الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿وَأنْ لَيْسَ لِلإنْسانِ إلا ما سَعى﴾ ﴿وَأنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى﴾ ﴿ثُمَّ يُجْزاهُ الجَزاءَ الأوفى﴾ ﴿وَأنَّ إلى رَبِّكَ المُنْتَهى﴾ ﴿وَأنَّهُ هو أضْحَكَ وأبْكى﴾ ﴿وَأنَّهُ هو أماتَ وأحْيا﴾ ﴿وَأنَّهُ خَلَقَ الزَوْجَيْنِ الذَكَرَ والأُنْثى﴾ ﴿مِن نُطْفَةٍ إذا تُمْنى﴾ ﴿وَأنَّ عَلَيْهِ النَشْأةَ الأُخْرى﴾ ﴿وَأنَّهُ هو أغْنى وأقْنى﴾ ﴿وَأنَّهُ هو رَبُّ الشِعْرى﴾ ﴿وَأنَّهُ أهْلَكَ عادًا الأُولى﴾ ﴿وَثَمُودَ فَما أبْقى﴾ قَوْلُهُ تَعالى: "وَأنْ لَيْسَ"، وقَوْلُهُ تَعالى بَعْدَ ذَلِكَ: "وَأنَّ، وأنَّهُ" مَعْطُوفٌ كُلُّ ذَلِكَ عَلى "أنْ" المَقَدَّرَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: "ألّا تَزِرُ وازِرَةٌ"، وهي كُلُّها بِفَتْحِ الألِفِ في قِراءَةِ الجُمْهُورِ، وقَرَأ أبُو السَمالِ قُعْنُبٌ: "وَإنَّ إلى رَبِّكَ المُنْتَهى" بِكَسْرِ الهَمْزَةِ فِيها وفِيما بَعْدَها، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وَأنْ لَيْسَ لِلإنْسانِ إلا ما سَعى﴾ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتُهُمْ﴾ [الطور: ٢١]، وهَذا لا يَصِحُّ عِنْدِي عَلى ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما لِأنَّهُ خَبَرٌ لا يُنْسَخُ، ولِأنَّ شُرُوطَ النَسْخِ لَيْسَتْ هُنا، اللهُمَّ إلّا أنْ يَتَجَوَّزَ في لَفْظَةِ النَسْخِ لِيَفْهَمَ سائِلًا. وقالَ عِكْرِمَةُ: هَذا الحُكْمُ كانَ في قَوْمِ إبْراهِيمَ ومُوسى عَلَيْهِما السَلامُ، وأمّا هَذِهِ الأُمَّةُ فَلَها سَعْيُ غَيْرِها، والدَلِيلُ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ، «قالَ: يا رَسُولَ اللهِ: هَلْ لِأُمِّي إنْ تَطَوَّعْتُ عنها أجْرٌ؟ قالَ: نَعَمْ،» وقالَ الرَبِيعُ بْنُ أنَسٍ: هَذا الإنْسانُ الَّذِي في هَذِهِ الآيَةِ هو الكافِرُ، وأمّا المُؤْمِنُ (p-١٢٧)فَلَهُ ما سَعى وما سَعى لَهُ غَيْرُهُ، وسَألَ عَبْدُ اللهِ بْنُ طاهِرِ بْنِ الحُسَيْنِ والِي خُراسانَ الحُسَيْنَ بْنَ الفَضْلِ عن هَذِهِ الآيَةِ مَعَ قَوْلِهِ: ﴿واللهُ يُضاعِفُ لِمَن يَشاءُ﴾ [البقرة: ٢٦١]، فَقالَ لَهُ: لَيْسَ بِالعَدْلِ إلّا ما سَعى، ولَهُ بِفَضْلِ اللهِ ما شاءَ اللهُ، فَقَبَّلَ عَبْدُ اللهِ رَأْسَ الحُسَيْنِ، وقالَ الجُمْهُورُ: الآيَةُ مُحْكَمَةٌ، والتَحْرِيرُ عِنْدِي في هَذِهِ الآيَةِ أنَّ مُلّاكَ المَعْنى هو في اللامِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: "لِلْإنْسانِ"، فَإذا حَقَّقْتَ الشَيْءَ الَّذِي هو حَقُّ الإنْسانِ يَقُولُ فِيهِ: "لِي كَذا" لَمْ تَجِدْهُ إلّا سَعْيَهُ، وما تَمَّ بَعْدُ مِن رَحْمَةٍ بِشَفاعَةٍ أو رِعايَةِ أبٍ صالِحٍ أوِ ابْنٍ صالِحٍ أو تَضْعِيفِ حَسَناتٍ أو تَغَمُّدٍ بِفَضْلٍ ورَحْمَةٍ دُونَ هَذا كُلِّهِ، فَلَيْسَ هو لِلْإنْسانِ ولا يَسَعُهُ أنْ يَقُولَ: "لِي كَذا وكَذا" إلّا عَلى تَجَوُّزٍ وإلْحاقٍ بِما هو لَهُ حَقِيقَةً، واحْتَجَّ بِهَذِهِ الآيَةِ مَن يَرى أنَّهُ لا يَعْمَلُ أحَدٌ عن أحَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِبَدَنٍ ولا مالٍ، وفَرَّقَ بَعْضُ العُلَماءِ بَيْنَ البَدَنِ والمالِ، وهي عِنْدِي كُلُّها فَضائِلُ لِلْعامِلِ وحَسَناتٌ تُذْكَرُ لِلْمَعْمُولِ عنهُ، وقَدْ أمَّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَعْدًا رَضِيَ اللهُ عنهُ بِالصَدَقَةِ عن أُمِّهِ، والسَعْيُ: الكَسْبُ. وقَوْلُهُ تَعالى: "يُرى" فاعِلُهُ حاضِرٌ والقِيامَةُ، أيْ يَراهُ اللهُ ومَن شاهَدَ الأمْرَ، وفي عَرْضِ الأعْمالِ عَلى الجَمِيعِ تَشْرِيفٌ لِلْمُحْسِنِينَ وتَوْبِيخٌ لِلْمُسِيئِينَ، ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: « "مَن سَمِعَ بِأخِيهِ فِيما يَكْرَهُ سَمَّعَ اللهُ بِهِ سامِعَ خَلْقِهِ يَوْمَ القِيامَةِ".» وفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ يُجْزاهُ الجَزاءَ الأوفى﴾ وعِيدٌ لِلْكافِرِينَ وعْدٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. و"المُنْتَهى": يُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ بِهِ الحَشْرَ والمَصِيرَ بَعْدَ المَوْتِ، فَهو مُنْتَهى بِالإضافَةِ إلى الدُنْيا وإنْ كانَ بَعْدَهُ مُنْتَهًى آخَرَ وهو الجَنَّةُ أوِ النارُ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ بِالمُنْتَهى الجَنَّةَ أوِ النارَ، فَهو مُنْتَهًى عَلى الإطْلاقِ، لَكِنَّ في الكَلامِ حَذْفٌ مُضافٌ، أيْ: إلى عَذابِ رَبِّكَ أو رَحْمَتِهِ، وقالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: «قالَ النَبِيُّ ﷺ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأنَّ (p-١٢٨)إلى رَبِّكَ المُنْتَهى﴾ "لا فِكْرَةَ في الرَبِّ"،» ورَوى أنَسٌ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ: « "إذا ذُكِرَ الرَبُّ فانْتَهُوا"،» وقالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا عَلى أصْحابِهِ فَقالَ: "فِيمَ أنْتُمْ"؟ قالُوا: نَتَفَكَّرُ في الخالِقِ سُبْحانَهُ وتَعالى، فَقالَ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ: "تَفَكَّرُوا في الخَلْقِ، ولا تَتَفَكَّرُوا في الخالِقِ؛ فَإنَّهُ لا تُحِيطُ بِهِ الفِكْرَةُ"...» الحَدِيثُ، وذَكَرَ تَعالى الضَحِكَ والبُكاءَ لِأنَّهُما صِفَتانِ تَجْمَعانِ أصْنافًا كَثِيرَةً مِنَ الناسِ؛ إذِ الواحِدَةُ دَلِيلُ السُرُورِ والأُخْرى دَلِيلُ الحُزْنِ في الدُنْيا والآخِرَةِ، فَنَبَّهَ تَعالى عَلى هاتَيْنِ الخاصَّتَيْنِ اللَتَيْنِ هُما لِلْإنْسانِ وحْدَهُ، وقالَ مُجاهِدٌ: المَعْنى: أضْحَكَ أهْلَ الجَنَّةِ وأبْكى أهْلَ النارِ، وحَكى الثَعْلَبِيُّ في هَذا أقْوالًا اسْتِعارِيَّةً كَمَن قالَ: أضْحَكَ الأرْضَ بِالنَباتِ وأبْكى السَماءَ بِالمَطَرِ، ونَحْوَهُ، و"أماتَ وأحْيا" بَيِّنٌ، وحَكى الثَعْلَبِيُّ قَوْلًا إنَّهُ أحْيا بِالإيمانِ وأماتَ بِالكُفْرِ. و"الزَوْجَيْنِ" في هَذِهِ الآيَةِ يُرِيدُ بِهِ المُصْطَحِبِينَ مِنَ الناسِ، مِنَ الرَجُلِ والمَرْأةِ وما ضارَعَ مِنَ الحَيَوانِ، والخُنْثى مُتَمَيِّزٌ ولا بُدَّ لِأحَدِ الجِهَتَيْنِ. و"النُطْفَةُ" في اللُغَةِ: القِطْعَةُ مِنَ الماءِ كانَتْ يَسِيرَةً أو كَثِيرَةً، ويُرادُ بِها هُنا الذُكْرانُ. وقَوْله: "تَمَنّى" يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مِن قَوْلِكَ: "أمْنى الرَجُلُ" إذا خَرَجَ مِنهُ المَنِيُّ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مِن قَوْلِكَ: "مَنّى اللهُ الشَيْءَ" إذا خَلَقَهُ، فَكَأنَّهُ قالَ: إذا تَخَلَّقَ وتَقَدَّرَ. و"النَشْأةَ الأُخْرى" هي إعادَةُ الأجْسامِ إلى الحَشْرِ بَعْدَ البِلى في التَرْكِيبِ، وقَرَأ الناسُ: (p-١٢٩)"النَشْأةَ" بِسُكُونِ الشِينِ وبِالهَمْزِ والقَصْرِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، والأعْرَجُ: "النَشاءَةَ" مَمْدُودَةً، و"أقْنى" مَعْناهُ: أكْسَبُ، تَقُولُ: قَنَيْتُ المالَ أيْ كَسَبْتُهُ، ثُمَّ تَعَدّى بَعْدَ ذَلِكَ بِالهَمْزَةِ، وتَعَدّى بِالتَضْعِيفِ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ: ؎ كَمْ مِن غَنِيٍّ أصابَ الدَهْرُ ثَرْوَتَهُ ∗∗∗ ومِن فَقِيرٍ تَقَنّى بَعْدَ إقْلالِ وعَبَّرَ المُفَسِّرُونَ عن "أقْنى" بِعِباراتٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: أقْنى مَعْناهُ: اكْتَسَبَ ما يَقْتَنِي، وقالَ مُجاهِدٌ: مَعْناهُ: أرْضى وأغْنى، وقالَ حَضْرَمِيُّ: مَعْناهُ: أغْنى نَفْسَهُ و"أقْنى" أفْقَرَ عِبادَهُ إلَيْهِ، وقالَ الأخْفَشُ: أغْنى: أفْقَرُ، وهَذِهِ عِباراتٌ لا تَقْتَضِيها اللَفْظَةُ، والوَجْهُ فِيها بِحَسَبِ اللُغَةِ: أكْسَبُ ما يُقْتَنى، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: أقْنى: أقْنَعَ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: والقَناعَة خَيْرُ قَنْيَةٍ، والغِنى عَرَضٌ زائِلٌ، فَلِلَّهِ دَرُّ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما. و"الشِعْرى": نَجْمٌ في السَماءِ، وقالَ مُجاهِدٌ وابْنُ زَيْدٍ: هو مَرْزَمُ الجَوْزاءِ، وهُما شِعْرِيّانِ: إحْداهُما: الغُمَيْصاءُ والأُخْرى العُبُورُ، لِأنَّها عَبَرَتِ المَجَرَّةَ، وكانَتْ خُزاعَةُ مِمَّنْ يَعْبُدُ هَذِهِ الشِعْرى، ومِنهم أبُو كَبْشَةَ، ذَكَرَهُ الزَهْراوِيُّ والثَعْلَبِيُّ، واسْمُهُ عَبْدُ الشِعْرى، فَلِذَلِكَ خُصَّتْ بِالذِكْرِ، أيْ: وهو رَبُّ هَذا المَعْبُودِ الَّذِي هو لَكم. و"عادٌ": قَوْمُ هُودٍ، واخْتَلَفَ في مَعْنى وصْفِها بِالأُولى، فَقالَ ابْنُ زَيْدٍ والجُمْهُورُ: ذَلِكَ لِأنَّها في وجْهِ الدَهْرِ وقَدِيمِهِ، فَهي أولى بِالإضافَةِ إلى الأُمَمِ المُتَأخِّرَةِ، وقالَ الطَبَرِيُّ: سُمِّيَتْ بِالأُولى لِأنَّ ثُمَّ عادًا أخِيرَةً -وَهِيَ قَبِيلَةٌ- كانَتْ بِمَكَّةَ مَعَ العَمالِيقِ وهم بَنُو (p-١٣٠)لُقَيْمِ بْنِ هُزالٍ، والقَوْلُ الأوَّلُ أبْيَنُ؛ لِأنَّ هَذا الأخِيرَ لَمْ يَصِحَّ، وقالَ المُبَرِّدُ: عادٌ الأخِيرَةُ هي ثَمُودُ، والدَلِيلُ قَوْلُ زُهَيْرٍ: ؎ .............. ∗∗∗ كَأحْمَرَ عادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ ذَكَرَهُ الزَهْراوِيُّ، وقِيلَ الأخِيرَةُ: الجَبّارُونَ. وقَرَأ ابْنُ كَثِرٍ، وعاصِمٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "عادًا" مُنَوَّنَةً "الأُولى" مَهْمُوزَةً، وقَرَأ نافِعٌ فِيما رُوِيَ عنهُ: "عادًا الأولى" بِإزالَةِ التَنْوِينِ والهَمْزِ، وهَذا كَقِراءَةِ مَن قَرَأ: "أحَدٌ اللهُ"، وكَقَوْلِ الشاعِرِ: ؎ .............. ∗∗∗ ولا ذاكِرِ اللهَ إلّا قَلِيلًا وقَرَأ قَوْمٌ: "عادٌ الأُولى"، والنُطْقُ بِها "عادَنِ الأُولى"، واجْتَمَعَ سُكُونُ نُونِ التَنْوِينِ وسُكُونُ لامِ التَعْرِيفِ فَكُسِرَتِ النُونُ لِلِالتِقاءِ الساكِنَيْنِ، ولا فَرْقَ بَيْنَهُما وبَيْنَ قِراءَةِ (p-١٣١)الجُمْهُورِ إلّا تَرَكُ الهَمْزِ، وقَرَأ نافِعٌ أيْضًا، وأبُو عَمْرٍو بِالوَصْلِ والإدْغامِ: "عادًا لِوَلى" بِإدْغامِ النُونِ في اللامِ ونَقْلِ حَرَكَةِ الهَمْزَةِ إلى اللامِ، وعابَ أبُو عُثْمانَ المازِنِيُّ والمُبَرِّدُ هَذِهِ القِراءَةَ وقالا: إنَّ هَذا النَقْلَ لا يُخْرِجُ اللامَ عن حَدِّ السُكُونِ، وحَقُّ ألِفِ الوَصْلِ أنْ تَبْقى كَما تَقُولُ العَرَبُ إذا نُقِلَتِ الهَمْزَةُ مِن قَوْلِهِمْ: "الأحْمَرُ" فَإنَّهم يَقُولُونَ: "الحَمْرُ جاءَ" فَكَذَلِكَ يُقالُ هُنا "عادًا لْلُولى"، قالَ أبُو عَلِيٍّ: والقِراءَةُ سائِغَةٌ، وأيْضًا فَمِنَ العَرَبِ مَن يَقُولُ: "لَحَمَرُ جاءَ" فَيُحْذَفُ الألِفُ مَعَ النَقْلِ ويُعْتَدُّ بِحَرَكَةِ اللامِ ولا يَراها في حُكْمِ السُكُونِ، وقَرَأ نافِعٌ فِيما رُوِيَ عنهُ: "عادًا اللُؤْلى" بِهَمْزِ "اللُؤْلى"،يَهْمِزُ الواوَ، ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الواوِ والضَمَّةِ حائِلٌ يَحْمِلُ الهَمْزَةَ فَهَمَزَها كَما تُهْمَزُ الواوُ المَضْمُومَةُ، وكَذَلِكَ فَعَلَ مَن قَرَأ: "عَلى سُؤْقِهِ"، وكَما قالَ الشاعِرُ: ؎ لَحَبَّ المُؤْقِدانِ إلَيَّ مُؤْسى ∗∗∗..................... وهِيَ لُغَةٌ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "وَثَمُودًا" بِالنَصْبِ عَطْفًا عَلى "عادًا"، وقَرَأ عاصِمٌ، والحَسَنُ، وعِصْمَةٌ: "وَثَمُودُ" بِغَيْرِ صَرْفٍ، وهي في مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ بِغَيْرِ ألِفٍ بَعْدَ الدالِ. وقَوْلُهُ تَعالى: "فَما أبْقى" ظاهِرُهُ: فَما أبْقى عَلَيْهِمْ، وتَأوَّلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ: فَما أبْقى مِنهم عَيْنًا تُطْرَفُ، وقَدْ قالَ ذَلِكَ الحَجّاجُ حِينَ سَمِعَ قَوْلَ مَن يَقُولُ: إنْ ثَقِيفًا مِن (p-١٣٢)ثَمُودَ، فَأنْكَرَ ذَلِكَ وقالَ: إنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿وَثَمُودَ فَما أبْقى﴾، وهَؤُلاءِ يَقُولُونَ: بَقِيَ مِنهم باقِيَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب