ مَن ماتَتْ ماشِيَتِهِ.
وهَذِهِ أنْواع الحِرْمانِ، لا أنَّ الِاسْمَ يَسْتَلْزِمُ هَذا خاصَّةً.
وقالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: المَحْرُومُ: الكَلْبُ، أرادَ، واللهُ أعْلَمُ، أنْ يُعْطِيَ مِثالًا مِنَ الحَيَوانِ ذِي الكَبِدِ الرَطْبَةِ لِما فِيهِ مِنَ الأجْرِ حَسَبَ الحَدِيثِ المَأْثُورِ، وقالَ الشَعْبِيُّ: أعْيانِي أنْ أعْلَمَ ما المَحْرُومُ، وحَكى عنهُ النَقّاشُ أنَّهُ قالَ وهو ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً سَألْتُ عنهُ وأنا غُلامٌ فَما وجَدْتُ شِفاءً.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: يَرْحَمُ اللهُ الشَعْبِيَّ فَإنَّهُ في هَذِهِ المَسْألَةِ مَحْرُومٌ، ولَوْ أخَذَهُ اسْمُ جِنْسِ فِيمَن عَسَرَتْ مَطالِبُهُ بِأنَّ لَهُ، وإنَّما كانَ يَطْلُبُهُ نَوْعًا مَخْصُوصًا كالسائِلِ.
و"يَوْمَ الدِينِ" هو يَوْمُ القِيامَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ يَوْمُ المُجازاةِ، والدِينُ: الجَزاءُ، (p-٤٠٩)كَما تَقُولُ العَرَبُ: "كَما تَدِينُ تُدانُ". ومِنهُ قَوْلُ الفَنَدِ الزَمانِيِّ:
؎ ولَمْ يَبْقَ سِوى العُدْوا ∗∗∗ نِ دِنّاهم كَما دانُوا
و"الإشْفاقُ" الخَوْفُ مِن أمْرٍ يُتَوَقَّعُ؛ لِأنَّ نَيْلَ عَذابِ اللهِ لِلْمُؤْمِنِينَ مُتَوَقَّعٌ، والأكْثَرُ ناجٍ بِحَمْدِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى، لَكِنَّ عَذابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ لا يَأْمَنُهُ إلّا مَن لا بَصِيرَةَ لَهُ. وُ"الفُرُوجُ" في هَذِهِ الآيَةِ هي الفُرُوجُ المَعْرُوفَةُ، والمَعْنى: "يَحْفَظُونَها" مِنَ الزِنى، وقالَ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ: أرادَ فَرُوجَ الثِيابِ، وإلى مَعْنى الوَطْءِ يَعُودُ، ثُمَّ اسْتَثْنى تَعالى الوَطْءَ الَّذِي أباحَهُ الشَرْعُ في الزَوْجاتِ والمَمْلُوكاتِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا عَلى أزْواجِهِمْ﴾، حَسَنٌ دُخُولُ "عَلى" في هَذا المَوْضُوعِ قَوْلُهُ تَعالى: "غَيْرُ مَلُومِينَ"، فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ: إلّا أنَّهم غَيْرُ مَلُومِينَ عَلى أزْواجِهِمْ أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهم.
وقَوْلُهُ تَعالى: "ابْتَغى" مَعْناهُ: طَلَبَ، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: "وَراءَ ذَلِكَ" مَعْناهُ: سِوى ما ذَكَرَ، كَأنَّهُ أمْرٌ قَدْ حُدَّ فِيهِ حَدٌّ فَمَن طَلَبَ بُغْيَتَهُ وراءَ الحَدِّ فَهو كَمُسْتَقْبَلٍ حُدَّ في (p-٤١٠)الأجْرامِ وهو يَتَعَدّى وراءَهُ أيْ: خَلْفَهُ، و"العادُونَ": الَّذِينَ يَتَجاوَزُونَ حُدُودَ الأشْياءِ الَّتِي لَها حُدُودٌ، كانَ ذَلِكَ في الأجْرامِ أو في المَعْنى.
{"ayahs_start":24,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِهِمۡ حَقࣱّ مَّعۡلُومࣱ","لِّلسَّاۤىِٕلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ","وَٱلَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوۡمِ ٱلدِّینِ","وَٱلَّذِینَ هُم مِّنۡ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ","إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمۡ غَیۡرُ مَأۡمُونࣲ","وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَـٰفِظُونَ","إِلَّا عَلَىٰۤ أَزۡوَ ٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَیۡرُ مَلُومِینَ","فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَاۤءَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوۡمِ ٱلدِّینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق