الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإنْ بَغَتْ إحْداهُما عَلى الأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إلى أمْرِ اللهِ فَإنْ فاءَتْ فَأصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالعَدْلِ وأقْسِطُوا إنَّ اللهِ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكم واتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾
"طائِفَتانِ" مَرْفُوعٌ بِإضْمارِ فِعْلٍ، والطائِفَةُ: الجَماعَةُ، وقَدْ تَقَعُ عَلى الواحِدِ، واحْتَجَّ (p-١٣)لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنهم طائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢]، ورَأى بَعْضُ الناسِ أنَّهُ يُجْزى أنْ يَشْهَدَ حَدّا الزُناةِ رَجُلٌ واحِدٌ، فَهَذِهِ الآيَةُ الحُكْمُ فِيها في الأفْرادِ وفي الجَماعاتِ واحِدٌ.
واخْتَلَفَ الناسُ في سَبَبِ هَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ أنَسُ بْنُ مالِكٍ والجُمْهُورُ: سَبَبُها ما وقَعَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ والمُتَحَزِّبِينَ مِنهم أيْضًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولٍ حِينَ «مَرَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ وهو مُتَّجِهٌ لِزِيارَةِ سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ في مَرَضِهِ، فَقالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أبِيٍّ لَمّا غَشِيَهُ حِمارُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنا، ولَقَدْ آذانا نَتَنُ حِمارِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَواحَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ الحَدِيثَ بِطُولِهِ فَتَلاحى الناسُ حَتّى وقَعَ بَيْنَهم ضَرْبٌ بِالجَرِيدِ، ويُرْوى بِالحَدِيدِ.»
وقالَ أبُو مالِكٍ، والحُسْنُ: سَبَبُها: أنَّ فِرْقَتَيْنِ مِنَ الأنْصارِ وقَعَ بَيْنَهُما قِتالٌ، فَأصْلَحَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْدَ جُهْدٍ ونَزَلَتِ الآيَةُ في ذَلِكَ.
وقالَ السَدِّيُّ: كانَتْ بِالمَدِينَةِ امْرَأةٌ مِنَ الأنْصارِ يُقالُ لَها أُمُّ بَدْرٍ، ولَها زَوْجٌ مِن غَيْرِهِمْ، فَوَقَعَ بَيْنَهُما شَيْءٌ أوجَبَ أنْ يَأْنَفَ لَها قَوْمُها ولَهُ قَوْمُهُ، فَوَقَعَ قِتالٌ نَزَلَتِ الآيَةُ بِسَبَبِهِ.
(p-١٤)وَ"بَغَتْ" مَعْناهُ: طَلَبَتِ العُلُوَّ بِغَيْرِ الحَقِّ، ومُدافِعَةَ الفِئَةِ الباغِيَةِ تَتَوَجَّهُ في كُلِّ حالٍ، وأمّا التَهَيُّؤُ لِقِتالِها فَمَعَ الوُلاةِ، وقِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أمُشْرِكُونَ أهْلُ صِفِّينَ والجَمَلِ؟ قالَ: لا، مِنَ الشِرْكِ فَرُّوا، قِيلَ: أفَمُنافِقُونَ؟ قالَ: لا، لِأنَّ المُنافِقِينَ لا يَذْكُرُونَ اللهَ إلّا قَلِيلًا، قِيلَ: فَما حالُهُمْ؟ قالَ: إخْوانُنا بَغَوْا عَلَيْنا، وقالَ النَبِيُّ ﷺ: « "حُكْمُ اللهِ تَعالى في الفِئَةِ الباغِيَةِ ألّا يَجْهَزَ عَلى جَرِيحٍ، ولا يُطْلَبُ هارِبٌ، ولا يُقْتَلُ أسِيرٌ".» و"تَفِيءَ" مَعْناهُ: تَرْجِعُ، و"الإقْساطُ": الحُكْمُ بِالعَدْلِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ﴾، يُرِيدُ إخْوَةَ الدِينِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ مِنَ القُرّاءِ: "بَيْنَ أخَوَيْكُمْ" وذَلِكَ رِعايَةً لِحالِ أقَلِّ عَدَدٍ يَقَعُ فِيهِ القِتالُ والتَشاجُرُ، والجَماعَةُ مَتى قَصَدُوا الإصْلاحَ فَإنَّما هو بَيْنَ رَجُلَيْنِ رَجُلَيْنِ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، والحُسَنُ - بِخِلافٍ عنهُ-: "بَيْنَ إخْوَتِكُمْ"، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ وزَيْدُ بْنُ ثابِتٍ، وابْنُ سِيرِينَ، والحَسَنُ، وعاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ، وثابِتٌ البَنّانِيُّ وحَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ: "بَيْنَ إخْوانِكُمْ"، وهي حَسَنَةٌ لِأنَّ الأكْثَرَ مِن جَمْعِ الأخَ في الدِينِ ونَحْوِهِ مِن غَيْرِ النَسَبِ إخْوانٌ، والأكْثَرُ مِنَ النَسَبِ إخْوَةٌ وإخاءٌ، قالَ الشاعِرُ:
؎ وجَدْتُمْ أخاكم بَيْنَنا إذْ نَسِيتُمُ وأيُّ بَنِي الإخاءِ تَنْبُو مُناسَبُهْ؟
وقَدْ تَتَداخَلُ هَذِهِ الجُمُوعُ، وكُلُّها في كِتابِ اللهِ تَعالى، فَمِنهُ: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ﴾، (p-١٥)وَمِنهُ "أو بُيُوتُ إخْوانِكُمْ"، فَهَذا جاءَ عَلى الأقَلِّ مِنَ الِاسْتِعْمالِ.
{"ayahs_start":9,"ayahs":["وَإِن طَاۤىِٕفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی حَتَّىٰ تَفِیۤءَ إِلَىٰۤ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَاۤءَتۡ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوۤا۟ۖ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ","إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَ أَخَوَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ"],"ayah":"إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَ أَخَوَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق