الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿لِئَلا يَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ ألا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللهِ وأنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مِن يَشاءُ واللهُ ذُو الفَضْلَ العَظِيمِ﴾ رُوِيَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَ هَذا الوَعْدُ لِلْمُؤْمِنِينَ، حَسَدَ أهْلَ الكِتابِ عَلى ذَلِكَ، وكانَتِ اليَهُودُ تُعَظِّمُ دِينَها وأنْفُسَها، وتَزْعُمُ أنَّها أحِبّاءُ اللهِ وأهْلُ رِضْوانِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ مُعَلِّمَةٌ أنَّ اللهَ تَعالى فَعَلَ ذَلِكَ وأعْلَمَ بِهِ، لِيَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ أنَّهم لَيْسُوا كَما يَزْعُمُونَ، و"لا" في قَوْلِهِ تَعالى: "لِئَلّا" زائِدَةٌ، كَما هي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أهْلَكْناها أنَّهم لا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥] عَلى بَعْضِ التَأْوِيلاتِ. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، والجَحْدَرِيُّ: "لِيَعْلَمَ"، ورَوى إبْراهِيمُ التَيْمِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: "لِكَيْلا يَعْلَمَ"، ورُوِيَ عن حِطّانِ الرُقاشِيِّ أنَّهُ قَرَأ: "لِأنْ يَعْلَمُ"، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةُ: "لِكَيْ يَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ"، وقَرَأ الحَسَنُ -فِيما رَوى ابْنُ مُجاهِدٍ -: "لَيْلًا يَعْلَمُ" بِفَتْحِ اللامِ الأُولى وسُكُونِ الياءِ، فَأمّا فَتْحُ اللامِ فَلُغَةٌ في لامِ الجَرِّ مَشْهُورَةٌ، وأصْلُ هَذِهِ القِراءَةِ: "لِأنَّ لا"، اسْتُغْنِيَ عَنِ الهَمْزَةِ بِلامِ الجَرِّ فَحُذِفَتْ فَجاءَ "لَنْ لا"، أُدْغِمَتِ النُونُ في اللامِ لِلتَّشابُهِ فَجاءَ "لِلّا"، فاجْتَمَعَتْ أمْثِلَةٌ فَقُلِبَتِ اللامُ الواحِدَةُ ياءً. وقَرَأ الحَسَنُ -فِيما رَوى مُطَرِّفُ -: "لَيْلًا" بِكَسْرِ اللامِ الأُولى وسُكُونِ الياءِ، وتَعْلِيلُها كالَّتِي تَقَدَّمَتْ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ﴾ مَعْناهُ: أنَّهم لا يَمْلِكُونَ فَضْلَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى، ولا يَدْخُلُ تَحْتَ قَدْرِهِمْ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "ألّا يَقْدِرُوا" بِغَيْرِ نُونٍ. وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ. كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ [الحَدِيدِ] والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب