الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالإثْمِ والعُدْوانِ ومَعْصِيَتِ الرَسُولِ وتَناجَوْا بِالبِرِّ والتَقْوى واتَّقُوا اللهَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ ﴿إنَّما النَجْوى مِنَ الشَيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ولَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئًا إلا بِإذْنِ اللهِ وعَلى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾
وصّى اللهُ تَعالى المُؤْمِنِينَ في هَذِهِ الآيَةِ بِأنْ لا يَكُونَ مِنهم تَناجٍ في مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ عامٌّ في جَمِيعِ الناسِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وخَصَّ تَبارَكَ وتَعالى "الإثْمَ" بِالذِكْرِ لِعُمُومِهِ، و"العُدْوانِ" لِعَظَمَتِهِ في نَفْسِهِ؛ إذا هي ظُلاماتُ العِبادِ، وكَذَلِكَ "مَعْصِيَةُ الرَسُولِ" ذَكَرَها طَعْنًا عَلى المُنافِقِينَ إذْ كانَ تَناجِيهِمْ في ذَلِكَ.
وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ: "فَلا تَتَناجَوْا" عَلى وزْنِ "تَتَفاعَلُوا"، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ "فَتَناجَوُا" بِحَذْفِ التاءٍ الواحِدَةِ، وقَرَأ بَعْضُ القُرّاءِ: "فَلا تَّناجُوا" بِتَشْدِيدِ التاءِ لِأنَّها أدْغَمَتِ التاءَ في التاءِ، وقَرَأ الأعْمَشُ وأهْلُ الكُوفَةِ: "فَلا تَنْتِجُوا" عَلى وزْنِ "تَفْتَعِلُوا". والناسُ عَلى ضَمِّ العَيْنِ مِن "العُدْوانِ"، وقَرَأها أبُو حَيْوَةَ بِكَسْرِ العَيْنِ حَيْثُ وقَعَ. وقَرَأ الضَحّاكُ وغَيْرُهُ: "وَمَعْصِيّاتُ الرُسُلِ" عَلى الجَمْعِ فِيهِما.
ثُمَّ أمَرَ بِالتَناجِي بِالبِرِّ والتَقْوى، وذَكَّرَ بِالحَشْرِ الَّذِي مَعَهُ الحِسابُ ودُخُولُ أحَدِ الدارَيْنِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: "إنَّما النَجْوى"، لَيْسَتْ إنَّما لِلْحَصْرِ ولَكِنَّها لِتَأْكِيدِ الخَبَرِ، واخْتَلَفَ الناسُ في النَجْوى الَّتِي هي مِنَ الشَيْطانِ الَّتِي أخْبَرَ عنها في هَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ: أرادَ: إنَّما النَجْوى في الإثْمِ والعُدْوانِ ومَعْصِيَةِ الرَسُولِ مِنَ الشَيْطانِ، وقالَ (p-٢٥١)قَتادَةُ وغَيْرُهُ: الإشارَةُ إلى نَجْوى المُنافِقِينَ واليَهُودِ، وقالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ بْنِ أسْلَمَ: الإشارَةُ إلى نَجْوى قَوْمٍ مِنَ المُسْلِمِينَ كانُوا يَقْصِدُونَ مُناجاةَ الرَسُولِ ﷺ، ولَيْسَ لَهم حاجَةٌ ولا ضَرُورَةٌ إلى ذَلِكَ، وإنَّما كانُوا يُرِيدُونَ التَنَجُّحَ بِذَلِكَ، وكانَ المُسْلِمُونَ يَظُنُّونَ أنَّ تِلْكَ النَجْوى في أخْبارٍ بِعَدُوٍّ قاصِدٍ ونَحْوِهِ، وهَذانَ القَوْلانِ يُعَضِّدُهُما ما يَأْتِي مِن ألْفاظِ الآيَةِ، ولا يُعَضِّدُ القَوْلَ الأوَّلَ. وقالَ عَطِيَّةُ العَوْفِيّ في هَذِهِ الآيَةِ: نَزَلَتْ في المُناجاةِ الَّتِي يَراها المُؤْمِنُ فَتَسُوءُهُ، وفِيما يَراهُ النائِمُ فَكَأنَّهُ نَجْوى يُناجى بِها، وهَذا قَوْلُ أجْنَبِيٍّ مِنَ المَعْنى الَّذِي قَبْلَهُ والَّذِي بَعْدَهُ.
وقَرَأ نافِعٌ وأهْلُ المَدِينَةِ: "لِيُحْزِنَ" بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الزايِ، والفِعْلُ مَنسُوبٌ إلى الشَيْطانِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، والحَسَنُ، وعاصِمٌ، وغَيْرُهُمْ: "لِيَحْزُنَ" بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الزايِ، تَقُولُ: "حَزَنْتُ قَلْبَ الرَجُلِ" إذا جَعَلْتَ فِيهِ حُزْنًا، فَهو كَقَوْلِكَ: "كَحَلَتِ العَيْنُ"، وهو ضَرْبٌ مِنَ التَعَدِّي كَأنَّ المَفْعُولَ ظَرْفٌ، وقَدْ ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى هَذا المَعْنى مَن تَعَدِّي الأفْعالِ، وقَرَأ بَعْضُ الناسِ: "لِيَحْزَنَ" بِفَتْحِ الياءِ والزايِ، و"الَّذِينَ" عَلى هَذِهِ القِراءَةِ رَفْعٌ بِإسْنادِ الفِعْلِ إلَيْهِمْ، يُقالُ: حَزِنَ الرَجُلُ بِكَسْرِ الزايِ.
ثُمَّ أخْبَرَ تَعالى أنَّ الشَيْطانَ والتَناجِي الَّذِي هو مِنهُ لَيْسَ بِضارٍّ أحَدًا إلّا أنْ يَكُونَ ضُرًّا بِإذْنِ اللهِ، أيْ: بِأمْرِهِ وقَدْرِهِ، ثُمَّ أمَرَ تَعالى بِتَوَكُّلِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ تَبارَكَ وتَعالى، وهَذا كُلُّهُ يُقَوِّي أنَّ التَناجِيَ الَّذِي مِنَ الشَيْطانِ إنَّما هو الَّذِي وقَعَ مِنهُ لِلْمُؤْمِنِينَ خَوْفٌ، ولِلْخَوْفِ اللاحِقِ لِلْقُلُوبِ في هَذا قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: « "لا يَتَناجى اثْنانِ دُونَ واحِدٍ".»
{"ayahs_start":9,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا تَنَـٰجَیۡتُمۡ فَلَا تَتَنَـٰجَوۡا۟ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِ وَمَعۡصِیَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَـٰجَوۡا۟ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِیۤ إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ","إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ لِیَحۡزُنَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَیۡسَ بِضَاۤرِّهِمۡ شَیۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ"],"ayah":"إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ لِیَحۡزُنَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَیۡسَ بِضَاۤرِّهِمۡ شَیۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











