الباحث القرآني
(p-٤٦٦)قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -:
﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمّا ذَرَأ مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ نَصِيبًا فَقالُوا هَذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وهَذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إلى اللهِ وما كانَ لِلَّهِ فَهو يَصِلُ إلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾
اَلضَّمِيرُ في "وَجَعَلُوا"؛ عائِدٌ عَلى كُفّارِ العَرَبِ العادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الأوثانَ؛ الَّذِينَ تَقَدَّمَ الرَدُّ عَلَيْهِمْ مِن أوَّلِ السُورَةِ.
و"ذَرَأ"؛ مَعْناهُ: "خَلَقَ؛ وأنْشَأ؛ وبَثَّ في الأرْضِ"؛ يُقالُ: "ذَرَأ اللهُ تَعالى الخَلْقَ؛ يَذْرَؤُهُمْ؛ ذَرْءًا؛ وذُرُوءًا"؛ أيْ: "خَلَقَهُمْ"؛ وقَوْلُهُ تَعالى "وَجَعَلُوا - مِن كَذا وكَذا - نَصِيبًا"؛ يَتَضَمَّنُ بَقاءَ نَصِيبٍ آخَرَ؛ لَيْسَ بِداخِلٍ في حُكْمِ الأوَّلِ؛ فَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: "فَقالُوا هَذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وهَذا لِشُرَكائِنا"؛ ثُمَّ اعْتَرَضَهم أثْناءَ القَوْلِ بِأنَّ ذَلِكَ زَعْمٌ؛ وتَقَوُّلٌ؛ و"اَلزَّعْمُ"؛ في كَثِيرِ كَلامِ العَرَبِ أقْرَبُ إلى غَيْرِ اليَقِينِ والحَقِّ؛ يُقالُ: "زَعْمٌ"؛ بِفَتْحِ الزايِ؛ وبِهِ قَرَأتِ الجَماعَةُ؛ و"زُعْمٌ"؛ بِضَمِّها؛ و[بِها] قَرَأ الكِسائِيُّ وحْدَهُ؛ في هَذِهِ الآيَةِ؛ و"زِعْمٌ" بِكَسْرِ الزايِ؛ ولا أحْفَظُ أحَدًا قَرَأ بِهِ.
و"اَلْحَرْثُ"؛ في هَذِهِ الآيَةِ؛ يُرِيدُ بِهِ الزَرْعَ والأشْجارَ؛ وما يَكُونُ مِنَ الأرْضِ؛ وقَوْلُهُ تَعالى "لِشُرَكائِنا"؛ يُرِيدُ بِهِ الأصْنامَ والأوثانَ؛ وسَمَّوْهم "شُرَكاءَ" عَلى مُعْتَقَدِهِمْ فِيهِمْ أنَّهم يُساهِمُونَهم في الخَيْرِ؛ والشَرِّ؛ ويُكْسِبُونَهم ذَلِكَ.
وسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أنَّ العَرَبَ كانَتْ تَجْعَلُ مِن غَلّاتِها؛ وزَرْعِها؛ وثِمارِها؛ ومِن أنْعامِها؛ جُزْءًا تُسَمِّيهِ لِلَّهِ تَعالى ؛ وجُزْءًا تُسَمِّيهِ لِأصْنامِها؛ وكانَتْ عادَتُها التَحَفِّي؛ والِاهْتِبالَ بِنَصِيبِ الأصْنامِ أكْثَرَ مِنها بِنَصِيبِ اللهِ تَعالى إذْ كانُوا يَعْتَقِدُونَ أنَّ الأصْنامَ بِها فَقْرٌ؛ ولَيْسَ ذَلِكَ بِاللهِ تَعالى ؛ فَكانُوا إذا جَمَعُوا الزَرْعَ فَهَبَّتِ الرِيحُ فَحَمَلَتْ مِنَ الذِي لِلَّهِ تَعالى إلى الَّذِي لِشُرَكائِهِمْ أقَرُّوهُ؛ وإذا حَمَلَتْ مِنَ الذِي لِشُرَكائِهِمْ إلى اللهِ تَعالى رَدُّوهُ؛ وإذا تَفَجَّرَ مِن سَقْيِ ما جَعَلُوا لِلَّهِ تَعالى في نَصِيبِ شُرَكائِهِمْ تَرَكُوهُ؛ وإنْ بِالعَكْسِ سَدُّوهُ؛ وإذا لَمْ يُصِيبُوا في نَصِيبِ شُرَكائِهِمْ شَيْئًا قالُوا: لا بُدَّ لِلْآلِهَةِ مِن نَفَقَةٍ؛ فَيَجْعَلُونَ نَصِيبَ اللهِ تَعالى في ذَلِكَ؛ قالَ هَذا المَعْنى ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما -؛ ومُجاهِدٌ ؛ والسُدِّيُّ ؛ وغَيْرُهُمْ: إنَّهم كانُوا يَفْعَلُونَ هَذا ونَحْوَهُ مِنَ الفِعْلِ؛ وكَذَلِكَ في الأنْعامِ؛ وكانُوا إذا أصابَتْهُمُ السَنَةُ أكَلُوا نَصِيبَ اللهِ تَعالى وتَحامَوْا نَصِيبَ شُرَكائِهِمْ.
(p-٤٦٧)وَقَوْلُهُ تَعالى ﴿فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ﴾ ؛ اَلْآيَةَ؛ قالَ جُمْهُورُ المُتَأوِّلِينَ: إنَّ المُرادَ بِقَوْلِهِ تَعالى "فَلا يَصِلُ"؛ وقَوْلِهِ - سُبْحانَهُ -: "يَصِلُ"؛ ما قَدَّمْنا ذِكْرَهُ مِن حِمايَتِهِمْ نَصِيبَ آلِهَتِهِمْ في هُبُوبِ الرِيحِ وغَيْرِ ذَلِكَ؛ وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: إنَّما ذَلِكَ في أنَّهم كانُوا إذا ذَبَحُوا لِلَّهِ تَعالى ذَكَرُوا آلِهَتَهم عَلى ذَلِكَ الذَبْحِ؛ وإذا ذَبَحُوا لِآلِهَتِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا اللهَ تَعالى ؛ فَكَأنَّهُ قالَ: "فَلا يَصِلُ إلى ذِكْرِ اللهِ تَعالى "؛ وقالَ: "فَهُوَ يَصِلُ إلى ذِكْرِ شُرَكائِهِمْ"؛ و"ما"؛ في مَوْضِعِ رَفْعٍ؛ كَأنَّهُ قالَ: "ساءَ الَّذِي يَحْكُمُونَ"؛ ولا يُتَّجَهُ عِنْدِي أنْ يُجْرى هُنا "ساءَ"؛ مُجْرى "نِعْمَ"؛ و"بِئْسَ"؛ لِأنَّ المُفَسَّرَ هُنا مُضْمَرٌ؛ ولا بُدَّ مِن إظْهارِهِ بِاتِّفاقٍ مِنَ النُحاةِ؛ وإنَّما اتُّجِهَ أنْ تُجْرى مُجْرى "بِئْسَ"؛ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ساءَ مَثَلا القَوْمُ﴾ [الأعراف: ١٧٧] ؛ لِأنَّ المُفَسَّرَ ظاهِرٌ في الكَلامِ.
{"ayah":"وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ نَصِیبࣰا فَقَالُوا۟ هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَـٰذَا لِشُرَكَاۤىِٕنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَاۤىِٕهِمۡ فَلَا یَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ یَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَاۤىِٕهِمۡۗ سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق