الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وجاهَدُوا بِأمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصادِقُونَ﴾ ﴿قُلْ أتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكم واللهُ يَعْلَمُ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ واللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أنْ أسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إسْلامَكم بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكم أنْ هَداكم لِلإيمانِ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ﴿إنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَماواتِ والأرْضِ واللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ "إنَّما" في هَذِهِ الآيَةِ حاصِرَةٌ تُعْطِي ذَلِكَ المَعْنى. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا﴾ أيْ: لَمْ يَشُكُّوا في إيمانِهِمْ، ولَمْ يُداخِلْهم رَيْبٌ، وهُمُ الصادِقُونَ إذْ جاءَ فِعْلُهم مُصَدِّقًا لِقَوْلِهِمْ. ثُمَّ أمَرَ اللهُ تَعالى نَبِيَّهُ ﷺ بِتَوْبِيخِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿أتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ﴾ أيْ بِقَوْلِكُمْ: "آمَنّا" وهو يَعْلَمُ مِنكم خِلافَ ذَلِكَ لِأنَّهُ العَلِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أنْ أسْلَمُوا﴾ نَزَلَتْ في بَنِي أسَدٍ أيْضًا، وذَلِكَ أنَّهم قالُوا في بَعْضِ الأوقاتِ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إنّا آمَنّا بِكَ واتَّبَعْناكَ ولَمْ نُحارِبْكَ كَما فَعَلَتْ مُحارِبُ وحَصْفَةُ وهَوازِنُ وغَطَفانُ وغَيْرُهُمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، حَكاهُ الطَبَرِيُّ وغَيْرُهُ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "يُمَنُّونَ عَلَيْكَ إسْلامَهُ". وقَوْلُهُ تَعالى: "أنْ" يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مِن أجْلِهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكم أنْ هَداكم لِلإيمانِ﴾ أيْ: بِزَعْمِكم إذْ تَقُولُونَ آمَنّا، فَقَدْ لَزِمَكم أنَّ اللهَ تَعالى مانَّ عَلَيْكُمْ، ويَدُلُّكَ عَلى هَذا المَعْنى قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾، فَعَلَّقَ عَلَيْهِمُ الحُكْمَيْنِ: هم مَمْنُونٌ عَلَيْهِمْ عَلى الصِدْقِ، وأهْلٌ أنْ يَقُولُوا أسْلَمْنا مِن حَيْثُ هم كَذَبَةٌ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ: "إذْ هَداكُمْ". وقَوْلُهُ تَعالى: "يَمُنُّ عَلَيْكُمْ" يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى: يُنْعِمُ، كَما تَقُولُ: مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى: يَذْكُرُ إحْسانَهُ فَيَجِيءُ مُعادِلًا لِـ "يَمُنُّونَ عَلَيْكَ"، وقالَ الناسُ قَدِيمًا: إذا كَفَرَتِ النِعْمَةُ حَسُنَتِ المِنَّةُ، وإنَّما المِنَّةُ المُبْطِلَةُ لِلصَّدَقَةِ المَكْرُوهَةِ ما وقَعَ دُونَ كُفْرِ النِعْمَةِ. (p-٢٨)وَقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، ونافِعٌ، وشَيْبَةُ، وقَتادَةُ، وابْنُ وثّابٍ: "تَعْمَلُونَ" بِالتاءِ عَلى الخِطابِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وعاصِمٌ -فِي رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ -: "بِما يَعْمَلُونَ" بِالياءِ مِن تَحْتٍ عَلى ذِكْرِ الغائِبِ كَمُلَ تَفْسِيرُ سُورَةِ الحُجُراتِ والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ كَمُلَ تَفْسِيرُ الحُجُراتِ والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب