الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ومِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أنَّ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وأنَّ اللهُ قَدْ أحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ لا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ أنَّ السَمَواتِ سَبْعٌ لِأنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا﴾ [نوح: ١٥]، وفَسَّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أمْرَهُنَّ في حَدِيثِ الإسْراءِ، وقالَ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ لِسَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: « "حَكَمْتَ بِحُكْمِ المَلِكِ مِن فَوْقِ سَبْعِ أرْقِعَةٍ"،» ونَطَقَتْ بِذَلِكَ الشَرِيعَةُ في غَيْرِ ما مَوْضِعٍ، وأمّا "الأرْضُ" فالجُمْهُورُ عَلى أنَّها سَبْعُ أرْضِينَ، وهو ظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ، وأنَّ المُماثَلَةَ إنَّما هي في العَدَدِ، ويَسْتَدِلُّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: « "مَن غَصِبَ شِبْرًا مِن أرْضٍ طَوَّقَهُ مِن سَبْعِ أرْضِينَ"»، إلى غَيْرِ هَذا مِمّا ورَدَتْ بِهِ رِواياتٌ، ورُوِيَ عن قَوْمٍ مِنَ العُلَماءِ أنَّهم قالُوا: الأرْضُ واحِدَةٌ، وهي مُماثِلَةٌ لِكُلِّ سَماءٍ بِانْفِرادِها (p-٣٣٧)فِي ارْتِفاعِ جِرْمِها، وفي أنَّ فِيها عالَمًا يَعْبُدُ، كَما في كُلِّ سَماءٍ عالَمٌ يَعْبُدُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "مِثْلَهُنَّ " بِالنَصْبِ، وقَرَأ عاصِمٌ: "مِثْلُهُنَّ" بِالرَفْعِ، و"الأمْرُ" هُنا الوَحْيُ وجَمِيعُ ما يَأْمُرُ بِهِ تَعالى مَن يَعْقِلُ ومَن لا يَعْقِلُ، فَإنَّ الرِياحَ والسَحابَ وغَيْرَ ذَلِكَ مَأْمُورٌ كُلُّها، وباقِي السُورَةِ حَضٌّ عَلى تَوْحِيدِ اللهِ تَعالى. وقَوْلُهُ تَعالى: ( إنَّ اللهَ عَلى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) عُمُومُ مَعْناهُ الخُصُوصُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ أحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ عُمُومٌ عَلى إطْلاقِهِ. كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ [الطَلاقِ] والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب