الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ ونَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِن حَبْلِ الوَرِيدِ﴾ ﴿إذْ يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِمالِ قَعِيدٌ﴾ ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ﴿وَجاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ ذَلِكَ ما كُنْتَ مِنهُ تَحِيدُ﴾ ﴿وَنُفِخَ في الصُورِ ذَلِكَ يَوْمُ الوَعِيدِ﴾ ﴿وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وشَهِيدٌ﴾
هَذِهِ آياتٌ فِيها إقامَةُ حُجَجٍ عَلى الكُفّارِ في إنْكارِهِمُ البَعْثَ والجَزاءَ، و"الخَلْقُ" إنْشاءُ الشَيْءِ عَلى تَقْدِيرٍ وتَرْتِيبٍ حُكْمِيٍّ، و"الإنْسانَ": اسْمُ الجِنْسِ، وقالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: الإنْسانُ هَنا آدَمُ عَلَيْهِ السَلامُ و"تُوَسْوِسُ" مَعْناهُ: تَتَحَدَّثُ في فِكْرَتِها، وسُمِّيَ صَوْتُ الحُلِيِّ وسُوَسَةً لِخَفائِهِ، والوَسْوَسَةُ إنَّما تُسْتَعْمَلُ في غَيْرِ الخَيْرِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَنَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِن حَبْلِ الوَرِيدِ﴾ عِبارَةٌ عن قُدْرَةِ اللهِ عَلى العَبْدِ، (p-٣٩)وَكَوْنُ العَبْدِ في قَبْضَةِ القُدْرَةِ والعِلْمِ، قَدْ أُحِيطَ بِهِ، فالقُرْبُ هو بِالقُدْرَةِ والسُلْطانِ؛ إذْ لا يَنْحَجِبُ عن عِلْمِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى باطِنٌ ولا ظاهِرٌ، وكُلُّ قَرِيبٍ مِنَ الأجْرامِ فَبَيْنَهُ وبَيْنَ قَلْبِ الإنْسانِ حَجْبٌ، و"الوَرِيدُ" عِرْقٌ كَبِيرٌ في العُنُقِ، يُقالُ: إنَّهُما ورِيدانِ عن يَمِينٍ وشِمالٍ، قالَ الفَرّاءُ: هو ما بَيْنَ الحُلْقُومِ والعِلْباوَيْنِ، وقالَ الحَسَنُ: الوَرِيدُ: الوَتِينُ، قالَ الأشْرَمُ: هو نَهْرُ الجَسَدِ، هو في القَلْبِ الوَتِينُ، وفي الظَهْرِ الأبْهَرُ، وفي الذِراعِ والفَخْذِ: الأكْحَلُ والنَسا، وفي الخِنْصَرِ: الأُسَيْلِمُ، "والحَبَلُ" اسْمٌ مُشْتَرَكٌ فَخَصَّصَهُ بِالإضافَةِ إلى الوَرِيدِ، ولَيْسَ هَذا بِإضافَةِ الشَيْءِ إلى نَفْسِهِ، بَلْ هي كَإضافَةِ الجِنْسِ إلى نَوْعِهِ، كَما تَقُولُ: لا يَجُوزُ حَيُّ الطَيْرِ بِلَحْمِهِ.
وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ﴾ فَقالَ المُفَسِّرُونَ: العامِلُ فِي: "إذْ" هو "أقْرَبُ"، ويُحْتَمَلُ عِنْدِي أنْ يَكُونَ العامِلُ فِيهِ فِعْلًا مُضْمَرًا تَقْدِيرُهُ: اذْكُرْ إذْ يَتَلَقّى، ويَحْسُنُ هَذا المَعْنى لِأنَّهُ أخْبَرَ خَبَرًا مُجَرَّدًا بِالخَلْقِ، والعِلْمُ بِخَطِراتِ الأنْفُسِ، والقُرْبُ بِالقُدْرَةِ والمِلْكِ، فَلَمّا تَمَّ الإخْبارُ، أخْبَرَ بِذِكْرِ الأحْوالِ الَّتِي تُصَدِّقُ هَذا الخَبَرَ وتُبَيِّنُ وُرُودَهُ عِنْدَ السامِعِ، فَمِنها: ﴿إذْ يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ﴾، ومِنها مَجِيءُ سَكْرَةِ المَوْتِ، ومِنها النَفْخُ في الصُورِ، ومِنها مَجِيءُ كُلِّ نَفْسٍ. و"المُتَلَقِّيانِ": المَلِكانِ المُوَكِّلانِ بِكُلِّ إنْسانٍ، مَلَكُ اليَمِينِ الَّذِي يَكْتُبُ الحَسَناتِ، ومَلَكُ الشِمالِ الَّذِي يَكْتُبُ السَيِّئاتِ، قالَ الحَسَنُ: الحَفَظَةُ أرْبَعَةٌ: اثْنانِ بِالنَهارِ واثْنانِ بِاليَلِّ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
ويُؤَيِّدُ ذَلِكَ الحَدِيثُ « "يَتَعاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَيْلِ ومَلائِكَةٌ بِالنَهارِ"...» الحَدِيثُ بِكامِلِهِ. ويُرْوى أنَّ مَلَكَ اليَمِينِ أمِيرٌ عَلى مَلَكِ الشِمالِ، وأنَّ العَبْدَ إذا أذْنَبَ يَقُولُ مَلَكُ اليَمِينِ لِلْآخَرِ: تُثْبَتُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ، رَواهُ إبْراهِيمُ التِيْمِيُّ وسُفْيانُ الثَوْرِيُّ، و"قَعِيدٌ" مَعْناهُ: قاعِدٌ، وقالَ قَوْمٌ هو بِمَنزِلَةِ "أكِيلٌ" فَهو بِمَعْنى مَقاعِدٌ وقالَ الكُوفِيُّونَ: أرادَ "قُعُودًا" فَجُعِلَ الواحِدُ مَوْضِعَ الجِنْسِ، والأوَّلُ أصْوَبُ لِأنَّ المَقاعِدَ إنَّما يَكُونُ عِنْدَ قُعُودِ (p-٤٠)الإنْسانِ، والقاعِدُ يَكُونُ قاعِدًا عَلى كُلِّ هَيْئاتِ الإنْسانِ، وقالَ مُجاهِدٌ: قَعِيدٌ رَصْدٌ، ومَذْهَبٌ سِيبَوَيْهِ أنَّ التَقْدِيرَ: عَنِ اليَمِينِ قَعِيدٌ وعَنِ الشِمالِ قَعِيدٌ، فاكْتَفى بِذِكْرِ الآخَرِ عن ذِكْرِ الأوَّلِ، ومِثْلُهُ عِنْدَهُ:
؎ .................... وعِزَّةُ مَمْطُولٍ مُعَنًّى غَرِيمُها
ومِثْلُهُ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ:
؎ إنِّي ضَمِنتُ لِمَن أتانِي ما جَنى ∗∗∗ وأبِي فَكانَ وكُنْتُ غَيْرَ غَدُورٍ
وهَذِهِ الأمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ، ومَذْهَبُ المُبَرِّدِ أنَّ التَقْدِيرَ: عَنِ اليَمِينِ قَعِيدٌ وعَنِ الشِمالِ، فَأخِرُّ "قَعِيدٌ" عن مَكانِهِ، ومَذْهَب الفَرّاءِ أنَّ لَفْظَ "قَعِيدٌ" يَدُلُّ عَلى الِاثْنَيْنِ والجَمْعِ فَلا يَحْتاجُ إلى تَقْدِيرٍ غَيْرِ الظاهِرِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ﴾ قالَ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ، وقَتادَةُ: يَكْتُبُ المَلِكانِ الكَلامَ، فَيُثْبِتُ اللهُ مِن ذَلِكَ الحَسَناتِ والسَيِّئاتِ ويَمْحُو غَيْرَ ذَلِكَ، وهَذا هو ظاهِرُ الآيَةِ. قالَ أبُو الجَوْزاءِ، ومُجاهِدٌ: يَكْتُبانِ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ حَتّى أنِينَهُ في مَرَضِهِ، (p-٤١)وَقالَ عِكْرِمَةُ: المَعْنى: ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ خَيْرٍ أو شَرٍّ، وأمّا ما خَرَجَ عن هَذا فَإنَّهُ لا يَكْتُبُ، والأوَّلُ أصْوَبُ، ورُوِيَ أنَّ رَجُلًا قالَ لِجَمَلِهِ: "حَلْ"، فَقالَ مَلِكُ اليَمِينِ: لا أكْتُبُها، وقالَ مَلِكُ الشِمالِ: لا أكْتُبُها، فَأوحى اللهُ تَعالى إلى مَلَكِ الشِمالِ أنِ اكْتُبْ ما تَرَكَ مَلَكُ اليَمِينِ، ورُوِيَ نَحْوُهُ عن هِشامٍ الحِمْصِيِّ، وهَذِهِ اللَفْظَةُ إذا اعْتُبِرَتْ فَهي بِحَسَبَ مَشِيئَتِهِ بِبَعِيرِهِ، فَإنْ كانَ في طاعَةٍ فَإنْ "حَلَّ" حَسَنَةً، وإنْ كانَ في مَعْصِيَةٍ فَهي سَيِّئَةٌ، والمُتَوَسِّطُ بَيْنَ هَذَيْنَ عَسِيرُ الوُجُودِ، ولا بُدَّ أنْ يَقْتَرِنَ بِكُلِّ أحْوالِ المَرْءِ قَرائِنُ تُخَلِّصُها لِلْخَيْرِ أو لِخِلافِهِ، وحَكى الثَعْلَبِيُّ عن عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ النَبِيُّ ﷺ: «إنَّ مَقْعَدَ المَلَكَيْنِ عَلى الثَنِيَّتَيْنِ، فَقَلَمُهُما اللِسانُ ومِدادُهُما الرِيقُ،» وقالَ الضَحّاكُ والحَسَنُ: مَقْعَدُهُما تَحْتَ الشَعْرِ، وكانَ الحَسَنُ يُحِبُّ أنْ يُنَظِّفَ عُنْفُقَتَهُ لِذَلِكَ، قالَ الحَسَنُ: حَتّى إذا ماتَ المَرْءُ طُوِيَتْ صَحِيفَتُهُ، وقِيلَ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ: ﴿اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: ١٤]، عَدَلَ واللهِ مَن جَعَلَهُ حَسِيبَ نَفْسِهِ. و"الرَقِيبُ": المُراقِبُ، و"العَتِيدُ": الحاضِرُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: "وَجاءَتْ" عَطْفٌ عِنْدِي- عَلى قَوْلِهِ تَعالى: "إذْ يَتَلَقّى"، فالتَقْدِيرُ: وإذْ تَجِيءُ سَكْرَةُ المَوْتِ، وجَعَلَ الماضِي في مَوْضِعِ المُسْتَقْبَلِ تَحْقِيقًا وتَثْبِيتًا لِلْأمْرِ، وهو أحَثُّ عَلى الِاسْتِعْدادِ واسْتِشْعارِ القُرْبِ، وهَذِهِ طَرِيقَةُ العَرَبِ في ذَلِكَ، ويُبَيِّنُ هَذا في قَوْلِهِ: ﴿وَنُفِخَ في الصُورِ﴾، ﴿وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ فَإنَّها صَيْرُورَةٌ بِمَعْنى الِاسْتِقْبالِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو: ﴿وَجاءَتْ سَكْرَةُ﴾ بِإدْغامِ التاءِ في السِينِ، وسَكْرَةُ المَوْتِ: ما يَعْتَرِي الإنْسانُ عِنْدَ نِزاعِهِ، والناسُ فِيها مُخْتَلِفَةٌ أحْوالُهُمْ، لَكِنْ لِكُلِّ واحِدٍ سَكْرَةٌ، وكانَ (p-٤٢)رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَقُولُ: في "إنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَراتٌ"» وقَوْلُهُ تَعالى: "بِالحَقِّ" مَعْناهُ: بِلِقاءِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى وفَقْدِ الحَياةِ الدُنْيا، وفي مُصْحَفِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "وَجاءَتْ سَكْرَةُ الحَقِّ بِالمَوْتِ"، وقَرَأها ابْنُ جُبَيْرٍ، وطَلْحَةُ، ويُرْوى أنَّ أبا بَكْرٍ الصَدِيقَ قالَها لِابْنَتِهِ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُما، وذَلِكَ أنَّها قَعَدَتْ عِنْدَ رَأْسِهِ تَبْكِي وهو يُنازِعُ فَقالَتْ:
؎ لَعَمْرُكَ ما يُغْنِي الثَراءُ عَنِ الفَتى ∗∗∗ إذا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وضاقَ بِها الصَدْرُ
فَفَتَحَ أبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ عَيْنَهُ وقالَ: لا تَقُولِي هَكَذا وقُولِي: "وَجاءَتْ سَكْرَةُ الحَقِّ بِالمَوْتِ ذَلِكَ ما كُنْتَ مِنهُ تَحِيدُ"، وقَدْ رُوِيَ هَذا الحَدِيثُ عَلى مَشاهِيرِ القُرّاءِ: ﴿وَجاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ﴾ فَقالَ أبُو الفَتْحِ: إنْ شِئْتَ عَلَّقْتَ الباءَ بِـ "جاءَتْ" كَما تَقُولُ: "جِئْتُ بِزَيْدٍ"، أيْ: سُقْتُهُ، وإنْ شِئْتَ كانَتْ بِتَقْدِيرٍ: ومَعَها المَوْتُ.
(p-٤٣)واخْتَلَفَ المُتَأوِّلُونَ في مَعْنى: "وَجاءَتْ سَكْرَةُ الحَقِّ بِالمَوْتِ" -فَقالَ الطَبَرِيُّ - وحَكاهُ الثَعْلَبِيُّ، الحَقُّ: اللهُ تَعالى، وفي إضافَةُ السَكْرَةِ إلى اسْمِ اللهِ تَعالى بُعْدٌ، وإنْ كانَ ذَلِكَ سائِغًا مِن حَيْثُ هي خَلْقٌ لَهُ، ولَكِنَّ فَصاحَةَ القُرْآنِ ورَصْفَهُ لا يَأْتِي فِيهِ هَذا، وقالَ بَعْضُ المُتَأوِّلِينَ: المَعْنى: وجاءَتْ سَكْرَةُ فِراقِ الحَياةِ بِالمَوْتِ، وفِراقِ الحَياةِ حَقٌّ يَعْرِفُهُ الإنْسانُ ويَحِيدُ مِنهُ بِأمَلِهِ، ومَعْنى هَذا الحَيْدِ أنَّهُ يَقُولُ: أعِيشُ كَذا وكَذا، فَمَتى فَكَّرَ في قُرْبِ المَوْتِ حادَ بِذِهْنِهِ وأمَلِهِ إلى مَسافَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَ الزَمَنِ، وأيْضًا فَحَذَرُ المَرْءِ وتَحَرُّزاتُهُ ونَحْوُ هَذا حَيْدٌ كُلُّهُ. وقَدْ تَقَدَّمَ القَوْلُ في النَفْخِ في الصُوَرِ مِرارًا، و"يَوْمُ الوَعِيدِ" هو يَوْمُ القِيامَةِ، وأضافَهُ إلى الوَعِيدِ تَخْوِيفًا.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وشَهِيدٌ﴾، قَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: "مَحا" بِالحاءِ مُثَقَّلَةً، و"السائِقُ": الحاثُّ عَلى السَيْرِ، واخْتَلَفَ الناسُ في السائِقِ والشَهِيدِ، فَقالَ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ، ومُجاهِدٌ، وغَيْرُهُما: مَلَكانِ مُوَكَّلانِ بِكُلِّ إنْسانٍ، أحَدُهُما يَسُوقُهُ، والآخَرُ مِن حَفَظَتِهِ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، وقالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: السائِقُ مَلَكٌ، والشَهِيدُ العَمَلُ، وقالَ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ: السائِقُ مَلَكٌ، والشَهِيدُ النَبِيُّ ﷺ، قالَ: وقِيلَ: الشَهِيدُ الكِتابُ الَّذِي يَلْقاهُ مَنشُورًا، وقالَ بَعْضُ النُظّارِ: "سائِقٌ" اسْمُ جِنْسٍ، و"شَهِيدٌ" كَذَلِكَ، فالساقَةُ لِلنّاسِ مَلائِكَةٌ يُوَكَّلُونَ بِذَلِكَ، والشُهَداءُ الحَفَظَةُ في الدُنْيا وكُلُّ ما يَشْهَدُ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، والضَحّاكُ: السائِقُ مَلَكٌ، والشَهِيدُ جَوارِحُ الإنْسانِ، وهَذا يَبْعُدُ عَلى ابْنِ عَبّاسٍ رِضى اللهُ عنهُما لِأنَّ الجَوارِحَ إنَّما تَشْهَدُ بِالمَعاصِي، وقَوْلُهُ تَعالى: "كُلُّ نَفْسٍ" يَعُمُّ الصالِحِينَ، فَإنَّما مَعْناهُ: وشَهِيدٌ بِخَيْرِهِ، وشَرِّهِ، ويَقْوى فِي: "شَهِيدٌ" اسْمُ الجِنْسِ، فَتَشْهَدُ بِالخَيْرِ المَلائِكَةُ والبِقاعُ، ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: « "لا يَسْمَعُ مَدى صَوْتِ المُؤَذِّنِ إنْسٌ ولا جِنٌّ ولا شَيْءٌ إلّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ"،» وكَذَلِكَ تَشْهَدُ بِالشَرِّ (p-٤٤)المَلائِكَةُ والبِقاعُ والجَوارِحُ، وقالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: السائِقُ مَلَكٌ والشَهِيدُ العَمَلُ، وقالَ ابْنُ مُسْلِمٍ: السائِقُ شَيْطانٌ، حَكاهُ عنهُ الثَعْلَبِيُّ، والقَوْلُ في كِتابِ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، وهو ضَعِيفٌ.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِیدِ","إِذۡ یَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّیَانِ عَنِ ٱلۡیَمِینِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِیدࣱ","مَّا یَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَیۡهِ رَقِیبٌ عَتِیدࣱ","وَجَاۤءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَ ٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِیدُ","وَنُفِخَ فِی ٱلصُّورِۚ ذَ ٰلِكَ یَوۡمُ ٱلۡوَعِیدِ","وَجَاۤءَتۡ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّعَهَا سَاۤىِٕقࣱ وَشَهِیدࣱ"],"ayah":"وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِیدِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق