الباحث القرآني
قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -:
﴿فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَما لَكم ألا تَأْكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وقَدْ فَصَّلَ لَكم ما حَرَّمَ عَلَيْكم إلا ما اضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ وإنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إنَّ رَبَّكَ هو أعْلَمُ بِالمُعْتَدِينَ﴾
اَلْقَصْدُ بِهَذِهِ الآيَةِ النَهْيُ عَمّا ذُبِحَ لِلنُّصُبِ وغَيْرِها؛ وعَنِ المَيْتَةِ وأنْواعِها؛ فَجاءَتِ العِبارَةُ أمْرًا بِما يُضادُّ ما قُصِدَ النَهْيُ عنهُ؛ ولا قَصْدَ في الآيَةِ إلى ما نَسِيَ فِيهِ المُؤْمِنَ التَسْمِيَةَ؛ أو تَعَمَّدَها بِالتَرْكِ؛ وقالَ عَطاءٌ: هَذِهِ الآيَةُ أمْرٌ بِذِكْرِ اسْمِ اللهِ تَعالى عَلى الشَرابِ؛ والطَعامِ؛ والذَبْحِ؛ وكُلِّ مَطْعُومٍ؛ وقَوْلُهُ تَعالى ﴿إنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ ؛ أيْ: "إنْ كُنْتُمْ بِأحْكامِهِ؛ وأوامِرِهِ آخِذِينَ"؛ فَإنَّ الإيمانَ بِها يَتَضَمَّنُ ويَقْتَضِي الأخْذَ بِها؛ والِانْقِيادَ لَها.
وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وَما لَكم ألا تَأْكُلُوا﴾ ؛ اَلْآيَةَ؛ "وَما"؛ اِسْتِفْهامٌ يَتَضَمَّنُ التَقْرِيرَ؛ (p-٤٤٩)وَتَقْدِيرُ هَذا الكَلامِ: "وَأيُّ شَيْءٍ لَكم في ألّا تَأْكُلُوا؟"؛ فَـ "أنْ"؛ في مَوْضِعِ خَفْضٍ؛ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الجَرِّ؛ ويَصِحُّ أنْ تَكُونَ في مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ عَلى ألّا يُقَدَّرَ حَرْفُ جَرٍّ؛ ويَكُونَ الناصِبُ مَعْنى الفِعْلِ الَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ "وَما لَكُمْ"؛﴾ تَقْدِيرُهُ: "ما يَجْعَلُكُمْ؛ وقَدْ فَصَّلَ لَكم ما حَرَّمَ؛ أيْ: قَدْ بُيِّنَ لَكُمُ الحَرامُ مِنَ الحَلالِ؛ وأُزِيلُ عنكُمُ اللَبْسُ والشَكُّ؟".
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ؛ وأبُو عَمْرٍو ؛ وابْنُ عامِرٍ: "وَقَدْ فُصِّلَ لَكم ما حُرِّمَ عَلَيْكُمْ"؛ عَلى بِناءِ الفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ في الفِعْلَيْنِ؛ وقَرَأ نافِعٌ ؛ وحَفْصٌ عن عاصِمٍ: "وَقَدْ فَصَّلَ"؛ عَلى بِناءِ الفِعْلِ لِلْفاعِلِ في الفِعْلَيْنِ؛ وقَرَأ أبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُ - عن عاصِمٍ ؛ وحَمْزَةُ ؛ والكِسائِيُّ: "وَقَدْ فَصَّلَ"؛ عَلى إسْنادِ الفِعْلِ إلى الفاعِلِ؛ "لَكم ما حُرِّمَ عَلَيْكُمْ"؛ عَلى إسْنادِ الفِعْلِ إلى المَفْعُولِ"؛ وقَرَأ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ: "وَقَدْ فَصَلَ"؛ عَلى بِناءِ الفِعْلِ لِلْفاعِلِ؛ وفَتْحِ الصادِ؛ وتَخْفِيفِها؛ "ما حُرِّمَ"؛ عَلى بِناءِ الفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ؛ والمَعْنى: قَدْ فَصَّلَ الحَرامَ مِنَ الحَلالِ؛ وانْتَزَعَهُ بِالتَبْيِينِ؛ و"وَما"؛ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿إلا ما اضْطُرِرْتُمْ﴾ ؛ يُرِيدُ بِها: مِن جَمِيعِ ما حُرِّمَ؛ كالمَيْتَةِ وغَيْرِها؛ وهي في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالِاسْتِثْناءِ؛ والِاسْتِثْناءُ مُنْقَطِعٌ.
وقَوْلُهُ تَعالى ﴿ "وَإنَّ كَثِيرًا"؛﴾ يُرِيدُ الكَفَرَةَ المُحادِّينَ؛ المُجادِلِينَ في المَطاعِمِ؛ بِما ذَكَرْناهُ مِن قَوْلِهِمْ: "تَأْكُلُونَ ما تَذْبَحُونَ؛ ولا تَأْكُلُونَ ما ذَبَحَ اللهُ؟"؛ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ؛ وأبُو عَمْرٍو: "لَيَضِلُّونَ"؛ بِفَتْحِ الياءِ؛ عَلى مَعْنى إسْنادِ الضَلالِ إلَيْهِمْ في هَذِهِ السُورَةِ؛ وفي "يُونُسَ": ﴿رَبَّنا لِيُضِلُّوا﴾ [يونس: ٨٨] ؛ وفي سُورَةِ "إبْراهِيمَ": ﴿أنْدادًا لِيُضِلُّوا﴾ [إبراهيم: ٣٠] ؛ وفي "اَلْحَجِّ": ﴿ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ﴾ [الحج: ٩] ؛ وفي "لُقْمانَ": ﴿لِيُضِلَّ عن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [لقمان: ٦] ؛ وفي "اَلزَّمَرِ": ﴿أنْدادًا لِيُضِلَّ﴾ [الزمر: ٨] ؛ وقَرَأ نافِعٌ ؛ وابْنُ عامِرٍ كَذَلِكَ في هَذِهِ؛ وفي "يُونُسَ"؛ وفي الأرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَضُمّانِ الياءَ؛ عَلى مَعْنى إسْنادِ إضْلالِ غَيْرِهِمْ إلَيْهِمْ؛ وهَذِهِ أبْلَغُ في ذَمِّهِمْ؛ لِأنَّ كُلَّ مُضِلٍّ ضالٌّ؛ ولَيْسَ كُلُّ ضالٍّ مُضِلًّا؛ وقَرَأ عاصِمٌ ؛ وحَمْزَةُ ؛ والكِسائِيُّ ؛ في المَواضِعِ السِتَّةِ: "لَيُضِلُّونَ"؛ بِضَمِّ الياءِ؛ عَلى مَعْنى إسْنادِ إضْلالِ غَيْرِهِمْ إلَيْهِمْ؛ ثُمَّ بَيَّنَ - عَزَّ وجَلَّ - في ضَلالِهِمْ أنَّهُ عَلى أقْبَحِ الوُجُوهِ؛ وأنَّهُ بِالهَوى؛ لا بِالنَظَرِ؛ والتَأمُّلِ؛ و"بِغَيْرِ عِلْمٍ"؛ مَعْناهُ: في غَيْرِ نَظَرٍ؛ فَإنَّ لِمَن يَضِلُّ بِنَظَرٍ ما بَعْضَ عُذْرٍ؛ لا يَنْفَعُ في أنَّهُ اجْتَهَدَ.
(p-٤٥٠)ثُمَّ تَوَعَّدَهم - تَبارَكَ وتَعالى -: ﴿إنَّ رَبَّكَ هو أعْلَمُ بِالمُعْتَدِينَ﴾.
{"ayahs_start":118,"ayahs":["فَكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔایَـٰتِهِۦ مُؤۡمِنِینَ","وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَیۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَیۡهِۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا لَّیُضِلُّونَ بِأَهۡوَاۤىِٕهِم بِغَیۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِینَ"],"ayah":"فَكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ إِن كُنتُم بِـَٔایَـٰتِهِۦ مُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق