الباحث القرآني
قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -:
﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وإنَّهُ لَفِسْقٌ وإنَّ الشَياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أولِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكم وإنَّ أطَعْتُمُوهم إنَّكم لَمُشْرِكُونَ﴾
اَلْمَقْصِدُ بِهَذِهِ الآيَةِ النَهْيُ عَنِ المَيْتَةِ؛ إذْ هي جَوابٌ لِقَوْلِ المُشْرِكِينَ: "تَتْرُكُونَ ما قَتَلَ اللهُ؟"؛ والنَهْيُ أيْضًا عَمّا ذُبِحَ لِلْأنْصابِ؛ ومَعَ ذَلِكَ فَلَفْظُها يَعُمُّ ما تُرِكَتِ التَسْمِيَةُ عَلَيْهِ (p-٤٥١)مِن ذَبائِحِ الإسْلامِ؛ وبِهَذا العُمُومِ تَعَلَّقَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ؛ وعَبْدُ اللهِ بْنُ عَيّاشِ بْنِ أبِي رَبِيعَةَ؛ وعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ؛ ونافِعٌ ؛ وعَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ الخَطْمِيُّ؛ والشَعْبِيُّ ؛ وغَيْرُهُمْ؛ فَما تُرِكَتِ التَسْمِيَةُ عَلَيْهِ - نِسْيانًا؛ أو عَمْدًا - لَمْ يُؤْكَلْ؛ وقالَتْ طائِفَةٌ عَظِيمَةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ: يُؤْكَلُ ما ذُبِحَ ولَمْ يُسَمَّ عَلَيْهِ نِسْيانًا؛ ولا يُؤْكَلُ ما لَمْ يُسَمَّ عَلَيْهِ عَمْدًا؛ وهَذا قَوْلُ الجُمْهُورِ؛ وحَكى الزَهْراوِيُّ عن مالِكِ بْنِ أنَسٍ أنَّهُ قالَ: تُؤْكَلُ الذَبِيحَةُ الَّتِي تُرِكَتِ التَسْمِيَةُ عَلَيْها عَمْدًا؛ أو نِسْيانًا؛ وعن رَبِيعَةَ أيْضًا؛ قالَ عَبْدُ الوَهّابِ: اَلتَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ؛ فَإذا تَرَكَها الذابِحُ ناسِيًا أُكِلَتِ الذَبِيحَةُ؛ في قَوْلِ مالِكٍ وأصْحابِهِ؛ وإذا تَرَكَها عَمْدًا؛ فَقالَ مالِكٌ: لا تُؤْكَلُ؛ فَحَمَلَ بَعْضُ أصْحابِهِ قَوْلَهُ: "لا تُؤْكَلُ"؛ عَلى التَحْرِيمِ؛ وحَمَلَهُ بَعْضُهم عَلى الكَراهِيَةِ؛ وقالَ أشْهَبُ: تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ تارِكِ التَسْمِيَةِ عَمْدًا؛ إلّا أنْ يَكُونَ مُسْتَخِفًّا؛ وقالَ نَحْوَهُ الطَبَرِيُّ.
وذَبائِحُ أهْلِ الكِتابِ عِنْدَ جُمْهُورِ العُلَماءِ في حُكْمِ ما ذُكِرَ اسْمُ اللهِ تَعالى عَلَيْهِ؛ مِن حَيْثُ لَهم دِينٌ وشَرْعٌ؛ وقالَ قَوْمٌ: نُسِخَ مِن هَذِهِ الآيَةِ ذَبائِحُ أهْلِ الكِتابِ؛ قالَهُ عِكْرِمَةُ ؛ والحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ.
والضَمِيرُ في "وَإنَّهُ"؛ مِن: ﴿وَإنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ ؛ عائِدٌ عَلى الأكْلِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الفِعْلُ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وَلا تَأْكُلُوا﴾ ؛ ويُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ عَلى "تَرْكِ الذِكْرِ"؛ اَلَّذِي يَتَضَمَّنُهُ قَوْلُهُ تَعالى "لَمْ يُذْكَرِ"؛ و"اَلْفِسْقُ": اَلْخُرُوجُ عَنِ الطاعَةِ؛ هَذا عُرْفُهُ في الشَرْعِ.
وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وَإنَّ الشَياطِينَ﴾ ؛ اَلْآيَةَ؛ قالَ عِكْرِمَةُ: عَنى بِالشَياطِينِ في هَذِهِ الآيَةِ مَرَدَةَ الإنْسِ؛ مِن مَجُوسِ "فارِسَ"؛ وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يُوالُونَ قُرَيْشًا عَلى عَداوَةِ النَبِيِّ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -؛ فَخاطَبُوهم مُنَبِّهِينَ عَلى الحُجَّةِ الَّتِي ذَكَرْناها في أمْرِ الذَبْحِ؛ مِن قَوْلِهِمْ: "تَأْكُلُونَ ما قَتَلْتُمْ؛ ولا تَأْكُلُونَ ما قَتَلَ اللهُ؟"؛ فَذَلِكَ مِن مُخاطَبَتِهِمْ هو الوَحْيُ الَّذِي عَنى؛ والأولِياءُ قَرائِنُ؛ والمُجادَلَةُ هي تِلْكَ الحُجَّةُ؛ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما -؛ وعَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ: بَلِ الشَياطِينُ: اَلْجِنُّ؛ واللَفْظَةُ عَلى وجْهِها؛ وكَفَرَةُ الجِنِّ أولِياءُ لِكَفَرَةِ قُرَيْشٍ؛ ووَحْيُهم إلَيْهِمْ كانَ بِالوَسْوَسَةِ؛ حَتّى ألْهَمُوهم تِلْكَ الحُجَّةَ؛ أو عَلى ألْسِنَةِ الكُهّانِ؛ وقالَ أبُو زُمَيْلٍ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبّاسٍ ؛ فَجاءَهُ رَجُلٌ فَقالَ: إنَّ أبا إسْحاقَ - يَعْنِي المُخْتارَ - زَعَمَ أنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ اللَيْلَةَ؛ فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: "صَدَقَ"؛ فَنَفَرْتُ؛ فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿ "وَإنَّ الشَياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أولِيائِهِمْ".﴾
(p-٤٥٢)ثُمَّ نَهى اللهُ تَعالى عن طاعَتِهِمْ؛ بِلَفْظٍ يَتَضَمَّنُ الوَعِيدَ؛ وعَرَضَ أصْعَبَ مِثالٍ في أنْ يُشَبِّهَ المُؤْمِنَ بِمُشْرِكٍ؛ وحَكى الطَبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما - قَوْلًا: إنَّ الَّذِينَ جادَلُوا بِتِلْكَ الحُجَّةِ هم قَوْمٌ مِنَ اليَهُودِ.
قالَ القاضِي أبُو سَعِيدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -:
وهَذا ضَعِيفٌ لِأنَّ اليَهُودَ لا تَأْكُلُ المَيْتَةَ؛ أما إنَّ ذَلِكَ يُتَّجَهُ مِنهم عَلى جِهَةِ المُغالَطَةِ؛ كَأنَّهم يَحْتَجُّونَ عَنِ العَرَبِ.
{"ayah":"وَلَا تَأۡكُلُوا۟ مِمَّا لَمۡ یُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقࣱۗ وَإِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ لَیُوحُونَ إِلَىٰۤ أَوۡلِیَاۤىِٕهِمۡ لِیُجَـٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











