الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿ذَلِكَ بِأنَّهم كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأخَذَهُمُ اللهُ إنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ العِقابِ﴾ ﴿وَلَقَدْ أرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ ﴿إلى فِرْعَوْنَ وهامانَ وقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ ﴿فَلَمّا جاءَهم بِالحَقِّ مِن عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ واسْتَحْيُوا نِساءَهم وما كَيْدُ الكافِرِينَ إلا في ضَلالٍ﴾
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ "ذَلِكَ"﴾ إشارَةٌ إلى أخْذِهِ إيّاهم بِذُنُوبِهِمْ وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهم مِنهُ واقٍ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعالى أنَّ السَبَبَ في إهْلاكِهِمْ هو ما قُرَيْشٌ عَلَيْهِ مِن أنْ جاءَهم رَسُولٌ مِنَ اللهِ بِبَيِّناتٍ مِنَ المُعْجِزاتِ والبَراهِينِ فَكَفَرُوا بِهِ، وذَكَرَ أنَّ اللهَ تَعالى أخْذَهُمْ، ووَصَفَ نَفْسَهُ (p-٤٣٤)بِالقُوَّةِ وشِدَّةِ العِقابِ، وهَذا كُلُّهُ بَيانٌ في وعِيدِ قُرَيْشٍ.
ثُمَّ ابْتَدَأ تَبارَكَ وتَعالى قِصَّةَ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ مَعَ فِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ، وهي قِصَّةٌ فِيها لِلنَّبِيِّ ﷺ تَسْلِيَةٌ وأُسْوَةٌ، وفِيها لِقُرَيْشٍ والكَفّارُ بِهِ وعِيدٌ ومَثّالٌ يَخافُونَ مِنهُ أنْ يَحِلَّ بِهِمْ ما حَلَّ بِأُولَئِكَ مِنَ النِقْمَةِ، وفِيها لِلْمُؤْمِنِينَ وعْدٌ ورَجاءٌ في النَصْرِ والظَفَرِ وحَمْدُ عاقِبَةِ الصَبْرِ. وآياتُ مُوسى كَثِيرَةٌ، عُظْمُها والَّذِي عَرَضَهُ عَلى جِهَةِ التَحَدِّي: العَصا واليَدُ، فَوَقَعَتِ المُعارَضَةُ في العَصا وحْدَها، ثُمَّ انْفَصَلَتِ القَضِيَّةُ عن إيمانِ السَحَرَةِ وغَلَبَةِ الكافِرِينَ. و"السُلْطانُ": البُرْهانُ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ: "سُلُطانٍ" بِضَمِ اللامِ، والناسُ عَلى سُكُونِها. وخَصَّ تَعالى هامانَ وقارُونَ بِالذِكْرِ تَنْبِيهًا عَلى مَكانِهِما مِنَ الكُفْرِ، ولِكَوْنِهِما أشْهَرَ رِجالِ فِرْعَوْنَ، وقِيلَ: إنَّ قارُونَ هَذا لَيْسَ بِقارُونَ بَنِي إسْرائِيلَ، وقِيلَ: هو ذَلِكَ، ولَكِنَّهُ كانَ مُنْقَطِعًا إلى فِرْعَوْنَ خادِمًا مُسْتَعِينًا مَعَهُ. وقَوْلُهُ: ﴿ "ساحِرٌ"﴾ أيْ في أمْرِ العَصا، و"كَذّابٌ" في قَوْلِهِ: إنِّي رَسُولٌ مِنَ اللهِ.
ثُمَّ أخْبَرَ تَعالى عنهم أنَّهم لَمّا جاءَهم مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ بِالنُبُوَّةِ والحَقِّ مِن عِنْدِ اللهِ، قالَ هَؤُلاءِ الثَلاثَةُ وأجْمَعَ رَأْيُهم عَلى أنْ يُقْتَلَ أبْناءُ بَنِي إسْرائِيلَ أتْباعُ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ وشُبّانُهم وأهْلُ القُوَّةِ مِنهُمْ، وأنْ تُسْتَحْيى النِساءُ لِلْخِدْمَةِ والِاسْتِرْقاقِ، وهَذا رُجُوعٌ مِنهم إلى نَحْوِ القَتْلِ الأوَّلِ الَّذِي كانَ قَبْلَ مِيلادِ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ، ولَكِنَّ هَذا الأخِيرَ لَمْ يَتِمَّ لَهم عَزْمُهم فِيهِ، ولا أعانَهُمُ اللهُ تَعالى عَلى شَيْءٍ مِنهُ، قالَ قَتادَةُ: هَذا قَتْلٌ غَيْرُ الأوَّلِ الَّذِي كانَ حَذَرَ المَوْلُودِ، وسَمَّوْا مَن ذَكَرْنا مِن بَنِي إسْرائِيلَ أبْناءَ كَما تَقُولُ لِأفْخاذِ القَبِيلَةِ أوِ المَدِينَةِ وأهْلِ الظُهُورِ فِيها: هَؤُلاءِ أبْناءُ فُلانَةٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما كَيْدُ الكافِرِينَ إلا في ضَلالٍ﴾ عِبارَةٌ وجِيزَةٌ تُعْطِي قُوَّتَها أنَّ هَؤُلاءِ الثَلاثَةَ لَمْ يُقْدِرْهُمُ اللهُ تَعالى عَلى قَتْلِ أحَدٍ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، ولا نَجَحَتْ لَهم سِعايَةٌ فِيهِمْ، بَلْ أضَلَّ اللهُ سَعْيَهم وكَيْدَهم.
{"ayahs_start":22,"ayahs":["ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانَت تَّأۡتِیهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَكَفَرُوا۟ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ قَوِیࣱّ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ","وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔایَـٰتِنَا وَسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینٍ","إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَقَـٰرُونَ فَقَالُوا۟ سَـٰحِرࣱ كَذَّابࣱ","فَلَمَّا جَاۤءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوا۟ ٱقۡتُلُوۤا۟ أَبۡنَاۤءَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡیُوا۟ نِسَاۤءَهُمۡۚ وَمَا كَیۡدُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ إِلَّا فِی ضَلَـٰلࣲ"],"ayah":"فَلَمَّا جَاۤءَهُم بِٱلۡحَقِّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوا۟ ٱقۡتُلُوۤا۟ أَبۡنَاۤءَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ وَٱسۡتَحۡیُوا۟ نِسَاۤءَهُمۡۚ وَمَا كَیۡدُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ إِلَّا فِی ضَلَـٰلࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق