الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿لَنْ تُغْنِيَ عنهم أمْوالُهم ولا أولادُهم مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أصْحابُ النارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكم ويَحْسَبُونَ أنَّهم عَلى شَيْءٍ ألا إنَّهم هُمُ الكاذِبُونَ﴾ ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَيْطانُ فَأنْساهم ذِكْرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَيْطانُ ألا إنَّ حِزْبُ الشَيْطانُ هُمُ الخاسِرُونَ﴾ ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحادُّونَ اللهَ ورَسُولَهُ أُولَئِكَ في الأذَلِّينَ﴾ ﴿كَتَبَ اللهُ لأغْلِبَنَّ أنا ورُسُلِي إنَّ اللهُ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ رُوِيَ أنَّ المُنافِقِينَ فَخَرُوا بِكَثْرَةِ أمْوالِهِمْ وأولادِهِمْ وأظْهَرُوا السُرُورَ بِذَلِكَ فَنَزَلَتِ الآيَةُ مُعْلِمَةً أنَّ ذَلِكَ لا غَناءَ لَهُ عنهم ولا مَدْفَعَ بِسَبَبِهِ، والعامِلُ في قَوْلِهِ تَعالى: "يَوْمَ" "أصْحابُ" عَلى تَقْدِيرِ فِعْلٍ. وأخْبَرَ اللهُ تَعالى عنهم في هَذِهِ الآيَةِ أنَّهم سَتَكُونُ لَهم أيْمانٌ يَوْمَ القِيامَةِ وبَيْنَ يَدَيِ اللهِ يُخَيَّلُ إلَيْهِمْ بِجَهْلِهِمْ أنَّها تَنْفَعُهم وتُقْبَلُ مِنهُمْ، وهَذا هو حِسابُهم أنَّهم عَلى شَيْءٍ، أيْ: عَلى فِعْلٍ أيْ: شَيْءٍ نافِعٍ لَهُمْ، وقالابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما -فِي كِتابِ الثَعْلَبِيِّ -: (p-٢٥٧)قالَ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ: « "يُنادِي مُنادٍ يَوْمَ القِيامَةِ: أيْنَ خُصَماءُ اللهِ؟ فَتَأْتِي القَدَرِيَّةُ مُسَوَّدَةٌ وُجُوهُهم مُزْرَقَّةٌ أعْيُنُهُمْ، فَيَقُولُونَ: ما عَبَدْنا شَمْسًا ولا قَمَرًا ولا صَنَمًا ولا اتَّخَذْنا مِن دُونِكَ إلَهًا"، قالابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: صَدَقُوا واللهِ ولَكِنْ أتاهُمُ الإشْراكُ مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ.» وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَيْطانُ﴾ مَعْناهُ: تَمَلَّكَهم مِن كُلِّ جِهَةٍ وغَلَبَ عَلى نُفُوسِهِمْ، وهَذا الفِعْلُ مِمّا اسْتُعْمِلَ عَلى الأصْلِ، فَإنَّ قِياسَ التَعْلِيلِ يَقْتَضِي أنْ يُقالَ: اسْتَحاذَ، وحَكى الفَرّاءُ في كِتابِ "اللُغاتِ" أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَرَأ: "اسْتَحاذَ". و"يُحادُّونَ" مَعْناهُ: يُعْطُونَ الحَدَّ مِنَ الأفْعالِ والأقْوالِ، وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ المَعانِي: مَعْناهُ: يَكُونُونَ في حَدٍّ غَيْرِ الحَدِّ الَّذِي شَرَعَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى، ثُمَّ قَضى اللهُ تَعالى عَلى مُحادِّهِ بِالذُلِّ، وأخْبَرَ أنَّهُ كَتَبَ فِيما أمْضى مِن قَضائِهِ وقَدَرِهِ في الأزَلِ أنَّهُ يَغْلِبُ هو ورُسُلُهُ كُلَّ مَن حادَّ اللهَ والرُسُلَ. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ: "وَرُسُلِي" بِفَتْحِ الياءِ، وقَرَأ الباقُونَ بِسُكُونِها، وقالَ الحَسَنُ: ما أمَرَ اللهُ تَعالى قَطُّ رَسُولًا بِالقِتالِ إلّا وغَلَبَهُ، وظَفَرَهُ بِقُوَّتِهِ وعِزَّتِهِ، لا رَبَّ سِواهُ، وقالَ غَيْرُهُ: ومَن لَمْ يُؤْمَرْ بِقِتالٍ فَهو غالِبٌ بِالحُجَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب