الباحث القرآني
قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -:
﴿وَقالُوا ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ومُحَرَّمٌ عَلى أزْواجِنا وإنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهم فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وصْفَهم إنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
هَذِهِ الآيَةُ تَتَضَمَّنُ تَعْدِيدَ مَذاهِبِهِمُ الفاسِدَةِ؛ وكانَتْ سُنَّتُهم في بَعْضِ الأنْعامِ أنْ يُحَرِّمُوا ما ولَدَتْ عَلى نِسائِهِمْ؛ ويُخَصِّصُونَهُ لِذُكُورِهِمْ؛ والهاءُ في "خالِصَةٌ"؛ قِيلَ: هي (p-٤٧٢)لِلْمُبالَغَةِ؛ كَما هي في "راوِيَةٌ"؛ وغَيْرِها؛ وهَذا كَما تَقُولُ: "فُلانٌ خالِصَتِي"؛ وإنْ كانَ بابُ هاءِ المُبالَغَةِ أنْ يَلْحَقَ بِناءَ مُبالَغَةٍ كَـ "عَلّامَةٌ"؛ و"نَسّابَةٌ"؛ و"بَصِيرَةٌ"؛ ونَحْوِهُ؛ وقِيلَ: هي لِتَأْنِيثِ الأنْعامِ؛ إذْ ما في بُطُونِها أنْعامٌ أيْضًا؛ وقِيلَ: هي عَلى تَأْنِيثِ لَفْظِ "ما"؛ لِأنَّ "ما"؛ واقِعَةٌ في هَذا المَوْضِعِ مَوْقِعَ قَوْلِكَ: "جَماعَةً"؛ و"جُمْلَةً".
وقَرَأ جُمْهُورُ القُرّاءِ والناسِ: "خالِصَةٌ"؛ بِالرَفْعِ؛ وقَرَأ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ؛ وابْنُ جُبَيْرٍ ؛ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ ؛ والأعْمَشُ: "خالِصٌ"؛ دُونَ هاءٍ؛ ورَفْعُ هاتَيْنِ القِراءَتَيْنِ عَلى خَبَرِ الِابْتِداءِ؛ وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما - بِخِلافٍ - والأعْرَجُ ؛ وقَتادَةُ ؛ وسُفْيانُ بْنُ حُسَيْنٍ: "خالِصَةً"؛ بِالنَصْبِ؛ وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - فِيما ذَكَرَ أبُو الفَتْحِ -: "خالِصًا"؛ ونَصْبُ هاتَيْنِ القِراءَتَيْنِ عَلى أنَّ الحالَ مِنَ الضَمِيرِ الَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ "فِي بُطُونِ"؛﴾ وذَلِكَ أنَّ تَقْدِيرَ الكَلامِ: "وَقالُوا: ما اسْتَقَرَّ هو في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ..."؛ فَحُذِفَ الفِعْلُ وحُمِّلَ المَجْرُورُ الضَمِيرَ؛ والحالُ مِنَ الضَمِيرِ؛ والعامِلُ فِيها مَعْنى الِاسْتِقْرارِ؛ قالَ أبُو الفَتْحِ: ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ حالًا مِن "ما"؛ عَلى مَذْهَبِ أبِي الحَسَنِ في إجازَتِهِ تَقْدِيمَ الحالِ عَلى العامِلِ فِيها؛ وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا؛ وأبُو حَيْوَةَ؛ والزُهْرِيُّ: "خالِصُهُ"؛ بِإضافَةِ "خالِصُ"؛ إلى ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلى "ما"؛ ومَعْناهُ: "ما خَلُصَ وخَرَجَ حَيًّا"؛ والخَبَرُ - عَلى قِراءَةِ مَن نَصَبَ "خالِصَةً"؛ في قَوْلِهِ - سُبْحانَهُ -: "لِذُكُورِنا"؛ والمَعْنى المُرادُ بِـ "ما"؛ في قَوْلِهِ تَعالى "ما في بُطُونِ"؛ قالَ السُدِّيُّ: هي الأجِنَّةُ؛ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ ؛ وقَتادَةُ ؛ والشَعْبِيُّ: هو اللَبَنُ؛ قالَ الطَبَرِيُّ ؛ واللَفْظُ يَعُمُّهُما.
وقَوْلُهُ تَعالى ﴿ "وَمُحَرَّمٌ"؛﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ الهاءَ في "خالِصَةٌ"؛ لِلْمُبالَغَةٍ؛ ولَوْ كانَتْ (p-٤٧٣)لِتَأْنِيثٍ لَقالَ: "وَمُحَرَّمَةٌ"؛ و"أزْواجِنا"؛ يُرِيدُ بِهِ جَماعَةَ النِساءِ؛ الَّتِي هي مُعَدَّةٌ أنْ تَكُونَ أزْواجًا؛ قالَهُ مُجاهِدٌ ؛ وحَكى الطَبَرِيُّ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ أنَّ المُرادَ بِـ "أزْواجِنا": اَلْبَناتُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهَذا يَبْعُدُ تَحْلِيقُهُ عَلى المَعْنى؛ وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وَإنْ يَكُنْ مَيْتَةً﴾ ؛ كانَ مِن سُنَّتِهِمْ أنَّ ما خَرَجَ مِنَ الأجِنَّةِ مَيْتًا مِن تِلْكَ الأنْعامِ المَوْقُوفَةِ؛ فَهو حَلالٌ لِلرِّجالِ والنِساءِ جَمِيعًا؛ وكَذَلِكَ ما ماتَ مِنَ الأنْعامِ المَوْقُوفَةِ نَفْسِها.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ: "وَإنْ يَكُنْ"؛ بِالياءِ؛ "مَيْتَةٌ"؛ بِالرَفْعِ؛ فَلَمْ يُلْحِقِ الفِعْلَ عَلامَةَ التَأْنِيثِ؛ لَمّا كانَ تَأْنِيثُ الفاعِلِ المُسْنَدِ إلَيْهِ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ؛ والمَعْنى: "وَإنْ وقَعَ مَيْتَةٌ أو حَدَثَ مَيْتَةٌ"؛ وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: "وَإنْ تَكُنْ"؛ بِالتاءِ؛ "مَيْتَةٌ"؛ بِالرَفْعِ؛ فَألْحَقَ الفِعْلَ عَلامَةَ التَأْنِيثِ؛ لَمّا كانَ الفاعِلُ في اللَفْظِ مُؤَنَّثًا؛ وأسْنَدَ الفِعْلَ إلى المَيْتَةِ؛ كَما فَعَلَ ابْنُ كَثِيرٍ ؛ وقَرَأ عاصِمٌ ؛ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُ - عنهُ: "تَكُنْ"؛ بِالتاءِ؛ "مَيْتَةً"؛ بِالنَصْبِ؛ فَأنَّثَ؛ وإنْ كانَ المُتَقَدِّمُ مُذَكَّرًا؛ لِأنَّهُ حَمَلَهُ عَلى المَعْنى.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: فالتَقْدِيرُ: "وَإنْ تَكُنِ النَسَمَةُ - أو نَحْوُها - مَيْتَةً"؛ وقَرَأ نافِعٌ ؛ وأبُو عَمْرٍو ؛ وحَمْزَةُ ؛ والكِسائِيُّ ؛ وعاصِمٌ ؛ في رِوايَةِ حَفْصٍ: "يَكُنْ"؛ بِالياءِ؛ "مَيْتَةً"؛ بِالنَصْبِ؛ فَذَكَّرُوا الفِعْلَ؛ لِأنَّهم أسْنَدُوهُ إلى ضَمِيرِ ما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ﴾ ؛ وهو مُذَكَّرٌ؛ وانْتَصَبَتِ المَيْتَةُ عَلى الخَبَرِ؛ قالَ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ: ويُقَوِّي هَذِهِ القِراءَةَ قَوْلُهُ تَعالى ﴿ "فَهم فِيهِ"؛﴾ ولَمْ يَقُلْ: "فِيها"؛ وقَرَأ يَزِيدُ بْنُ القَعْقاعِ: "وَإنْ تَكُنْ مَيِّتَةً"؛ بِالتَشْدِيدِ؛ وقَرَأ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: "فَهم فِيهِ سَواءٌ".
ثُمَّ أعْقَبَ تَعالى بِوَعِيدِهِمْ عَلى ما وصَفُوا أنَّهُ مِنَ القُرُباتِ إلى اللهِ تَعالى ؛ وشَرَعُوهُ مِنَ الباطِلِ؛ والإفْكِ؛ "إنَّهُ حَكِيمٌ"؛ أيْ: "فِي عَذابِهِمْ؛ عَلى ذَلِكَ"؛ "عَلِيمٌ"؛ بِقَلِيلِ ما تَقَوَّلُوهُ مِن ذَلِكَ؛ وكَثِيرِهِ.
{"ayah":"وَقَالُوا۟ مَا فِی بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ خَالِصَةࣱ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰۤ أَزۡوَ ٰجِنَاۖ وَإِن یَكُن مَّیۡتَةࣰ فَهُمۡ فِیهِ شُرَكَاۤءُۚ سَیَجۡزِیهِمۡ وَصۡفَهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











