الباحث القرآني

قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ أخَذَ اللهُ سَمْعَكم وأبْصارَكم وخَتَمَ عَلى قُلُوبِكم مَن إلَهٌ غَيْرُ اللهُ يَأْتِيكم بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ ثُمَّ هم يَصْدِفُونَ﴾ ﴿قُلْ أرَأيْتَكم إنْ أتاكم عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أو جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إلا القَوْمُ الظالِمُونَ﴾ ﴿وَما نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إلا مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ فَمَن آمَنَ وأصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ ﴿والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ العَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ هَذا ابْتِداءُ احْتِجاجٍ عَلى الكُفّارِ؛ و"أخَذَ اللهُ"؛ مَعْناهُ: أذْهَبَهُ؛ وانْتَزَعَهُ بِقُدْرَتِهِ تَعالى ؛ ووَحَّدَ السَمْعَ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ مُفْرَدٌ؛ يَدُلُّ عَلى جَمْعٍ؛ والضَمِيرُ في "بِهِ"؛ عائِدٌ عَلى المَأْخُوذِ؛ وقِيلَ: عَلى السَمْعِ؛ وقِيلَ: عَلى الهُدى الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ المَعْنى؛ وقَرَأ الأعْرَجُ وغَيْرُهُ: "بِهُ انْظُرْ"؛ بِضَمِّ الهاءِ؛ ورَواها المُسَيَّبِيُّ؛ وأبُو وجْزَةَ؛ عن نافِعٍ ؛ و"يَصْدِفُونَ"؛ مَعْناهُ: يُعْرِضُونَ؛ ويَنْفِرُونَ؛ ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ:(p-٣٦٤) ؎ إذا ذَكَرْنَ حَدِيثًا قُلْنَ أحْسَنَهُ ∗∗∗ وهُنَّ عن كُلِّ سُوءٍ يُتَّقى صُدُفُ قالَ النَقّاشُ: في الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى تَفْضِيلِ السَمْعِ عَلى البَصَرِ؛ لَتَقْدِمَتِهِ هُنا؛ ثُمَّ احْتَجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿إنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ [الأنعام: ٣٦] ؛ وبِغَيْرِ ذَلِكَ. والِاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ: "مَن إلَهٌ"؛ مَعْناهُ التَوْقِيفُ؛ أيْ: "لَيْسَ ثَمَّةَ إلَهٌ سِواهُ؛ فَما بالُ تَعَلُّقِكم بِالأصْنامِ؛ وتَمَسُّكِكم بِها؛ وهي لا تَدْفَعُ ضَرَرًا؛ ولا تَأْتِي بِخَيْرٍ؟"؛ وتَصْرِيفُ الآياتِ هو نَصْبُ العِبَرِ؛ ومَجِيءُ آياتِ القُرْآنِ بِالإنْذارِ؛ والإعْذارِ؛ والبِشارَةِ؛ ونَحْوِها. وقَوْلُهُ تَعالى ﴿قُلْ أرَأيْتَكُمْ﴾ [الأنعام: ٤٠] ؛ اَلْآيَةَ؛ وعِيدٌ وتَهْدِيدٌ؛ و"بَغْتَةً"؛ مَعْناهُ: لا يَتَقَدَّمُ عِنْدَكم مِنها عِلْمٌ؛ و"جَهْرَةً"؛ مَعْناهُ: تَبْدُو لَكم مَخايِلُهُ؛ ومَبادِيهِ؛ ثُمَّ تَتَوالى؛ حَتّى تَنْزِلَ؛ قالَ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ: "بَغْتَةً": فَجْأةً؛ و"جَهْرَةً": نَهارًا؛ قالَ مُجاهِدٌ: "بَغْتَةً": فَجْأةً؛ آمِنِينَ؛ و"جَهْرَةً": وهم يَنْظُرُونَ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: "هَلْ يَهْلِكُ"؛ عَلى بِناءِ الفِعْلِ لِلْفاعِلِ؛ والمَعْنى: "هَلْ تَهْلِكُونَ إلّا أنْتُمْ؟؛ لِأنَّ الظُلْمَ قَدْ تَبَيَّنَ في حَيِّزِكُمْ"؛ و"هَلْ"؛ ظاهِرُها الِاسْتِفْهامُ؛ ومَعْناها التَسْوِيَةُ المُضَمَّنَةُ لِلنَّفْيِ؛ ولا تَكُونُ التَسْوِيَةُ بِها إلّا في النَفْيِ؛ وتَكُونُ بِالألِفِ في نَفْيٍ؛ وفي إيجابٍ. وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وَما نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ﴾ ؛ اَلْآيَةَ: اَلْمَعْنى: "إنَّما نُرْسِلُ الأنْبِياءَ المَخْصُوصِينَ بِالرِسالَةِ؛ لِيُبَشِّرُوا بِإنْعامِنا؛ ورَحْمَتِنا لِمَن آمَنَ؛ ويُنْذِرُوا بِعَذابِنا وعِقابِنا مَن كَذَّبَ وكَفَرَ؛ ولَسْنا نُرْسِلُهم لِيُقْتَرَحَ عَلَيْهِمُ الآياتُ؛ ويُتابِعُوا شُذُوذَ كُلِّ مُتَعَسِّفٍ مُتَعَمِّقٍ"؛ ثُمَّ وعَدَ مَن سَلَكَ طَرِيقَ البِشارَةِ فَآمَنَ؛ وأصْلَحَ؛ في امْتِثالِ الطاعاتِ؛ وأوعَدَ الَّذِينَ سَلَكُوا طَرِيقَ النَذارَةِ؛ فَكَذَّبَ بِآياتِ اللهِ تَعالى ؛ وفَسَقَ؛ أيْ: خَرَجَ عَنِ الحَدِّ في كُفْرانِهِ؛ وعِصْيانِهِ؛ وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: "كُلُّ فِسْقٍ في القُرْآنِ فَمَعْناهُ الكَذِبُ"؛ ذَكَرَهُ عنهُ الطَبَرِيُّ مُسْنَدًا؛ و"يَمَسُّهُمُ"؛ أيْ: يُباشِرُهُمْ؛ ويُلْصَقُ بِهِمْ؛ وقَرَأ الحَسَنُ والأعْمَشُ: "اَلْعَذابِّما"؛ بِإدْغامِ الباءِ في الباءِ؛ ورُوِيَتْ عن أبِي عَمْرٍو ؛ وقَرَأ يَحْيى بْنُ وثّابٍ ؛ والأعْمَشُ: "يَفْسِقُونَ"؛ بِكَسْرِ السِينِ؛ وهي لُغَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب