الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوكم عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ والهَدْيَ مَعْكُوفًا أنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ولَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ ونِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهم أنْ تَطَئُوهم فَتُصِيبَكم مِنهم مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ في رَحْمَتِهِ (p-٦٨٢)مَن يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنهم عَذابًا ألِيمًا﴾ ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّةِ فَأنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وعَلى المُؤْمِنِينَ وألْزَمَهم كَلِمَةَ التَقْوى وكانُوا أحَقَّ بِها وأهْلَها وكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ يُرِيدُ اللهَ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أهْلُ مَكَّةَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَصَدُّوكم عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ هو مَنعُهُمُ النَبِيَّ ﷺ وأصْحابَهُ مِنَ العُمْرَةِ عامَ الحُدَيْبِيَةِ، وذَلِكَ «أنَّ النَبِيَّ ﷺ خَرَجَ مِنَ المَدِينَةِ في ذِي القِعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الهِجْرَةِ يُرِيدُ العُمْرَةَ وتَعْظِيمَ البَيْتِ، وخَرَجَ مَعَهُ بِمِائَةِ بَدَنَةٍ،» قالَهُ النَقّاشُ، وقِيلَ: بِسَبْعِينَ، قالَهُ المُسَوِّرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، ومَرْوانُ بْنُ الحَكَمِ، «فَلَمّا دَنا مِن مَكَّةَ قالَ أهْلُ مَكَّةَ: هَذا مُحَمَّدُ الَّذِي قَدْ حارَبَنا وقَتَلَ فِينا يُرِيدُ أنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مُراغَمَةً لَنا، واللهِ لا تَرْكَناهُ حَتّى نَمَوْتَ دُونَ ذَلِكَ، فاجْتَمَعُوا لِحَرْبِهِ واسْتَنْجَدُوا بِقَبائِلَ مِنَ العَرَبِ وهُمُ الأحابِيشُ، وبَعَثُوا فَغَوَّرُوا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ المِياهَ الَّتِي تُقَرِّبُ مِن مَكَّةَ، فَجاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتّى نَزَلَ عَلى بِئْرِ الحُدَيْبِيَةِ، وحِينَئِذٍ وضَعَ سَهْمَهُ في الماءِ فَجَرى غَمْرًا حَتّى كَفى الجَيْشُ، ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ إلى مَكَّةَ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وبَعَثَ أهْلُ مَكَّةَ إلَيْهِ رِجالًا مِنهم عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وبَدِيلُ بْنُ ورْقاءَ، وتَوَقَّفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ هُناكَ أيّامًا حَتّى سَفَرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وبِهِ انْعَقَدَ الصُلْحُ عَلى أنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عنهم ويَعْتَمِرَ مِنَ العامِ القادِمِ، فَهَذا كانَ صَدُّهم إيّاهُ،» وهو مُسْتَوْعِبٌ في كُتُبِ السِيَرِ، فَلِذَلِكَ اخْتَصَرْناهُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "والهَدْيَ" بِسُكُونِ الدالِ، وقَرَأ الأعْرَجُ، والحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ: "والهَدِيُّ" بِكَسْرِ الدالِّ وشَدِّ الياءِ، وهُما لُغَتانِ، وهو مَعْطُوفٌ عَلى الضَمِيرِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَصَدُّوكُمْ﴾، أيْ: وصَدُّوا الهَدْيَ، و"مَعْكُوفًا" حالٌ، ومَعْناهُ: مَحْبُوسًا، تَقُولُ: عَكَفْتُ الرَجُلَ عن حاجَتِهِ إذا حَبَسْتُهُ، وقَدْ قالَ أبُو عَلِيٍّ: إنَّ "عَكَفَ" لا يَعْرِفُهُ مُتَعَدِّيًا، وحَكى ابْنُ سِيدَهْ وغَيْرُهُ تَعَدِّيهِ، وهَذا العَكْفُ الَّذِي وقَعَ لِلْهَدْيِ كانَ مِن قِبَلِ المُشْرِكِينَ بِصَدِّهِمْ، ومِن قِبَلِ المُسْلِمِينَ لِرُؤْيَتِهِمْ وتَصَرُّفِهِمْ في أمْرِهِمْ فَحَبَسُوا هَدْيَهُمْ، و"أنْ" في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَعْمَلَ فِيها الصَدُّ، كَأنَّهُ تَعالى قالَ: وصَدُّوا الهَدْيَ كَراهَةَ أنْ، أو عن أنْ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَعْمَلَ فِيها العَكْفُ، فَتَكُونُ "أنْ" مَفْعُولًا مِن أجْلِهِ، أيِ الهَدْيُ المَحْبُوسُ لِأجْلِ أنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ، وهَذا هو حَبْسُ المُسْلِمِينَ، وإلّا فَحَبْسُ المُشْرِكِينَ لَيْسَ لِأجْلِ أنْ يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ. و﴿ "مَحِلَّهُ":﴾ مَكَّةُ والبَيْتُ. (p-٦٨٣)وَذَكَرَ اللهُ تَعالى العِلَّةَ في أنَّ صَرْفَ المُسْلِمِينَ ولَمْ يُمَكِّنْهم مِن دُخُولِ مَكَّةَ في تِلْكَ الوُجْهَةِ، وهو أنَّهُ كانَ بِمَكَّةَ مُؤْمِنُونَ، رِجالٌ ونِساءٌ، خَفِيَ إيمانُهُمْ، فَلَوِ اسْتَباحَ المُسْلِمُونَ بَيْضَتَها أهْلَكُوا أُولَئِكَ المُؤْمِنِينَ، قالَ قَتادَةُ: فَدَفَعَ اللهُ تَعالى عَنِ المُشْرِكِينَ بِبَرَكَةِ أُولَئِكَ المُؤْمِنِينَ، وقَدْ يَدْفَعُ بِالمُؤْمِنِينَ عَنِ الكُفّارِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَمْ تَعْلَمُوهُمْ﴾ صِفَةٌ لِلْمَذْكُورِينَ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْ تَطَئُوهُمْ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ بَدَلًا مِن "رِجالٌ"، كَأنَّهُ تَعالى قالَ: ولَوْلا قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ أنْ تَطَؤُوهُمْ، أيْ: لَوْلا وطْئُكم قَوْمًا مُؤْمِنِينَ، فَهو عَلى هَذا في مَوْضِعِ رَفْعٍ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ في مَوْضِعِ نَصْبٍ بَدَلًا مِنَ الضَمِيرِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَمْ تَعْلَمُوهُمْ﴾، كَأنَّهُ تَعالى قالَ: لَمْ تَعْلَمُوا وطْأهم أنَّهُ وطْءُ المُؤْمِنِينَ، والوَطْءُ هُنا: الإهْلاكُ بِالسَيْفِ وغَيْرِهِ، عَلى وجْهِ التَشْبِيهِ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ: ؎ ووَطِئْتَنا وطْئًا عَلى حَنَقِ ∗∗∗ وطْءَ المُقَيَّدِ نابَتَ الهَرْمِ ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: « "اللهُمَّ، اشْدُدْ وطْأتَكَ عَلى مُضَرٍ"،»، ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: « "إنَّ آخِرَ وطْأةِ الرَبِّ يَوْمَ وجٍّ بِالطائِفِ"؛» لِأنَّها كانَتْ آخِرَ وقْعَةٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ، ذَكَرَ هَذا المَعْنى النَقّاشُ. (p-٦٨٤)وَ "المَعَرَّةُ": السُوءُ والمَكْرُوهُ اللاصِقُ، مَأْخُوذٌ مِنَ العَرِّ والعُرَّةِ وهي الجَرَبُ الصَعْبُ اللازِمُ. واخْتَلَفَ الناسُ في تَعْيِينِ هَذِهِ المَعَرَّةِ، فَقالَ ابْنُ زَيْدٍ: هي المَأْثَمُ، وقالَ ابْنُ إسْحاقَ: هي الدِيَةُ، وهَذانَ ضَعِيفانِ لِأنَّهُ لا إثْمَ ولا دِيَةَ في قَتْلِ مُؤْمِنٍ مَسْتُورِ الإيمانِ مِن أهْلِ الحَرْبِ، وقالَ الطَبَرِيُّ - حَكاهُ الثَعْلَبِيُّ -: هي الكَفّارَةُ، وقالَ مُنْذِرٌ: المَعَرَّةُ: أنْ يَعِيبَهُمُ الكُفّارُ ويَقُولُوا: قَتَلُوا أهْلَ دِينِهِمْ، وقالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: هي المَلامُ والقَوْلُ في ذَلِكَ وتَألُّمِ النَفْسِ مِنهُ في باقِي الزَمانِ، وهَذِهِ أقْوالُ حَسّانَ، وجَوابُ "لَوْلا" مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لَمَكَّنّاكم مِن دُخُولِ مَكَّةَ وأيَّدْناكم عَلَيْهِمْ، وقَرَأ الأعْمَشُ: "فَتَنالُكم مِنهُ مَعَرَّةٌ". واللامُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ "لِيُدْخِلَ"﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ مِنَ القَوْلِ تَقْدِيرُهُ: لَوْلا هَؤُلاءِ لَدَخَلْتُمْ مَكَّةَ، لَكِنْ شَرَّفَنا هَؤُلاءِ المُؤْمِنِينَ بِأنْ رَحِمْناهم ودَفَعْنا بِسَبَبِهِمْ عن مَكَّةَ لِيُدْخِلَ اللهُ تَعالى، أيْ: لِيُبَيِّنَ لِلنّاظِرِ أنَّ اللهَ تَعالى يُدْخِلَ في رَحْمَتِهِ مَن يَشاءُ، أو أيْ: لِيَقَعَ دُخُولُهم في رَحْمَةِ اللهِ تَعالى ودَفُعُهُ عنهُمْ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَتَعَلَّقَ بِالإيمانِ المُتَقَدِّمِ الذِكْرِ، فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ: ولَوْلا قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ آمَنُوا لِيُدْخِلَ اللهُ في رَحْمَتِهِ، وهَذا مَذْكُورٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ "مَن يَشاءُ"﴾ يَضْعُفُ هَذا التَأْوِيلُ. ثُمَّ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ أيْ: لَوْ ذَهَبُوا عن مَكَّةَ، تَقُولُ: زَيَّلْتُ زَيْدًا عن مَوْضِعِهِ إزالَةً، أيْ أذْهَبْتُهُ، ولَيْسَ هَذا الفِعْلُ مِن "زالَ يَزُولُ"، وقَدْ قِيلَ: هو مِنهُ، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ وقَتادَةُ: [تُزايِلُوا] بِألِفٍ بَعْدَ الزايِ، أيْ: ذَهَبَ هَؤُلاءِ عن هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ عن هَؤُلاءِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ "مِنهُمْ"﴾ لِبَيانِ الجِنْسِ إذا كانَ الضَمِيرُ في [تَزَيَّلُوا] لِلْجَمِيعِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ، وقالَ النَحّاسُ: وقَدْ قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ﴾ الآيَةُ، يُرِيدُ (p-٦٨٥)تَعالى مَن في أصْلابِ الكافِرِينَ مَن سَيُؤْمِنُ في غابِرِ الدَهْرِ، وحَكاهُ الثَعْلَبِيُّ والنَقّاشُ عن عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ عَنِ النَبِيِّ ﷺ مَرْفُوعًا. والعامِلُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ جَعَلَ﴾ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَعَذَّبْنا﴾ ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: أذْكُرْ إذْ جَعَلَ، و"الحَمِيَّةَ" الَّتِي جَعَلُوها هي حَمِيَّةُ أهْلِ مَكَّةَ في الصَدِّ، قالَ الزُهْرِيُّ: وحَمِيَّةُ سُهَيْلٍ ومَن شاهَدَ عَقْدَ الصُلْحِ في أنْ مَنَعُوا أنْ يَكْتُبَ "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ" ولَجُوا حَتّى كَتَبَ "بِاسْمِكَ اللهُمَّ"، وكَذَلِكَ مَنَعُوا أنْ يَكْتُبَ "هَذا ما قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ" ولَجُوا حَتّى قالَ ﷺ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: « "امْحُ واكْتُبْ: هَذا ما قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ..." الحَدِيثُ،» وجَعَلَها تَعالى حَمِيَّةً جاهِلِيَّةً لِأنَّها كانَتْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وفي غَيْرِ مَوْضِعِها؛ لِأنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَوْ جاءَهم مُحارِبًا لَعَذَرُوا في حَمِيَّتِهِمْ، وإنَّما جاءَ مُعَظِّمًا لِلْبَيْتِ لا يُرِيدُ حَرْبًا، فَكانَتْ حَمِيَّتُهم جاهِلِيَّةً صِرْفًا. و"السَكِينَةُ" هي الطُمَأْنِينَةُ إلى أمْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ والثِقَةُ بِوَعْدِ اللهِ تَعالى، والطاعَةُ وزَوالُ الأنَفَةِ الَّتِي لَحِقَتْ عُمَرَ وغَيْرَهُ. و﴿ "كَلِمَةَ التَقْوى"﴾ قالَ الجُمْهُورُ: "هِيَ لا إلَهَ إلّا اللهُ"، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَبِيِّ ﷺ، وقالَ عَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ: هي "لا إلَهَ إلّا اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وهو عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وقالَ أبُو هُرَيْرَةَ وعَطاءٌ الخُراسانِيُّ: هي لا إلَهَ إلّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ. وقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ: هِيَ "لا إلَهَ إلّا اللهُ، واللهُ أكْبَرُ"، وحَكاهُ الثَعْلَبِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُما، وهَذِهِ كُلُّها أقْوالٌ مُتَقارِبَةٌ حِسانٌ ؛ لِأنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ تَقِي النارَ، فَهي كَلِمَةُ التَقْوى، وقالَ الزُهْرِيُّ عَنِ المُسَوِّرِ، ومَرْوانَ: كَلِمَةُ التَقْوى المُشارُ إلَيْها هِيَ: "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ"، وهي الَّتِي أباها كُفّارُ قُرَيْشٍ فَألْزَمَها اللهُ المُؤْمِنِينَ وجَعَلَهم أحَقَّ بِها، وُ"لا إلَهَ إلّا اللهُ" أحَقُّ بِاسْمِ "كَلِمَةَ التَقْوى" مِن "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ."، وفي مُصْحَفِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "وَكانُوا أهْلَها وأحَقَّ بِها"، والمَعْنى: كانُوا أهْلَها عَلى الإطْلاقِ في عِلْمِ اللهِ تَعالى وسابِقِ قَضائِهِ لَهُمْ، وقِيلَ: أحَقَّ بِها مِنَ اليَهُودِ والنَصارى في الدُنْيا، وقِيلَ: أهْلُها في الآخِرَةِ بِالثَوابِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ إشارَةً إلى عِلْمِهِ بِالمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ دَفَعَ عن كَفّارِ قُرَيْشٍ بِسَبَبِهِمْ، (p-٦٨٦)وَإلى عِلْمِهِ بِوَجْهِ المَصْلَحَةِ في صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ، فَيُرْوى أنَّهُ لَمّا انْعَقَدَ، أمِنَ الناسُ في تِلْكَ المُدَّةِ الحَرْبَ والفِتْنَةَ، وامْتَزَجُوا، وعَلَتْ دَعْوَةُ الإسْلامِ، وانْقادَ إلَيْهِ كُلُّ مَن كانَ لَهُ فَهْمٌ مِنَ العَرَبِ، وزادَ عَدَدُ الإسْلامِ أضْعافَ ما كانَ قَبْلَ ذَلِكَ، ويَقْتَضِي ذَلِكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ في عامِ الحُدَيْبِيَةِ في أرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةٍ، ثُمَّ سارَ إلى مَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعامَيْنِ في عَشَرَةِ آلافِ فارِسٍ، ﷺ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب