الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿سَأصْرِفُ عن آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وإنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وإنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا وإنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا ذَلِكَ بِأنَّهم كَذَّبُوا بِآياتِنا وكانُوا عنها غافِلِينَ﴾ ﴿والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ولِقاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أعْمالُهم هَلْ يُجْزَوْنَ إلا ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾
(p-٤٧)المَعْنى: سَأمْنَعُ وأصُدُّ، وقالَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: الآياتُ هُنا كُلُّ كِتابٍ مُنَزَّلٌ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
فالمَعْنى: عن فَهْمِها وتَصْدِيقِها، وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الآياتُ: العَلاماتُ المَنصُوبَةُ الدالَّةُ عَلى الوَحْدانِيَّةِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
فالمَعْنى: عَنِ النَظَرِ فِيها والتَفْكِيرِ والِاسْتِدْلالِ بِها، واللَفْظُ يَعُمُّ الوَجْهَيْنِ.
والمُتَكَبِّرُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ في الأرْضِ هُمُ الكَفَرَةُ، والمَعْنى في هَذِهِ الآيَةِ: سَأجْعَلُ الصَرْفَ عَنِ الآياتِ عُقُوبَةً لِلْمُتَكَبِّرِينَ عَلى تَكَبُّرِهِمْ، وقَوْلُهُ تَبارَكَ وتَعالى: ﴿وَإنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها﴾ حَتْمٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ عَلى الطائِفَةِ الَّتِي قَدَّرَ ألّا يُؤْمِنُوا. وقِراءَةُ الجُمْهُورِ: "يَرَوْا" بِفَتْحِ الياءِ، قَرَأها ابْنُ كَثِيرٍ، وعاصِمُ، ونافِعٌ، وأبُو جَعْفَرٍ، وشَيْبَةُ، وشِبْلٌ، وابْنُ وثّابٍ، وطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وسائِرُ السَبْعَةِ، وقَرَأها مَضْمُومَةَ الياءِ مالِكُ بْنُ دِينارٍ.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وعاصِمٌ، وابْنُ عامِرٍ: "الرُشْدِ"، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ -فِي بَعْضِ ما رُوِيَ عنهُ- وأبُو البَرَهْسَمِ: "الرُشُدِ" بِضَمِّ الراءِ والشِينِ، وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ عَلى أنَّ "الرُشْدَ" بِضَمِّ الراءِ وسُكُونِ الشِينِ، و"الرَشَدَ" بِفَتْحِهِما بِمَعْنًى واحِدٍ، وقالَ أبُو عَمْرٍو بْنُ العَلاءِ: الرُشْدُ بِضَمِّ الراءِ: الصَلاحُ في النَظَرِ، و"الرَشَدُ" بِفَتْحِهِما: الدِينُ، وأمّا قِراءَةُ ابْنِ عامِرٍ بِضَمِّهِما فَأتْبَعَتِ الضَمَّةُ الضَمَّةَ.
وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: "لا يَتَّخِذُوها" و"تَتَّخِذُوها" عَلى تَأْنِيثِ السَبِيلِ، والسَبِيلُ تُؤَنَّثُ وتُذَكَّرُ، وقَوْلُهُ تَعالى: "ذَلِكَ" إشارَةٌ إلى الصَرْفِ، أيْ صَرَفْنا إيّاهم وعُقُوبَتُنا لَهم هي بِكُفْرِهِمْ وتَكْذِيبِهِمْ وغَفْلَتِهِمْ عَنِ النَظَرِ في الآياتِ والوُقُوفِ عِنْدَ الحُجَجِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ "ذَلِكَ" خَبَرُ ابْتِداءٍ تَقْدِيرُهُ: الأمْرُ ذَلِكَ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ تَقْدِيرُهُ: فَعَلْنا ذَلِكَ.
(p-٤٨)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ الآيَةُ، هَذِهِ الآيَةُ مُؤَكِّدَةٌ لِلَّتِي قَبْلَها، وسَوْقُها في جُمْلَةِ المُكَذَّبِ بِهِ، ولِقاءِ الآخِرَةِ لَفْظٌ يَتَضَمَّنُ تَهْدِيدًا. أيْ: هُنالِكَ يُفْتَضَحُ لَهم حالُهم. و"حَبِطَتْ" مَعْناهُ: سَقَطَتْ وفَسَدَتْ، وأصْلُ الحَبَطِ فِيما تَقَدَّمَ صَلاحُهُ، ولَكِنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ في الَّذِي كانَ أوَّلَ مَرَّةٍ فاسِدًا، إذْ مَآلُ العامِلِينَ واحِدٌ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَلْ يُجْزَوْنَ﴾ اسْتِفْهامٌ بِمَعْنى التَقْرِيرِ، أيْ: يَسْتَوْجِبُونَ بِسُوءِ فِعْلِهِمُ العُقُوبَةَ، وساغَ أنْ يُسْتَعْمَلَ "حَبِطَتْ" هُنا إذْ كانَتْ أعْمالُهم في مُعْتَقَداتِهِمْ جارِيَةً في طَرِيقِ صَلاحٍ، فَكَأنَّ الحَبَطَ فِيها إنَّما هو بِحَسَبِ مُعْتَقَداتِهِمْ، وأمّا بِحَسَبِ ما هي عَلَيْهِ في أنْفُسِها فَفاسِدَةٌ مُنْذُ أوَّلِ أمْرِها، ومِن هَذِهِ اللَفْظَةِ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: « "إنَّ مِمّا يُنْبِتُ الرَبِيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطًا أو يُلِمُّ"» أيْ فَسادًا لِكَثْرَةِ الأكْلِ بَعْدَ الصَلاحِ الَّذِي كانَ أوَّلًا، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو السَمّالِ: "حَبَطَتْ" بِفَتْحِ الباءِ.
{"ayahs_start":146,"ayahs":["سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَایَـٰتِیَ ٱلَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَإِن یَرَوۡا۟ كُلَّ ءَایَةࣲ لَّا یُؤۡمِنُوا۟ بِهَا وَإِن یَرَوۡا۟ سَبِیلَ ٱلرُّشۡدِ لَا یَتَّخِذُوهُ سَبِیلࣰا وَإِن یَرَوۡا۟ سَبِیلَ ٱلۡغَیِّ یَتَّخِذُوهُ سَبِیلࣰاۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَكَانُوا۟ عَنۡهَا غَـٰفِلِینَ","وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَلِقَاۤءِ ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡۚ هَلۡ یُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَلِقَاۤءِ ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡۚ هَلۡ یُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق