الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿يا أيُّها النَبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ والمُنافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ ومَأْواهم جَهَنَّمُ وبِئْسَ المَصِيرُ﴾ ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأتَ نُوحٍ وامْرَأتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِن عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عنهُما مِن اللهُ شَيْئًا وقِيلَ ادْخُلا النارَ مَعَ الداخِلِينَ﴾ هَذِهِ الآيَةُ تَأْكِيدٌ لِأمْرِ الجِهادِ وفَرْضِهِ المُتَقَدِّمِ، والمَعْنى: دُمْ عَلى جِهادِ الكافِرِينَ بِالسَيْفِ، وجاهِدِ المُنافِقِينَ بِإقامَةِ الحُدُودِ عَلَيْهِمْ، وضَرْبِهِمْ في كُلِّ جَرائِمِهِمْ وعِنْدَ قُوَّةِ الظَنِّ بِهِمْ، ولَمْ يُعَيِّنِ اللهُ تَعالى لِرَسُولِهِ ﷺ مُنافِقًا يَقَعُ القَطْعُ بِنِفاقِهِ؛ لِأنَّ التَشَهُّدَ الَّذِي كانُوا يُظْهِرُونَ كانَ مُلْبِسًا لِأمْرِهِمْ، مُشَبَّهًا لَهم بِالعُصاةِ مِنَ الأُمَّةِ، و"الغِلْظَةُ عَلَيْهِمْ" هي فَظاظَةُ القَلْبِ والِانْتِهارُ وقِلَّةُ الرِفْق بِهِمْ، وقَرَأ الضَحّاكُ: "وَأغْلِظْ" بِكَسْرِ اللامِ وقَطْعِ الألِفِ. وهَذانَ المَثَلانِ اللَذانِ لِلْكُفّارِ والمُؤْمِنِينَ مَعْناهُما أنَّ مَن كَفَرَ لا يُغْنِي عنهُ مِنَ اللهِ شَيْءٌ، ولا يَنْفَعُهُ وِزْرٌ ولَوْ كانَ مُتَعَلِّقًا بِأقْوى الأسْبابِ، وأنَّ مَن آمَنَ لا يَدْفَعُهُ دافِعٌ عن رِضْوانِ اللهِ تَعالى ولَوْ كانَ في أسْوَأِ مَنشَأٍ وأخَسِّ حالٍ، وقالَ بَعْضُ الناسِ: إنَّ في (p-٣٤٨)المَثَلَيْنِ عِبْرَةٌ لِزَوْجاتِ النَبِيِّ ﷺ حِينَ تَقَدَّمَ عِتابُهُنَّ، وفي هَذا بُعْدٌ لِأنَّ النَصَّ أنَّهُ لِلْكُفّارِ يُبْعِدُ هَذا. واخْتَلَفَ الناسُ في خِيانَةِ هاتَيْنِ المَرْأتَيْنِ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وغَيْرُهُ: خانَتا في الكُفْرِ، وفي أنَّ امْرَأةَ نُوحٍ كانَتْ تَقُولُ لِلنّاسِ: إنَّهُ مَجْنُونٌ. وأنَّ امْرَأةَ لُوطٍ كانَتْ تَقُولُ لِقَوْمِهِ مَتى ورَدَ ضَيْفٌ فَتُخْبِرُ بِهِ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: وما بَغَتْ زَوْجَةُ نَبِيٍّ قَطُّ ولا ابْتُلِيَ الأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ الصَلاةُ والسَلامُ في نِسائِهِمْ بِهَذا، وقالَ الحَسَنُ -فِي كِتابِ النَقّاشِ -: خانَتاهُما بِالكُفْرِ والزِنى وغَيْرِهِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: "يُغْنِيا" بِالياءِ، وقَرَأ بِشْرُ بْنُ عُبَيْدٍ: "تَغَنِّيًا" بِالتاءِ مِن فَوْقٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب