الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى:
﴿وَإنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلا مِن سَعَتِهِ وكانَ اللهُ واسِعًا حَكِيمًا﴾ ﴿وَلِلَّهِ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ ولَقَدْ وصَّيْنا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم وإيّاكم أنِ اتَّقُوا اللهَ وإنْ تَكْفُرُوا فَإنَّ لِلَّهِ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ وكانَ اللهَ غَنِيًّا حَمِيدًا﴾ ﴿وَلِلَّهِ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ وكَفى بِاللهِ وكِيلا﴾ ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكم أيُّها الناسُ ويَأْتِ بِآخَرِينَ وكانَ اللهُ عَلى ذَلِكَ قَدِيرًا﴾
اَلضَّمِيرُ في قَوْلِهِ "يَتَفَرَّقا"؛ لِلزَّوْجَيْنِ اللَذَيْنِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُما؛ أيْ: "إنْ شَحَّ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما؛ فَلَمْ يَتَصالَحا؛ لَكِنَّهُما تَفَرَّقا بِطَلاقٍ؛ فَإنَّ اللهَ تَعالى يُغْنِي كُلَّ واحِدٍ مِنهُما عن صاحِبِهِ بِفَضْلِهِ؛ ولَطائِفِ صُنْعِهِ؛ في المالِ؛ والعِشْرَةِ؛ والسَعَةِ؛ وجُودِ المُراداتِ؛ والتَمَكُّنِ مِنها؛ وذَهَبَ بَعْضُ الفُقَهاءِ المالِكِيِّينَ إلى أنَّ التَفَرُّقَ في هَذِهِ الآيَةِ هو بِالقَوْلِ؛ إذِ الطَلاقُ قَوْلٌ؛ واحْتَجَّ بِهَذِهِ عَلى قَوْلِ النَبِيِّ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: « "اَلْبَيِّعانِ بِالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا"؛» إذْ مَذْهَبُ مالِكٍ في الحَدِيثِ أنَّهُ التَفَرُّقُ بِالقَوْلِ؛ لا بِالبَدَنِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: ولا حُجَّةَ في هَذِهِ الآيَةِ؛ لِأنَّ إخْبارَها إنَّما هو عَنِ افْتِراقِهِما بِالأبْدانِ؛ وتَراخِي المُدَّةِ بِزَوالِ العِصْمَةِ؛ والإغْناءُ إنَّما يَقَعُ في ثانِي حالٍ؛ ولَوْ كانَتِ الفُرْقَةُ في الآيَةِ الطَلاقَ لَما كانَ لِلْمَرْأةِ فِيها نَصِيبٌ يُوجِبُ ظُهُورَ ضَمِيرِها في الفِعْلِ؛ وهَذِهِ نُبْذَةٌ مِنَ المُعارَضَةِ في المَسْألَةِ؛ و"اَلْواسِعُ"؛ مَعْناهُ: اَلَّذِي عِنْدَهُ خَزائِنُ كُلِّ شَيْءٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِلَّهِ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ﴾ ؛ تَنْبِيهٌ عَلى مَوْضِعِ الرَجاءِ لِهَذَيْنِ المُفْتَرِقَيْنِ؛ ثُمَّ جاءَ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَإنْ تَكْفُرُوا فَإنَّ لِلَّهِ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ﴾ ؛ (p-٤١)تَنْبِيهًا عَلى اسْتِغْنائِهِ عَنِ العِبادِ؛ ومُقَدِّمَةٌ لِلْخَبَرِ بِكَوْنِهِ "غَنِيًّا حَمِيدًا"؛ ثُمَّ جاءَ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلِلَّهِ ما في السَماواتِ وما في الأرْضِ؛ وكَفى بِاللهِ وكِيلا﴾ ؛ مُقَدِّمَةٌ لِلْوَعِيدِ؛ فَهَذِهِ وُجُوهُ تَكْرارِ هَذا الخَبَرِ الواحِدِ ثَلاثَ مَرّاتٍ مُتَقارِبَةٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ وصَّيْنا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ ؛ لَفْظٌ عامٌّ لِكُلِّ مَن أُوتِيَ كِتابًا؛ فَإنَّ وصِيَّةَ اللهِ عِبادَهُ بِالتَقْوى لَمْ تَزَلْ مُنْذُ أوَجَدَهُمْ؛ و"اَلْوَكِيلُ": اَلْقائِمُ بِالأُمُورِ؛ المُنْفِذُ فِيها ما رَآهُ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أيُّها الناسُ﴾ ؛ مُخاطَبَةٌ لِلْحاضِرِينَ مِنَ العَرَبِ؛ وتَوْقِيفٌ لِلسّامِعِينَ؛ لِتَحَضُّرِ أذْهانِهِمْ؛ وقَوْلُهُ: "بِآخَرِينَ"؛ يُرِيدُ: مِن نَوْعِكُمْ؛ ورُوِيَ عن أبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - بِيَدِهِ عَلى كَتِفِ سَلْمانَ الفارِسِيِّ ؛ وقالَ: "هم قَوْمُ هَذا"؛» وتَحْتَمِلُ ألْفاظُ الآيَةِ أنْ تَكُونَ وعِيدًا لِجَمِيعِ بَنِي آدَمَ؛ ويَكُونَ الآخَرُونَ مِن غَيْرِ نَوْعِهِمْ؛ كَما قَدْ رُوِيَ: أنَّهُ كانَ في الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَعْبُدُونَ اللهَ قَبْلَ بَنِي آدَمَ؛ وقُدْرَةُ اللهِ تَعالى عَلى ما ذُكِرَ تَقْضِي بِها العُقُولُ بِبَداهَتِها؛ وقالَ الطَبَرِيُّ: هَذا الوَعِيدُ والتَوْبِيخُ هو لِلْقَوْمِ الَّذِينَ شَفَّعُوا في طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ؛ وخاصَمُوا عنهُ في أمْرِ خِيانَتِهِ في الدِرْعِ؛ والدَقِيقِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهَذا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ؛ واللَفْظُ إنَّما يَظْهَرُ حُسْنُ رَصْفِهِ بِعُمُومِهِ؛ وانْسِحابِهِ عَلى العالَمِ جُمْلَةً؛ أوِ العالَمِ الحاضِرِ.
{"ayahs_start":130,"ayahs":["وَإِن یَتَفَرَّقَا یُغۡنِ ٱللَّهُ كُلࣰّا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَ ٰسِعًا حَكِیمࣰا","وَلِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ وَصَّیۡنَا ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِیَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ وَإِن تَكۡفُرُوا۟ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِیًّا حَمِیدࣰا","وَلِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلًا","إِن یَشَأۡ یُذۡهِبۡكُمۡ أَیُّهَا ٱلنَّاسُ وَیَأۡتِ بِـَٔاخَرِینَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَ ٰلِكَ قَدِیرࣰا"],"ayah":"وَلِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق