الباحث القرآني
(p-٦٣٨)بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةُ مُحَمَّدٍ
هَذِهِ السُورَةُ مَدَنِيَّةٌ بِإجْماعٍ، غَيْرَ أنَّ بَعْضَ الناسِ قالَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَكَأيِّنْ مِن قَرْيَةٍ هي أشَدُّ قُوَّةً مِن قَرْيَتِكَ الَّتِي أخْرَجَتْكَ﴾ [محمد: ١٣] الآيَةُ: إنَّها نَزَلَتْ بِمَكَّةَ في وقْتِ دُخُولِ النَبِيِّ ﷺ فِيها عامَ الفَتْحِ أو سَنَةَ الحُدَيْبِيَةِ، وما كانَ مِثْلَ هَذا فَهو مَعْدُودٌ في المَدَنِيِّ؛ لِأنَّ المُراعى في ذَلِكَ إنَّما هو ما كانَ قَبْلَ الهِجْرَةِ أو بَعْدَها.
قوله عزّ وجلّ:
﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عن سَبِيلِ اللهِ أضَلَّ أعْمالَهُمْ﴾ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصالِحاتِ وآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وهو الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ كَفَّرَ عنهم سَيِّئاتِهِمْ وأصْلَحَ بالَهُمْ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الباطِلَ وأنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ مِن رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أمْثالَهُمْ﴾
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآيَةُ، إشارَةٌ إلى أهْلِ مَكَّةَ الَّذِينَ أخْرَجُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ، وقَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَةُ، إشارَةٌ إلى الأنْصارِ أهْلِ المَدِينَةِ الَّذِينَ آوَوْهُ، وفي الطائِفَتَيْنِ نَزَلَتِ الآيَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ. ثُمَّ هي بَعْدُ تَعُمُّ كُلَّ مَن دَخَلَ تَحْتَ ألْفاظِها.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَصَدُّوا عن سَبِيلِ اللهِ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ الفِعْلَ المُجاوِزَ، فَيَكُونُ المَعْنى: وصَدُّوا غَيْرَهُمْ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ الفِعْلُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، فَيَكُونُ المَعْنى: وصَدُّوا أنْفُسَهُمْ، و"سَبِيلِ اللهِ": شَرْعُهُ وطَرِيقُهُ الَّذِي دَعا إلَيْهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أضَلَّ أعْمالَهُمْ﴾ أيْ: (p-٦٣٩)أتْلَفَها، ولَمْ يَجْعَلْ لَها غايَةَ خَيْرٍ ولا نَفْعًا، ورُوِيَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ بَدْرٍ، وأنَّ الإشارَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿أضَلَّ أعْمالَهُمْ﴾ هي إلى الإنْفاقِ الَّذِي أنْفَقُوهُ في سَفْرَتِهِمْ إلى بَدْرٍ، وقِيلَ: المُرادُ بِالأعْمالِ أعْمالُهُمُ البَرَّةُ في الجاهِلِيَّةِ، مِن صِلَةِ رَحِمٍ ونَحْوِهِ، واللَفْظُ يَعُمُّ جَمِيعَ ذَلِكَ.
وقَرَأ الناسُ: "نُزِّلَ" بِضَمِّ النُونِ وشَدِّ الزايِ، وقَرَأ الأعْمَشُ: "أنْزَلَ" مُعَدًّى بِالهَمْزَةِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأصْلَحَ بالَهُمْ﴾، قالَ قَتادَةُ: مَعْناهُ: حالُهُمْ، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: أمَرَهُمْ، وقالَ مُجاهِدٌ: شَأْنُهُمْ، وتَحْرِيرُ التَفْسِيرِ في اللَفْظَةِ أنَّها بِمَعْنى الفِكْرِ والمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ نَظَرُ الإنْسانِ وهو القَلْبُ، فَإذا صَلَحَ ذَلِكَ صَلُحَتْ حالُهُ، فَكَأنَّ اللَفْظَةَ مُشِيرَةٌ إلى صَلاحِ عَقِيدَتِهِمْ، وغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الحالِ تابِعٌ، فَقَوْلُكَ: "خَطَرَ في بالِي كَذا" وقَوْلُكَ: "أصْلَحَ اللهُ بالَكَ"، المُرادُ بِهِما واحِدٌ، ذَكَرَهُ المَبَرِّدُ، و"البالُ": مَصْدَرٌ كالحالِ والشَأْنِ، ولا يُسْتَعْمَلُ مِنها فِعْلٌ، وكَذَلِكَ عُرْفُهُ أنْ لا يُثَنّى ولا يُجْمَعُ، وقَدْ جاءَ مَجْمُوعًا لَكِنَّهُ شاذٌّ؛ فَإنَّهم قالُوا: بِآلاتٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ "كَذَلِكَ"﴾ إشارَةٌ إلى الأتْباعِ المَذْكُورِ مِنَ الفَرِيقَيْنِ، أيْ: كَما اتَّبَعُوا عَلى هَذَيْنَ السَبِيلَيْنِ كَذَلِكَ يَبِينُ أمْرُ كُلِّ فِرْقَةٍ، ويَجْعَلُ لَها ضَرَبَها مِنَ القَوْلِ وصِنْفًا، وضَرْبُ المَثَلِ مَأْخُوذٌ مِنَ الضَرِيبِ والضَرْبُ الَّذِي هو بِمَعْنى النَوْعِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ","وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَءَامَنُوا۟ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدࣲ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡبَـٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَـٰلَهُمۡ"],"ayah":"ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡبَـٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَـٰلَهُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق